خبايا أزمة الأفلان ودور شقيق الرئيس بوتفليقة تنشر لأول مرة

PLAY
©
سبق برس

 

 

* سعداني سلم مفاتيح جبهة التحرير  الوطني إلى مستشار الرئيس

* فحوى اجتماع الثلاثي السعيد بوتفليقة- عبادة- سعداني

* جماعة بن فليس والاختلاف بين لوح وسعداني

* إستخلاف كتيبة بن لادن بشرطة BRI في القاعة البضاوية ونهاية معزوزي

 

 

11862940_982856321765629_1914906071_o (1)
إستقبال سعداني للسفير الفرنسي أكثر من مرة يثير التساؤلات

في خضم نقاش سياسي وإيديولوجي محتدم، حول قدرة رئيس الجمهورية وما يعانيه من متاعب صحية على الإمساك بزمام الحكم، مع تراجع رهيب في أسعار النفط وما يشكله ذلك من خطر على تماسك أركان الدولة، غذّته حمى إيديولوجية أخرى بين الداعين إلى استبدال اللغة العربية بالعامية على اختلاف مناطقها في الأطوار الأولى للتعليم الابتدائي، يقف الأمين العام للأفلان عمّار سعداني، في راحة من أمره لا يمسه في كل ما يجري نصب ولا لغو، بعد أن اختزل الحزب العتيد في شخصه وقضى على مواطن المعارضة فيه ولو بصفة ظرفية ومؤقتة .

كل القرائن التي وصلت ” سبق برس” والمعلومات التي جمعتها من أهم قيادات في الحزب المنتمين لطرفي الصراع، تؤكد بأن سعداني لم يحسم بعد أمره، في إحكام سيطرته على الأفلان، وإنما هي موازين القوى بين أجنحة السلطة، قد تتغير في أي لحظة، هذا الشيء الذي يدركه جيّدا معارضو سعداني بقيادة عبد الرحمان بلعياط، هذا الأخير الذي لم يكل أو يمل من جمع الخطايا القانونية التي ارتكبها سعداني قبل المؤتمر العاشر وبعده، مع توثيقها في ملف قد يكون غطاء قانونيا يتكئ عليه الطرف الذي يدعم بلعياط في إزاحة سعداني، وإعادة الأفلان إلى نقطة الصفر، تكرارا للتجربة التيس حدثت مع علي بن فليس، حيث تم إيداع شكوى لدى مجلس الدولة اليوم.

جميعي، طليبة، حساني، الثلاثي الذي نظم المؤتمر

11846262_982852201766041_359982773_n
أمين عام إتحاد الطلبة المكنى “بن لادن” رفقة سعداني في المؤتمر

قبيل أيام عن انعقاد المؤتمر العاشر، اعتكف رئيس الكتلة البرلمانية حاليا ورجل الأعمال، محمد جميعي، بأحد زوايا القاعة الشرفية بالقاعة البيضاوية التي احتضنت أشغال المؤتمر، في تلك القاعة المجهزة بأحدث الآلات الالكترونية المخصصة لصناعة شارات الدخول، كان جميعي وعدد من معاونيه يقوم بغربلة قوائم المندوبين ووضع اللّمسات الأخيرة على القوائم من اجل منع وإجهاض أي معارضة أو مقاومة لتوجه الأمين العام عمار سعداني .

وفي الحجرة التي تقابلها على بعد أمتار، اختار سعداني مكتبه رفقة مدير ديوانه سعد الدين فضيل، وجمال ولد عباس وبهاء الدين طليبة ويحيى حساني، هذه المجموعة كان لها القول الفصل في تسيير كل أطوار المؤتمر، كانت تدير خيوط اللعبة من بعيد، تركت صياغة اللوائح ومناقشتها لفئة من القيادات تسمى ” الفئة مثقفة” وهي كتلة صامتة لا يهمما شكل ولون القيادة بقدر ما يهمها التموقع في اللجنة المركزية، من بينها حسين خلدون، جمال بن حمودة، مسعود شيهوب، نور الدين السد، محمد بوعزارة، ومن أجل التنظيم استعان سعداني بالإتحاد الوطني للطلبة الجزائريين لتنظيم تسيير أشغال المؤتمر في القاعة وهو ما فشل فيه بسبب سوء سلوكات عناصره، وتجاوزات حدثت من طرف عدد من الشباب إستقدمهم أمين عام التنظيم، عبد اللطيف بوضياف المكنى بـ”بن لادن” وكانوا يأخذون الأوامر منه، أهمها حدوث مناوشات مع  مسؤولين  كبار في الدولة ومرافقيهم، هذا ما ادخل محافظ الشرطة المكلف بالسهر على أمن المسؤولين في حالة غضب كبيرة بسبب التجاوزات التي حدثت من طرف التنظيم الطلابي مما عجل بالاستعانة بعناصر من قوات التدخل للأمن الوطني  BRI الذي نجحوا في التحكم في زمام الأمور.

بلخادم انتهى، وتفاصيل حول لقاء سعداني –السعيد بوتفليقة- عبادة

248862244
آخر لقاء بين عمار سعداني وعبد العزيز بلخادم

قد يتساءل الجميع حول سرّ انقلاب عبد العزيز بلخادم في موقفه الداعم لسعداني في بداية الأمر إلى نقيض ذلك بمعارضة هذا الأخير التي وصلت حد استعمال ” البلطجية” من أجل المشاركة في إحدى دورات اللجنة المركزية بالأوراسي والتي منع بلخادم وحلفاؤه من المشاركة فيها، بالقوة من طرف بودي غارد انتدبهم سعداني من التنظيم الطلابي، الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين بزعامة “بن لادن” والذي سيكون له دور مهم في ضبط تنظيم المؤتمر العاشر في وقت لاحق.

ويشير مصدر مقرب من بلخادم إلى أن هذا الأخير أوصى حلفاءه في اللجنة المركزية بالموافقة على دعم سعداني في بادئ الأمر لأنه كان يعتقد أن سعداني سيفشل في نيل رضا جميع مكونات اللجنة المركزية مما سيفتح له سبل العودة من أوسع أبوابها متكئا في تحقيق هذا الغرض على ملفات الفساد التي اتهم بها سعداني وكذا الهالة التي أحدثها في مشاركته لإحدى التجمعات بالقاعة البيضاوية أين دخل سعداني في حالة ارتباك كبيرة أجبرته على مغادرة القاعة دون إتمام خطابه.

ويسرّ العارفون بشخصية بلخادم المتخفية وراء ذلك الرجل التقي الورع الذي اصطبغت جبهته بعلامات السجود، جنونه وشغفه إلى درجة العمى بكرسي الرئاسة، هذا الكرسي الذي أراد بلخادم أن يبلغه ممتطيا ظهر الأفلان، جعله يكسر كل قواعد النضال وإدارة ظهره للرجال المناضلين الذين وهبوا كل حياتهم خدمة للحزب -على حد وصف عضو مكتب سياسي سابق تحدثت معه سبق برس- وانتداب مجموعة من أصحاب المال صاروا فيما بعد سببا في نهاية تعيسة له مما ادخله مرة في ملاسنة كلامية حادة مع احد القيادات بسبب بهاء الدين طليبة الذي وضعه بلخادم نائب رئيس كتلة الأفلان بالبرلمان وهو الذي فاز بمقعد عن حزب آخر .

لكن المتتبع يرى بأن سعداني كان أذكى بكثير من بلخادم، بعد أن نجح في جمع شتات اللجنة المركزية حيث عقد لقاء مع عبد الكريم عبادة منسق الحركية التقويمية بحضور شقيق الرئيس ومستشاره السعيد بوتفليقة، قدّم فيه سعداني ضمانات لعبادة بإعادة بناء الحزب بموافقة شقيق الرئيس وفق تصريحات عبادة لمقربين منه، لكن عبادة وجد مكانته تتآكل يوما بعد يوم لأن سعداني استحكم جيدا على مفاصل الحزب، مما جعله  يعمل على تهميش عبادة .

نقطة أخرى نجح فيها سعداني وهي احتواؤه لقيادات جهرت بمساندتها لمرشح الرئاسيات علي بن فليس ومنهم من كان مديرا ولائيا لحملته الانتخابية في رئاسيات 2014 . وأراد سعداني من خلال هذه الخطوة استغلال مصداقية الكثير من الرجال الذين وقفوا إلى جانب بن فليس، على غرار بلقاسم منفوخ، عباس ميخاليف، بدر الدين بن الزيوش، نصير لطرش، والعديد من الإطارات الولائية، حيث ضرب سعداني عصفورين بحجر أولهما حضوته بدعم العديد منهم، وثانيهما حرمان بن فليس من ضمهم إلى حزبه طلائع الحريات قيد التأسيس، وقد حرص سعداني في هذا الإطار على وصول شارات دخول القاعة البيضاوية لحضور المؤتمر إلى منازل تلك القيادات لكسب ودها .

هل سيكون الطيب لوح بديلا توافقيا لطرفي السلطة المتصارعين على الأفلان 

11853050_982855928432335_1224494353_o

 

نجا الطيب لوح بأعجوبة من غضب الرئيس الذي نزل وبالا على الوزراء المقالين من الحكومة، بعد وصول أخبار إلى شقيقه الأصغر تفيد باجتماعهم في مقر الحزب بحيدرة وحديثهم عن مرض الرئيس، بعد الجلطة التي أصابت الرئيس ونقل على إثرها إلى المستشفى الفرنسي فال دوغراس، حيث أشار أحد مقربي الطيب لوح إليه بعدم الخوض في الموضوع والسكوت حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من مرض الرئيس .

وفجأة وجد الطيب لوح نفسه في موضع يتيح له التفكير في منصب الأمانة العامة وربما أكثر من ذلك، بعدما انهارت أصنام الأفلان التي جثمت طويلا على صدور المناضلين، حيث اصطفت القيادات الثقيلة حول بلعايط المعارض وبقيت القيادات من الصف الثاني مؤيدة لسعداني، وفي اجتماع سري له بمقر لجنة الشؤون القانونية بمقر المجلس الشعبي الوطني التي يرأسها عمار جيلاني بحضور كل من عبد الحميد سي عفيف وبوعلام جعفر ومحمد بخشي، ندّد الطيب لوح بممارسات سعداني خاصة التصريحات الإعلامية النارية التي أطلقها في حق رئيس جهاز الاستعلامات، وبعد سماعه بفحوى الاجتماع، قام سعداني بمكالمة لوح عبر الهاتف مرات عدة إلا أن لوح رفض رفع السماعة، مما أدخل سعداني في هستريا من الغضب وتوعد الطيب لوح بعزله من الحزب لكن لوح تحداه بأنه هو من يعزله من القياد العامة، ليتدخل شقيق الرئيس كعادته ويصلح بينهما. الطيب لوح انزعج كثيرا من استئناس سعداني بجماعة بن فليس، وجهر بهذا في كثير من المناسبات، ولعل الخطوة التي جعلت الطيب لوح أكثر سخطا من سعداني هو عدم الاعتداد برأيه في قضية جماعة بن فليس في المؤتمر العاشر بعد أن تدخل شخصيا للبت في الأمر مع سعداني في القاعة الشرفية بالقاعة البيضاوية لكن رد سعداني كان قاسيا هذه المرة ” لا دخل لك في القضية” بعدها ركب الطيب لوح سيارته غاضبا واتجه إلى مكتبه بوزارة العدل بالابيار في يوم السبت الذي هو يوم عطلة .

وقد تحدّى سعداني لوح بان عين كل رجال بن فليس دون استثناء، وبعث له برسالة قوية بتعيين غريمه وعدوه اللدود في ولاية تلمسان النائب بلقاسمي محمد كعضو باللجنة المركزية ومناداة اسمه مباشرة بعد اسم الطيب لوح نكاية في هذا الأخير، هذه المكيدة دبرها رئيس الكتلة محمد جميعي الذي كان يجند النواب لمقاطعة جلسات التصويت على مشاريع القوانين وزراة العدل مما ادخله مرة في صراع كلامي بألفاظ نابية مع وزير العلاقات مع البرلمان السابق خليل ماحي .

ولان العارف بمسار وزير العدل يدرك جيدا علاقته الوطيدة بجهاز الاستعلامات، هذه العلاقة تعززها ثقة رئيس الجمهورية الكبيرة في الطيب لوح، ونجاحه في تسوية قضايا الفساد الكبيرة، مما سيرفع من أسهم الطيب لوح في حال تمت تنحية سعداني من رأس على الأمانة العامة للأفلان وهو ما تؤشر عليه كل التوقعات .

 

معزوزي، وساطة الحاج… دموع في البداية وأخرى في النهاية

11874386_982856678432260_544977901_o
معزوزي في الصف الثاني خلال فعاليات المؤتمر بأوامر من سعداني

ذات مرة شوهد القيادي الأفلاني عبد الله الحاج صاعدا في سلالم مقر الجهاز بحيدرة بخطى متثاقلة لكبر سنّه، أياما فقط بعد تعيين سعداني أمينا عاما، قاصدا مكتب الأمين العام، حيث كان على موعد مع سعداني حاملا رسائل التودد والتقرب من معزوزي، هذا الأخير كان راكنا سيارته المرسيدس بأحد الزوايا أمام مقر الحزب بحيدرة ينتظر الرد من سعداني على العرض الذي قدمه عبد الله الحاج من أجل تولي معزوزي عضوية المكتب السياسي المكلف بالتنظيم .

ولأن سعداني يعرف جيدا طبيعة معزوزي، مثلما يعرفها جل الأفلانيين والسياسيين في الجزائر، فإنه لن يجد أحسن من ابن مدينة بسكرة لتولي مهمة تمزيق الأفلان وتشتيته إلى أجزاء بالمقابل طبعا، والكاتب ليس بأعلم من القارئ ما هو المقابل، وفي حديثه لأحد مقربيه قال معزوزي إن الدموع التي ذرفها عند تزكية سعداني أمينا عاما بالأوراسي كانت نتيجة شعوره بالظلم لأن بوتفليقة حرمه من ذلك المنصب لأنه هو أحق به من سعداني .

وبالفعل حظي معزوزي بثقة سعداني وتمكن من منصب عضو المكتب السياسي المكلف بالتنظيم، وبلغ من الحضوة ما بلغ، إلى أن جاءت خطة تقسيم المحافظات واستحداث أخرى جديدة وفق خارطة طريق مدروسة جيدا من طرف سعداني والأطراف التي ترسم له تحركاته، طبعا معزوزي لن يقول لا، لأن هذه الكلمة لا توجد في قاموسه ووافق على المهمة دون تردد بل حاول أن يصبغ عليها طابع “كسر الرتابة والجمود الذي ميز هياكل الأفلان في السنوات الأخيرة” .

كان هذا عنوان عملية إعادة الهيكلة التي استهلك فيها معزوزي أزيد من 50 ألف كلم متنقلا بين الولايات والمحافظات بسيارة الفولغساغن الألمانية، تجعل المتمعن جيدا يرى أن سعداني أراد طمس آثار غريمه بلخادم، وكسب ولاءات قيادية جديدة، كما وجد فيها معزوزي فرصة للاستثمار ولم لا الحصول على امتداد أكثر بين القيادات المحلية وانتداب أصحاب المال وهؤلاء لم يبخلوا على المكلف بالتنظيم بالهدايا والعطايا بعد أن فتح بهم باب التموقع من أوسع أبوابه . لكن الأقدار كانت تخبئ جزاء قاسيا لمعزوزي بعد أن تم تهميشه بطريق مهينة في التحضير وتنظيم المؤتمر، حيث فرض جميعي وحساني وطليبة وفضيل منطقهم بتهميش معزوزي وتضييق الخناق عليه وهو ما جعله يظهر في حالة يرثى لها لمن شاهده أيام المؤتمر العاشر بالقاعة البيضاوية، وزاده قساوة حذف كل أعضاء اللجنة المركزية الجديد المحسوبين عليه والقادمين من الولايات، ليختتم سعداني مسلسله بتجريده من مفاتيح المكتب والسيارة وطرده من مقر الحزب، لأن هناك من وسوس في أذن سعداني بأن معزوزي يفكر في الانقلاب عليه.