قال رئيس حزب جبهة المستقبل، فاتح بوطبيق، إن رئيس الجمهورية ماضٍ بسفينة الجزائر نحو بر الأمان مهما كانت الظروف.
وفي حوار مع “سبق برس”، تطرّق بوطبيق لأبرز النقاط والملفات التي ناقشها مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال استقباله بمقر رئاسة الجمهورية، مشددا على أهمية الحفاظ على المُنجزات والتوجه بقوة نحو مزيد من الإصلاحات في ظل جو من الهدوء والاستقرار.
كما عرّج فاتح بوطبيق، الذي استقبلنا في مكتبه بالمجلس الشعبي الوطني، إلى نقاط أخرى هامة على غرار ملف الانتخابات المحلية المُسبقة، العلاقات الخارجية، متطرقا كذلك إلى أداء الحكومة.
ماهي أبرز الملفات التي ناقشتموها مع رئيس الجمهورية ؟
كان لنا الشرف أننا اُستقبلنا من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في إطار سلسلة المشاورات التي يجريها مع الأحزاب والطبقة السياسية. استمعنا بإسهاب لأهم التفاصيل التي تمر بها الحياة الاقتصادية بصفة عامة داخل وخارج البلاد، كما أننا رفعنا انشغالاتنا بكل موضوعية في إطار ما نعيشه اليوم وما نتوصل إليه من خلال الفاعلين في المجتمع سواء كمنتخبين أو إطارات.
وجدنا الرئيس تبون مُلمّا بتفاصيل الملفات، حيث عبّر عن طموحه بأنه ماضٍ بسفينة الجزائر نحو بر الأمان مهما كانت الظروف.
الجزائر اليوم بهذه النظرة الإستراتيجية والاستقرار والتواصل بين المؤسسات والأداء والأخلاق التي تشهدها الجزائر منذ سنة 2019 ليومنا هذا، ماضية لخلق مستقبل واعد في إطار إستراتيجية وطنية على أساس تحول اقتصادي قوي والابتعاد عن التبذير ومحاربة الفساد واستغلال الطاقات البشرية وإعطاء فرص للشباب الجزائري وتقوية الجبهة الداخلية.
الدولة الجزائرية بالمرصاد لكل الآثار السلبية التي قد تكون، ولا يخفى أن هناك تراكمات منذ عديد السنين، وهناك روية جديدة للدولة في كيفية التصدي للتراكمات، ونحن في حاجة للصبر والهدوء والاستقرار أكثر.
الرئيس عبّر عن إيمانه بانخراط الجميع لإصلاح الحياة السياسية والمؤسسات من أجل تقويتها والحفاظ على القوة والمناعة الوطنية، خاصة وأننا نعيش فترة إصلاحات في كافة المجالات.
هل تطرقتم إلى موضوع الانتخابات المحلية وإمكانية تنظيمها بشكل مُسبق ؟
رئيس الجمهورية يريد إصلاحا شاملا بما يعطي الدور الأساسي للمنتخب أينما كان، مع إشباع الحاجيات العامة وتلبية الرغبات وإعطاء الدور للمواطن حتى يسير الشأن الداخلي، هذا مبدأ دستوري وهي الورشة التي فتحها الرئيس في إطار قانون البلدية والولاية.
رئيس الجمهورية لديه رؤية لتثمين الإقليم، وبالتالي ورشة الانتخابات تبقى مفتوحة لغاية نهاية العهدة أو قبلها لكنها ليست أولوية.
لا يمكننا أن نتوجه ونُنظم انتخابات وفقط، الأولوية هي أن تكون لدينا روية إستراتيجية للجماعات المحلية لبناء نظرة جديدة بناء على انتخابات جديدة والابتعاد عن سلبيات الماضي وبعض الأمور التي حالت دون تحقيق الأهداف المُسطرة، ورئيس الجمهورية لديه روية في العمق لإصلاح الجماعات المحلية.
بالنسبة للملف الخارجي، ما هي المواقف التي سمعتموها من الرئيس بخصوص الأزمة مع فرنسا؟
رئيس الجمهورية متمسك بسيادة وحرية وكرامة الجزائر، ويعتبرها “خط أحمر” مهما كانت الظروف، الجزائر لديها اليوم مؤهلات وإمكانات ولم تعمل ضد كيان أو آخر، بل تريد أن تحقق مستقبلا أفضل لمواطنيها، كما تبقى فاتحة ذراعيها للجميع في إطار تبادل المنافع وفق القوانين والأعراف الدولية.
لا يمكن أن نؤمن بمستقبل أفضل للجزائريين وندوس على بعض القيم والأخلاق ونعطي لمن هب ودب الفرصة لينال من حرية وسيادة الجزائر.
رئيس الجمهورية، على رؤية تامة لما يحدث، ومؤسسات الجمهورية في توافق تام، كما أن الجزائر لديها باع في الساحة الدولية ورئاستها لمجلس الأمن لشهر جانفي، خير دليل على أنها تلعب دورها وباستطاعتها أن تعمل أكثر.
