أعمدة الرأي

الجزائر تحت مجهر (بي بي سي )

يلاحظ التركيز المفاجئ من قناة (بي بي سي ) بالعربية طبعا على نمط محدد من الأحداث الجزائرية الجارية، وتحديدا التغييرات المتتالية في المؤسسة العسكرية ، وبعض التحركات الاحتجاجية ، و الفيضانات الأخيرة والمستمرة .

وتنويعا لملفاتها نشرت تقريرا عما أسمته (الفساد الكروي في الجزائر ) اليوم الأربعاء 9\9\2018 . و لا جدال في الفساد، سواء في الكرة أو في غيرها ، وما يعرفه المواطن أوسع وأدق وأنظف ممّا كشفته (بي بي سي). لكن علينا الانتباه للقناة العالمية العريق؛ فقد طفقت  هذه الأيام تخص الوضع الداخلي باهتمامات تكاد تكون يومية؛ فخذ مثلا اليوم على موقعها بالشبكة عرضت ثلاث قضايا   جزائرية مثيرة في مقدمتها التغييرات العسكرية والأمنية، وهو كمّ لا يمكن الغفلة عن دلالاته، فلو لاحظنا -مثلا- الجانب الشكلي في عرضها فسوف نجدها ضمت الخبر والتقرير والفيديو.

ثم بقراءتك لموضوع الفساد الكروي تفاجئ بالأسلوب الإعلامي الذي انتهجته وهو التحقيق السري الذي دام سنوات ! ولا يحتاج المرء لذكاء عالي كي يدرك الربط بين ما يشاع عن مسألة الفساد في الشخصيات المقالة ، والفساد الكروي الذي لم تترد في نقل تصريحات  عنه من أشخاص رفضت الكشف عنهم ،  ربطوا  في صيغة مضمخة بالحذر والتخويف والإرعاب الأمر بالفساد السياسي !

إذن (بي بي سي )، تمارس أحد أعرق أساليبها في المناطق الناطقة بلغاتها ، ألا وهو أسلوب الملفات المثيرة المؤثرة في قضايا تصب بالطبع في مصلحة القوى الكبرى عبر بريطانيا مركز الخبرة المعتقة.

في توجيه الأحداث في الوقت المناسب بما يخدم مصالح معينة في مقدمتها المصالح الاقتصادية . ونلحظ استثمار غطاء الاستحقاق الرئاسي في الظروف المعروفة لدينا جميعا، للتأثير في قضايا اقتصادية وسياسية أبرزها :  انخراط الجزائر في المشروع الصيني العملاق (طريق الحرير الجديد) ضمن الجزء الإفريقي منه. والتحوط من استئثار أوربا بعد مغادرة بريطانيا لاتحادها بتعاون وشراكات ربما تُضيّع على بريطانيا مخططاتها التي منحت أفريقيا قدرا كبيرا من الأهمية والجدوى فيها . ومما يقوي هذا التخوف هو الحضور الألماني النوعي والقوي الذي يلوح في الأفق  خصوصا بعد زيارة المستشارة ميركل . فضلا عن الدور التقليدي لبريطانيا لتعضيد مصالحها بمصالح أمريكا .

كما علينا استحضار الملف الليبي الهام والحيوي لبريطانيا إحدى الدول الثلاث الكبرى التي تعدّ لمستقبلها الاستثماري الكبير في ليبيا ، وجني ثمار ما زرعه طوني بلير تحت مظلة الناتو المجرم ؛إدراكا منها لمكمن القوة في الموقف الجزائري من الوضع الليبي من جهة، والمساعي المتصاعدة لدى فرقاء ليبيا للمقاربة الجزائرية للملف.

ولا نستبعد التلويح من خلال انطلاق الآلة الميكانيكية الإعلامية البريطانية ( بي بي سي ) ببقايا المعارضة الجزائرية ذوي الصلة بأزمة الجزائر في التسعينيات : انهم قد يكونون الملف التالي الجاهز لفتح واستدعاء عرابيه كي تستأنف بعض ملامح الدور البريطاني في تلك الأزمة سياسيا وإعلاميا .

فيا ترى ما هي الاتجاهات التي ضبطت على بوصلات (بي بي سي ) في مهمتها المهنية العالية؟!!

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى