أخبار هامةحوارات

محمد السعيد: نحن في عصر جيل ما بعد الاستقلال وخطوة الإبراهيمي تشجيع للشباب على مواصلة النضال

يؤكد محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة، أن أحمد طالب الإبراهيمي قبل بصعوبة اقتراح مناضلي الحزب قبل أسبوع لتقلد الرئاسة الشرفية تشجيعا للشباب على عدم اليأس من مواصلة النضال، بينما يصف محمد السعيد في حواره مع سبق برس المتحدثين عن الانتخابات الرئاسية قبل موعدها بـ “العاجزين” على إيجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها الجزائر.

بالمقابل اعتبر وزير الإتصال السابق واقع الإعلام في الجزائر افضل بكثير  من دول أخرى، رغم إقراره أن الإعلام المكتوب و الالكتروني غير مستقر ومهدد في كل وقت بالتوقف عن  العمل أو البث.

  في البداية، بصفتكم وزيرا سابقا للاتصال واشتعلت سنوات طويلة في المهنة، كيف تقيمون واقع الإعلام الالكتروني في الجزائر، و لماذا تعطل تنظيم هذا القطاع على خلاف باقي الدول  ؟

بكل صراحة الإعلام في بلادنا أفضل بكثير من واقع الإعلام في الكثير من الدول سواء في تنوعه أو في درجة مهنيته وفي جرأة الطرح، لكن مازالت هناك نقائص في مجال التنظيم تعني قطاع الصحافة المكتوبة و الإعلام الإلكتروني الذي مازال محدود الانتشار رغم تعدد قنواته. ويبدو لي أن السبب يعود إلى عدم تطبيق قانون الإعلام الصادر في 2012. في هذا القانون العضوي،  فصل كامل  من ست مواد مخصصة للإعلام الإلكتروني التابع تنظيميا لسلطة الضبط للصحافة المكتوبة، وبما أن هذه السلطة لم تنصب حتى اليوم فالإعلام المكتوب و الالكتروني غير مستقر ومهدد في كل وقت بالتوقف عن  العمل أو البث..هنا يتحمل الصحافيون جزءا من المسؤولية لأنهم لم يتوصلوا حتى اليوم إلى إيجاد صيغة لانتخاب من يمثلهم في سلطة الضبط للصحافة المكتوبة المشكلة حسب قانون الإعلام مناصفة من  14 عضوا معينين بمرسوم رئاسي: 7 ينتخبهم الصحفيون و7 يمثلون السلطة أي الرئاسة و مجلس الأمة و المجلس الشعبي الوطني.

تم تجديد الثقة فيكم خلال المؤتمر الأول لحزب الحرية والعدالة قبل أيام، ما هي الأسباب التي دفعتك لمواصلة قيادة الحزب ؟

حزب الحرية و العدالة حزب فتي عمره خمس سنوات يحاول أن يكون إضافة نوعية إلى المشهد السياسي وليس إضافة رقمية باهتة. لذلك خصصت العهدة الأولى للتأسيس في محيط صعب تراجعت فيه المعاني السامية للنضال، وقلّ فيه المناضلون الحقيقيون   بسبب تلوث العمل السياسي الذي طغى عليه طابع المصلحة الخاصة و النفاق والتهريج…ولذلك لم يستكمل الحزب إنجاز الانتشار الذي ورد في برنامج العهدة الأولى….وستخصص العهدة الثانية للبناء بعد التأسيس…. ولعل ما شجعني على القبول برئاسة ثانية وأخيرة بنص قانون الحزب إن كانت في الحياة بقية،  هو انضمام كفاءات جديدة الى الحزب من الشباب من مختلف الأوساط و الأعمار، وهي متحمسة و مؤمنة بضرورة التغيير السلمي في آليات الحكم  لبناء مجتمع تسوده العدالة وتحكمه الأخلاق  القوانين… وطالما هناك أمل فنضال فرسان الحرية والعدالة لن يتوقف بوجودي أو بغيره

 تولى أحمد طالب الابراهيمي منصب الرئاسة الشرفية لحزب الحرية والعدالة في المؤتمر الأخير، هل هي عودة الرجل للعمل السياسي النضالي في حزبكم أم خطوة رمزية من الحزب لكسب تعاطف شعبي  ؟