الجزائر قبلة لكل الحقوق والحريات وقبلة لتطبيق سليم للقوانين الدولية، ولا يمكن لمسؤولي دولة ما أن يتدخلوا في شأن داخلي للجزائر، رؤية الرئيس تبون رؤية دولة ووطن تم تحريره بناء على تضحيات جسام لمجاهدين وشهداء، وهي رؤية عزة بسيادة هذا الوطن ووفاء لثقة المواطنين والمواطنات، وبالتالي رئيس الجمهورية لا يستكين ولا يستهين بهذه الكرامة والسيادة.
الجزائر تتعامل بالندية في إطار تبادل المنافع وليست غالقة أبوابها ، كما أن الرئيس تبون غير مستعد لأن يتخلى عن تطبيق قوانين الجمهورية.
جبهة المستقبل غير موجودة في الحكومة.. هل نقلتم ملاحظات إلى الرئيس بخصوص الأداء الحكومي وهل لديكم تحفظات في هذا الجانب؟
نحن موجودون في الأغلبية الرئاسية وداعمون بعمق لبرنامج رئيس الجمهورية، سواء في الانتخابات الأخيرة أو في المجالس المنتخبة. رئيس الجمهورية لديه برنامج طموح وإصلاحي نؤمن به، بينما تبقى آليات تنفيذه مرتبطة باختيار الرئيس للكفاءات، وهو الوحيد الذي يمتلك صلاحية تقييم الإطارات والكفاءات حسب تقدم تنفيذ هذه المشاريع.
رئيس الجمهورية، يعي جيدا حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقه انطلاقا من ثقة الشعب، ودورنا يتمثل في التفاعل الآني واللحظي في إطار المؤسسات، وعلى ما أظن، التعديل الحكومي الذي قام به الرئيس، والمتمثل في حكومة كفاءات تكنوقراطية، أكيد سينجر عنه تقييم مرتبط أكثر بالثمار المرجوة، ولاسيما ونحن نعيش إصلاحات وتداعيات، إصلاحات تتمثل في قوانين وآليات وإجراءات جديدة، وتداعيات تكون أحيانا عكس الأهداف.
نحن مرتبطون بعلاقة سياسية قوية وهي رفع الانشغالات وكل لبس موجود على مستوى الواقع، وإيصال صوت المواطن إلى مؤسسات الجمهورية، ومن حق الرئيس أن يعرف كيف يُفكر المواطن ومن حقنا كأحزاب تبليغ الانشغالات في جو من الهدوء والاستقرار والطمأنينة.
الشيء الجميل هو أن رئيس الجمهورية كرّس تقاليد جديدة هي الحوار والتشاور ويضع الكثير من الملفات على طاولة النقاش، ويعتبر قائدا للورشات. كحزب لدينا رؤيتنا السياسية انطلاقا من برنامج الرئيس تبون، بينما قضية تقييم الأشخاص تبقى لرئيس الجمهورية. نحن نتكلم عن الأداء والثمار وعن أساليب أو عن تكهنات، والأكيد أن جبهة المستقبل لديها رؤية متعلقة بعمل تشاركي حقيقي بعيدا عن وضع الإشكالات أو التأزيم أو التأجيج أو التسويد، لا، نحن إيجابيون وموضعيون من خلال التقييم ورفع الانشغالات للمؤسسات ولرئيس الجمهورية.
كيف يمكن المُضي قدما ومواصلة درب الإصلاحات في ظل الظروف المحيطة بنا والأزمات التي يشهدها العالم ؟
رئيس الجمهورية عازم على المرور بسفينة الجزائر نحو بر الأمان، مهما كانت الظروف، يجب أن نصل إلى ثمار هذه الإصلاحات، الرئيس تبون أعطى قيمة إلى نسبة النمو الديمغرافي في الجزائر، ولاسيما مع تسجيل معدل مليون مولود سنويا، هذه كلها تحديات تجعل كاهل الدولة مُثقلا بواجبات أخرى خارج الواجبات الحالية، وبالتالي هناك نظرة استشرافية متعلقة بمسؤولية الدولة، وكيفية مواجهة التحديات في ظل هذه الأمواج التي تحيط بنا سواء على المستوى الإقليمي أو منطقة الساحل في إفريقيا.
الجزائر اليوم لديها رؤية متعلقة بالسيادة الوطنية وبالحرية بعيدا عن المديونية الخارجية وبتثمين الموارد لكي لا نصبح فريسة سهلة أمام القوى الخارجية ولا نصبح كذلك نوعا من السوق المبعثر والاستيراد الوهمي والمال الفاسد رئيس الجمهورية ماضٍ في ضبط الحياة الوطنية من خلال الإجراءات والأخلاق العامة وماضٍ للحفاظ على كرامة الوطن وسيادته من خلال تجنيب الجزائر المديونية وكل المآثر التي تدفعنا إلى الانحياز إلى بعض القوى أو محاولة إضعاف موقف الجزائر على المستوى الدولي أو الداخلي.