تطرق التقرير السنوي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان الصادر هذا الأسبوع، للوضعية الحقوقية في المنطقة العربية من بينها الجزائر، حيث انتقد التقرير الذي يسلط الضوء على أحداث سنتي 2013، 2014، بشدة إصلاحات الرئيس بوتفليقة وكذلك التضييق على الحريات خلال ما عرف بـ”العهدة الرابعة”.
تعديل دستوري طال أمده
جاء في مقدمة المحور الخاص بالجزائر أن “موجة الإصلاح السياسي والاجتماعي التي أطلقتـها الحكومـة الجزائرية في أعقاب الثورات والانتفاضات التي شهدا بلدان المنطقة منذ أواخر عام 2010 تراجعت ، فتباطأت عملية إصدار الدستور الجديد الموعود، ومالت التشريعات المعنية بالحريات إلى التقييد على حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات”.
وأوضح نص التقرير الخاص بالجزائر الذي كتبه مختار بن سعيد رئيس رابطة حقوق الإنسان لحساب المنظمة العربية لحقوق الإنسان أنه رغم ما تضمنته مسودة الدستور من إقرار للحريات والحقوق إلا أن العديد من القوى السياسية قاطعت المشاورات المتعلقة به بحكم الطريقة الانفرادية التي طبعت هذه المشاورات مما افقدها صفة التوافقية التي نادى بها الرئيس و المعارضة.
هذه الوضعية حسب المنظمة أدت الى تجميد كلي للمشاورات حيث لم يتم تعديل الدستور حتى الآن رغم وعود الرئيس لا عن طريق البرلمان و لا عن طريق الاستفتاء الشعبي.
قمع واعتقال المنددين بالعهدة الرابعة
تطرق نفس التقرير الى المناخ الذي طبع إعلان الرئيس ترشحه رغم تدهور صحته وموجة القمع التي تخللت المظاهرات المنددة بما عرف “بالعهدة الرابعة”، وأشار التقرير الى اعتقال كل من “حميدة عياشي” مدير صحيفة الجزائر نيوز التي توقفت عن الصدور، و”مصطفى هميسي” الكاتب الصحفي، و”حدة حزام” مديرة صحيفة الفجر خلال مشاركتهم في وقفة احتجاجية نظمتها حركة “بركات” احتجاجا على ترشيح الرئيس “بوتفليقة”، والمطالبة بإضفاء المزيد من الشفافية على الأمور السياسية مما يعتبر حسب كاتب التقرير انتهاكا لحرية وأمان الأشخاص.
كما أعاب التقرير استعمال القوة المفرطة في فض تجمعات احتجاجية ضد ترشيح بوتفليقة واعتقال العديد من الصحافيين من بينهم: “عبد النور بوخمخم”، و”راشدي رضوان”، و”زينب بن زيطة”، و”يوسف بعلوج” الذين يعملون بقناة الشروق، فضلاً عن آخرين من المشاركين في الوقفة.
وأضاف التقرير أن قوات الأمن أجهضت كافة الاحتجاجات التي انطلقت في مناطق مختلفة قبيل الانتخابات وفي أعقابها مستخدمة القوة المفرطة، الأمر الذي أدى إلى توقيف العشرات من السياسيين واعتقالهم وإصابة آخرين، في نفس الإطار صادف التقرير المرحلة التي صاحبت إعادة انتخاباب الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة وما تخللها من عدة انتهاكات لحقوق الانسان حيث تكلم التقرير على موجة التضييق والمنع المتواصل التي شهدتها حرية الراي والتعبير خاصة حادثة اقتحام قناة الأطلس التلفزيونية وغلقها ومصادرة كافة الأدوات والمعدات من كاميرات ووسائل تسجيل، واحتجاز العاملين بالقناة داخل المقر لبضع ساعات ومحاصرة المقر ، وذلك على خلفية قيام القناة بتغطية الاحتجاجات المعارضة لترشح الرئيس “عبد العزيز بوتفليقة” لولاية رابعة.
كما أصدرت السلطات الجزائرية (وزارة الاتصال) ، يضيف التقرير قرارا في 19 ماي 2013 يمنع صدور صحيفة “جريدتي” الصادرة باللغة العربية ونسختها الفرنسية “مون جورنال”، على خلفية نشرهما خبرا تناول تدهور صحة الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة” ودخوله في غيبوبة عميقة، كما ترتب على ذلك التحقيق مع “هشام عبود” مدير تحرير الصحيفة، ووجهت له النيابة العامة “المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي.
المطالبة بالإفراج عن عبد السميع عبد الحي
لم يستثن التقرير حالة بعض السجناء الذين يقبعون في السجن أو من صدرت في حقهم أحكام جائرة خاصة منهم النشطاء والصحافيين حيث تناولت المنظمة حالة عبد السميع عبد الحي الذي يقبع في السجن دون محاكمة منذ أكثر من 20 شهرا،على خلفية قيامه بالمساعدة في تهريب الصحفي “هشام عبود” مدير تحرير صحيفتي “جريدتي” و”مون جورنال” خارج الأراضي الجزائرية، والمطلوب في التحقيقات بشأن نشر أخبار حول تدهور صحة الرئيس الجزائري “بوتفليقة”، وعلى الرغم من أن الاتهامات الموجهة لـ”عبد الحي” تعتبر جنحة ويعاقب عليها بعقوبات بسيطة، فقد قوبلت ، يشير التقرير، التماسات محاميه بشأن الإفراج المشروط عنه بالرفض أكثر من مرة، فيما أفاد ذووه استمرار تدهور حالته الصحية والنفسية وإصابته بمرض “السكري” أثناء فترة احتجازه الممتدة منذ إلقاء القبض 18 أوت 2013، فيما تدخلت المنظمة لدى وزارة العدل الجزائرية للإفراج عنه أو إحالته إلى محاكمة عاجلة تتوافر فيها معايير العدالة والإنصاف، ولم يصلها أي ردود حتى وقت إعداد هذا التقرير.
كما ذكر التقرير إدانة المواطن الجزائري “يوسف ولد دادة”، لقيامه “بنشر صور وفيديوهات تمس بالمصلحة الوطنية وإهانة هيئة نظامية”، بدعوى قيامه بتصوير ونشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”.
و يعتبر هذا التقرير الأول من نوعه الذي يشير إلى الانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان التي تخللت “العهدة الرابعة”.