لقي منع الاحتلال المغربي ثلاثة برلمانيين أوروبيين من زيارة مدينة العيون المحتلة في انتهاك صارخ للقانون ومحاولة لإخفاء جرائمه بحق الصحراويين، إدانة واسعة من قبل جبهة البوليساريو وعدة منظمات حقوقية صحراوية التي طالبت الأمم المتحدة بتسريع تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال التعجيل بتنظيم استفتاء تقرير المصير.
وكان الاحتلال المغربي قد منع، أمس الخميس، وفدًا برلمانيًا أوروبيًا من دخول العيون المحتلة. ويضم الوفد كل من إيزابيل سيرا سانشيز (إسبانيا)، يوسي سارامو (فنلندا)، كاتارينا مارتينز (البرتغال). وكان هؤلاء البرلمانيون يعتزمون الاطلاع على الوضع بالصحراء الغربية على إثر قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر بتاريخ 4 أكتوبر 2024 الذي ألغى اتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لوقف نهب الثروات بالصحراء الغربية.
وفي بيان لها، قالت جبهة البوليساريو إن “عملية الطرد ومنع الوفد من دخول المناطق المحتلة يبرز السياسة العدوانية المغربية المنتهجة في حق الصحفيين والمراقبين الذين يريدون زيارة المناطق المحتلة والوقوف على الواقع الميداني هناك، ومحاولة لإخفاء انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان المنتهجة في حق الصحراويين العزل.”
وحثت جبهة البوليساريو “مؤسسات الاتحاد الأوروبي على تقديم شكوى رسمية إلى الحكومة المغربية بشأن هذا الحادث واتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام حقوق وعمل ممثلي الاتحاد الأوروبي.”
وأكد ممثل جبهة البوليساريو بإسبانيا، عبد الله العرابي، أن “هذا التصرف دليل على سياسة التعنت التي ينتهجها الاحتلال لعرقلة أي جهود باتجاه الحل”، مشددًا على أن “الشعب الصحراوي سيواصل النضال من أجل حقه في تقرير المصير والاستقلال.”
من جهتها، أدانت منظمة “تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية” (كوديسا) “بشدة” طرد البرلمانيين الأوروبيين باعتباره ممارسة قمعية منافية لمعايير حقوق الإنسان.
وشددت على أن هذه الممارسات القمعية المستمرة والممنهجة للاحتلال المغربي، التي تعتمد إغلاق إقليم الصحراء الغربية أمام الوفود الدولية من برلمانيين وصحافيين ونشطاء حقوقيين ونقابيين وطلبة باحثين كجزء من إجراءاتها العقابية، تهدف إلى التغطية والتعتيم على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات المرتكبة باستمرار في حق المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين والسجناء السياسيين الصحراويين، بسبب مطالبتهم سلميا بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وأشارت المنظمة الصحراوية إلى أن هذه الانتهاكات المتصاعدة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تحدث في ظل فشل الأمم المتحدة في إجراء استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية منذ سنة 1991، وفي غياب تام لمراقبة وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية من طرف بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو).
وناشدت (كوديسا) جميع القوى الحقوقية والضمائر الحية في العالم لإدانة هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومواصلة التضامن مع قضية الشعب الصحراوي بالضغط على قوة الاحتلال المغربي من أجل رفع الحصار المفروض على الصحراء الغربية وتطبيق الشرعية الدولية.
كما طالبت ذات المنظمة الأمم المتحدة بـ “تسريع تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال التعجيل بتنظيم استفتاء تقرير المصير”، داعية الاتحاد الأوروبي إلى “تعيين مبعوث خاص له إلى الصحراء الغربية للوقوف على وضعية حقوق الإنسان بالإقليم وتطبيق الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية من قبل حكومات ومؤسسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالإدراج غير الشرعي للصحراء الغربية المحتلة ضمن اتفاقيات الاتحاد الأوروبي والمغرب.”
وفي ختام البيان، دعت ذات المنظمة إلى “تفعيل الآليات القضائية الدولية لمتابعة ومحاسبة قوة الاحتلال المغربي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المستمرة في حق المدنيين الصحراويين بالصحراء الغربية، ضمانًا للعدالة وعدم الإفلات من العقاب، مطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإيفاد بعثة دائمة إلى الإقليم لمراقبة أوضاع المدنيين الصحراويين وحمايتهم وفق مبادئ القانون الدولي الإنساني.”
من جانبها، طالبت جمعية الشباب الصحراوي بفرنسا، في بيان لها، بـ “إنهاء الحصار المفروض على المناطق المحتلة من الصحراء الغربية التي تخضع لحصار عسكري وأمني مشدد، حيث يسعى الاحتلال المغربي إلى التعتيم على حقيقة الأوضاع في الصحراء الغربية”، منددة بـ “منع دخول برلمانيين أوروبيين من قبل سلطات الاحتلال.”
وأبرزت في السياق أن الاحتلال المغربي يسعى إلى “التعتيم على حقيقة الأوضاع في الصحراء الغربية، خوفًا من الإدانة الدولية وفضح ممارساته القمعية ضد المناضلين الصحراويين الذين يرفضون الاحتلال”، داعية إلى “فتح المجال أمام المراقبين الدوليين لمعاينة الأوضاع على أرض الواقع، إذا كانت مزاعمه حول الأمن والسلام والتنمية في المنطقة صحيحة”.