قبول الدكتور أحمد طالب الابراهيمي بالرئاسة الشرفية للحزب تشريف لكل مناضلي و مناضلات الحزب نظرا لما لهذه الشخصية الوطنية من باع طويل في النضال السياسي قبل وبعد الاستقلال، ونظرا لأخلاقه السامية و مواقفه الثابتة في الدفاع خاصة عن العدالة الاجتماعية ومقومات الأمة. ويكفيه فخرا أنه أسس وعمره 20 سنة، وتحت الاحتلال الاستعماري لبلادنا جريدة “الشاب المسلم” بالفرنسية و التي دافع فيها عن هذه المواقف …  أحمد طالب قضى 23 سنة وزيرا منها 13 سنة إلى جانب الرئيس الراحل هواري يومدين طيب الله ثراه طيلة وجوده على رأس الدولة، وخرج نظيفا نطيفا من الحكومة كما دخلها.، ورفض أن يكون عضوا في المجلس الأعلى للدولة بعد اغتيال المرحوم الرئيس بوضياف .. فهو قدوة للشباب المتعطش إلى خدمة الشأن العامّ. أضف إلى ذلك أن الرجل ظلم في عهد التعددية السياسية لأنه حُرم بغير وجه حق من ممارسة حقه الدستوري في العمل السياسي عندما مُنع من تأسيس حزب سياسي خوفا من شعبيته. وخلافا لكل ما كتب أو قيل، الرئاسة الشرفية لا تعني وجود رغبة لدى الدكتور في العودة إلى الحياة السياسية بشكلها الحالي الذي يتعارض مع تربيته وقناعاته، وإنما قبل بصعوبة اقتراح المؤتمر لتشجيع الشباب على عدم اليأس من مواصلة النضال، ونحن نقدّر له عاليا هذا التجاوب.

 

 تحضرون للدخول في الانتخابات التشريعية المقبلة..ولم تنخرطوا في الجدل الذي رافق هذا الموعد، هل هو اعتراف ضمني بنزاهة الانتخابات وجدوى اللجنة المستقلة مراقبتها لسنة 2012 ؟

الانتخابات قبل أن تكون نتائج هي فرصة تمنح للمناضلين والمناضلات من أجل اكتساب تجربة سياسية في التعامل مع الواقع في الميدان…أما عن النتائج فسنحاول قدر المستطاع كسب ثقة الناخبين بتقديم مترشحين تتوفر فيهم شروط النزاهة و الكفاءة و الالتزام ونكران الذات…..طبعا العملية ليست سهلة بسبب الدمار الرهيب الذي أحدثه استعمال المال المشبوه في المناسبات الانتخابية….ولكن يقيني أن الشعب سيختار النزاهة و الكفاءة على أصحاب “الشكارة” الذين يبحثون عن المنصب إما لتوسيع ثرواتهم أو لحماية أصحابها بواسطة الحصانة البرلمانية. أما الحديث عن نزاهة الانتخابات خلافا للسابق، فمن الصعب الجزم بذلك من الآن لسببين اثنين وهما: الإدارة المشكوك في نزاهتها  مازالت هي المشرف الفعلي على العملية الانتخابية في كل مراحلها، والسبب الثاني هو  وجود أزمة ثقة بين أحزاب المعارضة و السلطة من جهة، وانفراد السلطة من جهة أخرى بتعيين جميع أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وفق مقاييس لم تستشر فيها أحدا، واقتصرت استشارة الرئاسة للأحزاب على رئيس الهيئة لا غير… ومع ذلك سنتعامل مع الهيئة كأمر واقع وعليها أن تتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على أصوات الشعب بتطبيق القانون على العابثين وهم معروفون لدى العامة و الخاصة.

 

لم تحققوا مراتب متقدمة في تشريعيات ماي 2012، ما هي الأسباب الرئيسية وعلى ماذا تعولون للحصول على نتائج أفضل في هذا العرس الانتخابي ؟

عندما شاركنا في تشريعيات 2012 لم يكن قد مرّ على اعتماد الحزب إلا سبعة أسابيع، لذلك كان هدفنا هو التعريف بالحزب وهذا الهدف تحقّق، وبه استطعنا أن نحصل على 364 مقعدا في الانتخابات البلدية و الولائية، مما جعلنا نحتلّ على المستوى الوطني المرتبة 12 بقاعدة وطنية تمتد من عين تموشنت إلى بجاية ومن  تبسة إلى الأغواط، وهذه المرتبة تصنفنا في وضع أفضل من بعض الأحزاب التي سبقتنا إلى الميدان بسنين و سنين. في انتخابات 2017 نسعى لتحقيق هدفين وهما متابعة توسيع قاعدة الحزب نوعيا وجغرافيا ثم  توفير حظوظ الفوز بمقاعد حتى ننجز مع الآخرين القريبين منا مشروع التغيير الذي نطالب به للنهوض بالمجتمع بوجوه جديدة وآليات حكم شفافة وفعالة يرضى بها الشعب عن قناعة. وفي هذه المعركة، سنعول على الله أولا ثم على قدرة رجال و نساء الحزب على اختيار الأفضل منهم لخوض غمار المعركة بالامكانات المتاحة وهي قليلة، لا تذكر مقارنة بغيرنا، ولكن المال ليس كل شيء.

بخصوص موضوع التحالف بين الأحزاب الاسلامية، كون حزبكم قريب من هذا التيار، هل جمعتكم نقاشات أو مباحثات مع أصحاب تلك المبادرات، وما هو رأيكم في انصهار الاحزاب الاسلامية في وعاء واحد ؟

 

حتى يكون تصنيفك للحزب دقيقا، أريد أن أعرّفك بتوجهاته ثم صنّفه كما تراه مناسبا. إن حزب الحرية و العدالة يؤمن بالعدالة الاجتماعية و بمقومات الشخصية الوطنية بدون تمييز أو تفضيل بينها، ويدعو إلى التغيير في أساليب و ممارسات الحكم عن طريق التوافق الوطني، وبإشراك السلطة كطرف في التوافق و في التغيير..أما عن تأسيس الاتحاد من أجل النهضة والعدالة و البناء فلم يتصل بنا أحد من أطرافه ولو من باب المجاملة وهذا ليس جديدا علينا، ومع ذلك،  باركنا هذه الخطوة وحضرنا حفل الإعلان عنها وأكدنا ذلك أمام المؤتمر، وهذا كله  انطلاقا من موقف مبدئي يجعلنا دائما من أنصار جمع الشمل وضد التشتت… وآمل تتغلب لدى قيادات الاتحاد الوليد الاعتبارات الاستراتيجية على الحسابات الظرفية التكتيكية أن يتجاوز الاتحاد بسلام  المطبات الانتخابية.

  دخلتم الحكومة بعد الانتخابات التشريعية سنة 2012 وخلف ذلك انتقادات واسعة، هل أنت على استعداد للدخول مجددا في الحكومة اذا عرض عليك ذلك ؟

إن غاية أي حزب سياسي هي الوصول إلى السلطة، والفرق بين الأحزاب يكمن في كيفية الوصول و الغاية منه ومع من وبمن سيحكم في حالة الوصول.. ومن جهة أخرى عطاء الانسان في الحياة محدود بعمره ودرجة احترامه لنفسه…. وأنا شخصيا بلغت السبعين …بدأت حياتي السياسية في الإعلام وعمري 17 سنة، و الصحافة هي أحسن مدرسة للذي يريد أن يتعاطى السياسة. الرجال أمثالي الذين أصيبوا بداء السياسة مكانهم الطبيعي هو احتلال مواقع النصح لا القيادة لأن لكل عصر رجاله وعصر اليوم هو عصر جيل ما بعد الاستقلال، فعاش من عرف قدره وعاش من عمل على تكوين من هو أفضل منه من الجيل الصاعد لخلافته. وحتى لا أُفهم خطأ، أنا لا أدعو إلى القطيعة بين الأجيال وإنما أدعو إلى التواصل بين الأجيال حتى يكون تقدم المجتمع نتاج حكمة الشيوخ الناصحين من الخلف و حماس الشباب الذين يمسكون بالمقود للأمام.

