ملء الفراغ.. الثابت في سياسات واشنطن
طالعتنا الصحافة الأمريكية قبل يومين بخبرٍ بالغ الأهمية، مفادهُ أن واشنطن أعادت نحوا من ألف جندي أمريكي إلى قاعدة أغاديز بالنيجر يوم الأربعاء الماضي 26 يوليو/جويلية في نفس توقيت الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، أعقب ذلك تصريح لمسؤول كبير في الخارجية الأمريكية مفاده أن فرص عودة الرئيس بازوم للحكم ضئيلة، تصريحٌ فيه من واقعية الأمريكان الشيء الكثير.
في سياسة واشنطن الخارجية ثوابت لا تتغير مع تغير الإدارات وتعاقب الرؤساء، وأهم ذلك ضمان تفوق الولايات المتحدة وسعيها الدؤوب للتواجد في المناطق المفتاحية التي تمنحه التأثير اللازم لخدمة مصالحها وملء الفراغ الذي يخلفه خروج أو ضعف حلفائها.
مبدأ ملء الفراغ استحدثه الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور (1953-1961) عام 1957 سعيا من واشنطن لملء الفراغ الذي ترتب عن خروج القوات الإنجليزية والفرنسية من الشرق الأوسط بعد حرب السويس 1956، بهدف قطع الطريق على السوفيات ومنعهم من التغلغل في المنطقة ومقارعة أمريكا التي ورثت تواجد حلفاءها في المنطقة.
اليوم وبعد قرابة الــ 70 سنة لا يزال المبدأ ذاته يرسم تحركات واشنطن، فتواجد فرنسا في منطقة الساحل آخذ في التراجع بشكل كبير وقبضتها تراخت، بعد أحداث مالي وبوركينافاسو، كما أن المزاج الشعبي العام في غرب إفريقيا يرحب بالتواجد الروسي وهو ما تعيه واشنطن جيدا لذلك خرجت تنفي علنا وجود أي دور روسي في انقلاب النيجر، ليس حباً في غريمتها موسكو أكيد، ولكن لكيلا تزيد من تأثير روسيا في منطقة تتواجد في قلب اهتمام القوى الكبرى كلها.
فمن قواعد السياسة الدولية أن من يسيطر على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA (Middle East and North Africa) يتحكم في العالم.
بقلم: د. محمد دخوش