حواراتسياسة

سليمان أعراج لـ “سبق برس”: نقض “اتفاق الجزائر” سيدخل مالي في دوامة العنف والتطرف

وصف عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، سليمان أعراج أن خروج مالي من اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر بـ “الخطوة الانتحارية”.

وفي حوار مطول مع “سبق برس”، اعتبر أعراج أن الخطوة ستكون لها تداعيات غير محمودة العواقب، مما سيساهم في تعميق الأزمة وعرقلة مساعي التنمية في البلد الذي يغرق أكثر في وحل الانفلات الأمني.

نص الحوار:

1- ما تأثير نقض “اتفاق الجزائر” على الداخل المالي ؟

أولا، تجدر الإشارة إلى السياق الذي جاء فيه إعلان المجلس العسكري في مالي، تنصله من مسؤوليته والخروج من اتفاق السلام والمصالحة الذي أبرم في الجزائر، أنه يسجل أو يندرج في إطار حملة تقودها بعض القوى لنقل الاضطراب واللاستقرار الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة الساحل في إفريقيا، وذلك في إطار أجندة تهدف إلى تعميق الأزمة والاستمرار في نهب إمكانيات وخيرات المنطقة، لأن إفريقيا عموما وخصوصا منطقة الساحل بامتداداته تملك موارد مهمة جدا شكلت إلى وقت ليس ببعيد قيمة كبيرة كانت مستغلة من قبل أطراف أجنبية.

وبالعودة إلى أثر إعلان الانسحاب من اتفاق السلم والمصالحة في مالي أعتقد أنه يدخل الشعب المالي الذي يعتبر الحلقة الأضعف اليوم في دوامة من اللاستقرار ويرمي به نحو المجهول على اعتبار أن اتفاق “السلم والمصالحة” كانت عبارة عن وثيقة شاملة متوازنة تم بناؤها وتصميمها بشكل الذي يضمن التوافق ويحقق تقريب وجهات النظر، وقد كان عامل استقرار منذ 2015 إلى يومنا هذا.

وبالتالي اليوم في ظل غياب بدائل منطقية وواقعية، نجد أن أي خطوة ترمي إلى الخروج من اتفاق السلم والمصالحة في مالي هو عبارة عن سوء تقدير وخطوة انتحارية غير محمودة العواقب وستعمق الأزمة في الداخل المالي وستعرقل وتعيق التنمية، كما ستضرب الأمن والاستقرار إضافة أنها ستتعمق الفجوة المرتبطة بالتنمية وارتباط ذلك بمنطق الوضع الإقليمي، لأنه اليوم التحالف الوظيفي جماعة الجريمة المنظمة وتجارة السلاح والإتجار بالبشر وتجارة المخدرات التي تعتبر الممول الأساسي للنشاط الإجرامي والإرهابي في منطقة الساحل الإفريقي، هذا كله يدفع نحو تعميق أو زيادة حجم انتشار التطرف في المنطقة وأيضا يدفع نحو اللاستقرار ونحو تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية وهذا يشكل تهديدا مباشر لقضايا السلم والأمن الدوليين.

2- ما تبعات الأزمة المالية على الجزائر ؟

نقض اتفاق الجزائر سيدخل مالي في دوامة من العنف والتطرف، كما سيلقى بظلاله على الامن في المنطقة ويسجل كخطوة سلبية تؤثر على قضايا السلم الأمن الإقليميين، ولما نشير إلى دور الجزائر فهي كانت وماتزال على غاية اليوم تتسم بالإيجابية في تعاملها وتفاعلها وحتى في دعواتها للماليين من أجل الاحتكام إلى العقل والحكمة وإلى ما يخدم قضايا والمصالحة والتنمية، وليس الانسياق وراء أوهام تروج لها بعض الأطراف تبحث فقط عن ضبط المعادلة المرتبطة بمصالحها ولا تفكر في مصالح الشعوب المنطقة أو في مصلحة الشعب المالي بالدرجة الأولى.

ولما نتكلم من الناحية الأمنية فإن الجزائر تحظى بإمكانات وقدرات عسكرية تؤهلها لحماية سيادتها وحدودها على الخصوص وذلك بمختلف الأساليب ولطرق، في حين تميل الجزائر لدعم العمل المشترك والجماعي خصوصا عندما يتعلق الأمر بدول الجوار من أجل ضمان معادلة الاستقرار، التي تقوم على التعاون المشترك وخير دليل مبادرة “سيموك” التي تعتبر من أهم المبادرات التي أطلقتها الجزائر في إطار تصور شامل عمليا وميداني لتنسيق الجهود مع دول الجوار في محاربة الجريمة ومحاصرة انتشار الظاهرة الإرهابية.

3- ما هو الدور القادم للجزائر في ظل هذه التطورات ؟

الدبلوماسية الجزائرية بذلت جهودا حثيثة بشأن الأزمة المالية، وأعتقد أن دعوة الجزائر إلى أهمية التمسك باتفاق المصالحة هو حرص من الدولة الجزائرية على خدمة ودعم الأمن الإقليمي الذي يندرج في إطار التزامات الجزائر تجاه القارة الأفريقية بقضايا الأمن والتنمية، والشيء الآخر هـو أن الجزائر لديها رؤية استشرافية واقعية ومنطقية على اعتبار أنها تحرص على ألا تدخل المنطقة في دوامة اللاستقرار.

لقد كانت الجزائر تعلم وتترقب مثل هذه الموقف منذ مدة، وهو كما أشرنا في كثير من المحطات يأتي أيضا في إطار مراوغات تقودها السلطات المالية من أجل البقاء طويلا في الحكم، لكن هذا المنطق لا يخدم الأمن ولا الديمقراطية ولا بناء مؤسسات قوية تحمي الشعب المالي وتحمي خيراته من النهب الذي تمارسه الشركات المتعددة الجنسيات وبعض الأطراف التي تتكالب على المنطقة، في إطار أجندة وفي اطار مساعي للتأثير على ميزان القوى وزعزعة استقرار الدول.

4- أي دور للرباط في حالة اللاستقرار التي تشهدها المنطقة ؟

للأسف الشديد المغرب كانت أول معلن للتطبيع ومبادر ومهرول للارتماء في أحضان الكيان الصهيوني، والجزائر عبرت صراحة وفي أكثر من موقف عن رفضها القاطع لهذا التواجد الذي لا يخدم مصلحة المنطقة، وعبرت عنه أيضا من خلال دورها الفعال في الاتحاد الإفريقي أو حتى في أطار الشراكات الثنائية والجماعية التي تربطها بالدول الجوار ماعدا المغرب الذي يسجل انخراط مفضوح في خدمة أجندة صهيونية لا تخدم مصالح شعوب المنطقة والتطبيع مع الكيان الصهيوني هو خطر يهدد استقرار المنطقة ككل وحتى وإن دخلت هذا المسار في إطار صفقة مقايضة، إلا أن الواقع يثبت بأن كل هاته المساعي هدفها خدمة مصالح أجنبية وليس خدمة المنطقة.

5- رسائل زيارة البرهان إلى الجزائر ؟

إن ما يجمعنا بدولة السودان الشقيقة هي علاقة تاريخية، وأخوة تجمعنا بين الشعب الجزائري والشعب السوداني الشقيق، وحضور البرهان واستضافته في الجزائر، تأكيد على أن الجزائر واقفة مع كل ما يخدم استقرار السودان وهو وما عبر عنه الرئيس عبد المجيد تبون.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى