هل انتصر الأفلان على العسكر بعد ربع قرن من الهزيمة

PLAY
©
سبق برس

أعطى اليوم أمين عام جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، الصبغة الحزبية على حكومة عبد المالك سلال، وتفاخر الرجل أمام أعضاء اللجنة المركزية المجتمعين في فندق الأوراسي بأن الوزير الأول، عبد المالك سلال وأربعة عشر وزيرا ينتمون لحزب جبهة التحرير الوطني.

ويعيد هذا الاعتراف طرح إشكالية الحكم في الجزائر ومصدر القرار في ظل التصريح الشهير لسعداني قبل أشهر عديدة والذي قال إن الأفلان يملك الأغلبية لكنه لا يحكم،  قبل أن يتدافع أعضاء الحكومة إلى المؤتمر العاشر للحزب نهاية شهر ماي الفارط والذي تُوج فيه رئيس الجمهورية ،عبد العزيز بوتفليقة، رئيسا فعليا للحزب، وأصبح بذلك الحزب الذي غادر الحكومة مطلع التسعينات وتحول إلى صف المعارضة لعدة سنوات في زمن الأمين العام الراحل، عبد الحميد مهري، يمتلك السلطات الثلاثة في البلاد، التشريعية باعتباره مالكا للأغلبية البرلمانية والتنفيذية التي حسم تصريح سعداني اليوم كل جدل بخصوصها وكذلك القضائية باعتبار رئيس الحزب يحمل صفة القاضي الأول للبلاد.

ويبدو أن تغييرا كبيرا طرأ على الحزب الذي بقي وحيدا في الساحة لثلاث عقود بعد فجر الاستقلال حتى أطلق عليه صفة “الجهاز” الذي تدار به الدولة في زمن هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي  بعد تكريس مبدأ أولية العسكري على السياسي في بداية رسم معالم دولة الجزائر المستقلة، قبل أن تأتي أحداث أكتوبر الشهيرة وتضع الحزب في مواجهة فشل منظومة الحكم ليليها ما سماه رئيس الحكومة الأسبق سيد احمد غزالي تصويتا عقابيا ضد الأفلان في الانتخابات المحلية سنة 1991 والانتخابات التشريعية سنة 1992 والتي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، فوجد الحزب “الثوري” نفسه خارج الحكومة ومفاصل الدولة لأول مرة وجلس مهري في سانت إجيديو مع خصوم الحزب السابقين ليُطالب معهم بدولة ديمقراطية في عقد روما وهو ما شكل حسرة للكثيرين من أبناء الحزب ترجمها القيادي البارز عبد القادر حجار في مقولته الشهيرة” لقد كان منا الوزير والسفير.”

وواصل الحزب سيره عكس اتجاه موجة الربيع العربي التي أطاحت بالقذافي ومبارك وبن علي ودفعت بأحزابهم إلى المتحف، حيث حاز الأفلان في الانتخابات التشريعية التي أجريت في ربيع 2012 على الأغلبية البرلمانية وأعطى خصومه صعقة كهربائية تجاوزت 220 فولط على حد تعبير الممثل السابق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، قبل أن يتحول الحزب بعد أكثر من سنة إلى مواجهة جهاز المخابرات من خلال التصريح الناري لعمار سعداني وهو الحامل لصفة أمين عام الحزب لموقع إلكتروني إخباري وجه فيه اتهامات خطيرة للجنرال توفيق وصلت حد اتهامه بالتقصير في حادثتي اغتيال الرئيس بوضياف بعنابة ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية الحالي في باتنة، ودعاه لرفع وصايته على الأحزاب والإعلام.

تواصلت الحرب التي قادها سعداني على الرجل الأقوى في المؤسسة العسكرية لأكثر من سنتين وعاش الكثير من خصوم ابن ولاية الوادي على أمل تنحيته في أي لحظة وبقي الرجل اللغز الذي يتهم خصومه بالتورط في الفساد يرافع للدولة المدنية في كل مناسبة قابعا في معسكره في إنتظار اللحظة التاريخية التي هرم سعداني لأجلها، حيث أقيل مدير الاستخبارات من منصبه وغادر مكتبه بوزارة الدفاع وتوجه إلى بيته في حيدرة على مقربة من مكتب سعداني الذي حافظ على زعماته للحزب إلى الآن فهل انتصر الحزب على العسكر بعد ربع قرن من هزيمته الكبرى.