شهدت الجزائر نقاشا حول الوضع الاقتصادي للبلد، فالمعارضة تتهم السلطة بالتسبب في هذه الأزمة، والحكومة أقرت اجراءات قالت إن من شأنها حل الأزمة، ما هي الأسباب التي جعلتنا نصل الى هذه الوضعية الاقتصادية، و هل لديكم ثقة في الاجراءات التي اقرتها الحكومة ؟

الحكومة تحاول أن تواجه شحّ الموارد المالية بكل الوسائل وتخفيف مضاعفات تراجع عائدات الصادرات البترولية على الحياة اليومية للمواطن وخاصة التحكم في الأسعار حفاظا على القدرة الشرائية.. وهذا الوضع كان متوقعا لأننا لم نحتط للسنوات العجاف عندما اقترب سعر برميل البترول من 150 دولارا، وكأننا لم نصدق بأن البترول مادة زائلة. إذن، هناك أزمة اقتصادية حقيقية تواجه بإجراءات تسكينية لكنها  تقشفية مهما حاولت الحكومة الالتفاف عليها لتجنب غضب الشارع. هناك في تقديري حلّ من ثلاثة عناصر متكاملة وهي: عقد وطنية شاملة لكل كل القوى السياسية و الاقتصادية و النقابية و الخبراء للخروج بتصور مشترك لكيفية مواجهة المستقبل تكون السلطة طرفا فيه وتلتزم بتطبيقه… والعنصر الثاني هو توزيع أعباء الأزمة بصفة عادلة بين كل الفئات الشعبية الفقيرة  والغنية لتفادي تفاقم الفوارق الاجتماعية لأن في ذلك تهديدا للأمن و الإستقرار…، و العنصر الثالث هو مساهمة أصحاب الثروات من رجال المال و الأعمال الذين استفادوا من البحبوحة المالية في مواجهة أعباء الأزمة عن طريق دفع المزيد من الضرائب بشكل ملموس أسوة برجال الأعمال الأمريكيين الذين قبلوا أن ترفع الضرائب على مداخيلهم بثلاث مرات في عام 1929 حتى لا ينهار الاقتصاد الأمريكي نتيجة انهيار بورصة وول ستريت في نيويورك…  لا يمكن أن يستفيد  رجال المال و الأعمال فقط من المنافع الاقتصادية، دون الأعباء. لا أشك أن الوطنيين منهم سيتهربون من هذه التضحية لصالح وطنهم.

تطرح بشكل لافت قضية الإنتخابات الرئاسية القادمة سنة 2019 رغم أنه يفصلنا عنها سنتين، وقد رفع بعض أحزاب الموالاة مطلب تجديد عهدة الرئيس بوتفليقة، ما هي قراءتك لهذه النقطة وموقفك من هذا المطلب ؟

من السابق لأوانه الحديث عن حدث يفصلنا عنه أكثر من عامين… اليوم، المستعجل الملح الذي يجب أن يكون الشغل الشاغل للجميع هو كيفية بناء توافق وطني و محاربة الرشوة وبناء دولة القانون و المؤسسات وتعزيز العدالة الاجتماعية، وإعادة الثقة إلى المواطن في مؤسساته وتوفير منصب الشغل لكل بطال وخاصة عشرات آلاف الجامعيين وتحصين الجبهة الداخلية حتى لا يقع فيها أي اختراق أمني….و القائمة طويلة…. يبدو لي أن الذين يتحدثون الآن عن الانتخابات الرئاسية إنما يقيمون الدليل على عجزهم على إيجاد الحلول للمشاكل التي أشرت إليها، أو أنهم يريدون صرف أنظار الرأي العام عنها.. وهذا التصرف هو  بعينه سياسة النعامة التي تخفي رأسها في الرمال و تتعامى عن محيطها إلى أن تقع في قبضة الصياد.في كل الحالات، الرهان على المستقبل بالمعطيات الحالية ليس مضمون النتائج. الاستشراف نعم، ولكن الغيب لا يعلمه إلا الله، وقد يحمل مفاجآت.

 

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى