أعمدة الرأي

الدينار الجزائري : لماذا التراجع وماهي الحلول ؟

سعر صرف الدينار الجزائري لا يعبر عن قيمته الحقيقية ليس من اليوم ( 2013 – 2015 ) بل منذ فترة ولكن تدخل بنك الجزائري في ادارة سوق الصرف بعيدا عن أساسيات السوق النقدية جعل من سعر صرف الدينار سعرا إداريا وليس معوما وسعرا فوق قيمته الحقيقية

Surestimé

وذلك بدعم من السياسة المالية ( الجباية النفطية ) واحتياطي الذهب والنقد الأجنبي . الآن السوق النقدية بدأت تكشف عن حقيقتها بعد تراجع السياسة المالية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وبدأ الدينار يكشف عن حقيقته لأنه أصبح يعبر عن الوضعية الحقيقية للسوق النقدية وهي وضعية ( العرض المعمم )

Offre généralisé

ومعنى ذلك أن عرض الدينار أعلى بكثير من الطلب عليه . لدينا حالة عرض غير محدود بسبب ضخامة السيولة في السوق الموازية خارج البنوك ( حوالي 4500 مليار دينار ) في مقابل طلب محدود بسبب ضعف استثمار القطاع الخاص وضعف ادخار العائلات وانعدام سوق الطلب على التمويل الخاص بالمؤسسات الصغرى ( البورصة ) ثم لجوء المتعاملين أي ( المستوردين ) الصغار لطرح الدينار في سوق الصرف الموازية لصالح الأورو مما ضاعف من الطلب على النقد الأجنبي وبالتالي زاد من قيمته مقابل الدينار .

 

ثانيا – الأسباب والأهداف

لجوء بنك الجزائر ( يتبع وزارة المالية أي يتبع الحكومة ) الى الخفض الاداري للدينار في تناغم مع حقيقة السوق النقدية جاء ليعوض خسارة الميزانية من الجباية النفطية ( تراجع بـ 50 بالمائة في عام واحد ) ، وثانيا للحد من الواردات ( 57 مليار دولار في 2014 ) على أساس أن الاستيراد بالدينار الضعيف يقلل من تنافسية المنتوج الأجنبي في السوق الوطنية لأنه يصبح سعره أعلى ( وهذا في رأيي غير صحيح للأسباب التالية : عدم مرونة الانتاج الوطني من حيث الكم أو الجودة – تضاعف الطلب الداخلي تحت ضغط زيادة الانفاق الحكومي وارتفاع الأجور وتضخم السيولة في السوق الموازية ما يعني محدودية أثر الدينار الضعيف على الميزان التجاري وتحمل المستهلك أثر زيادة الأسعار غير المسقفة وليس المستورد ) . وباختصار الهدف من الدينار الضعيف هو ضبط ميزانية الدولة وضبط الميزان التجاري في جانب الواردات وليس رفع التصدير كما هو في الحالة الصينية ( البنك المركزي الصيني خفض اليوان ثلاث مرات في أسبوع واحد ولكن بهدف حفز التصدير وليس خفض الاستيراد كما هو الحال في الحالة الجزائرية ) .

 

ثالثا – الاتجاه

سيتواصل انخفاض الدينار الجزائري الى النقطة التي يتم فيها ما يلي :

توازن الميزانية من خلال موارد جديدة للجباية خارج النفط والمحروقات .

اقتراب السيولة في السوق الموازية من الطلب عليها أي ارتفاع الطلب على الدينار وهذا لا يكون الا بحفز الاستثمار وتشجيع ادخار العائلات وتحسين مناخ الأعمال وتحرير سوق رأس المال حيث سيتم امتصاص السيولة الزائدة والتقرب من السوق النقدي المتوازن .

 

رابعا – الحلول

في باب ايجاد موارد جديدة للجباية أقترح ( وزارة منتدبة للجباية ) وظيفتها ( الابتكار الجبائي ) وتحقيق ( التحصيل الأمثل ) للضرائب .

في باب الواردات أقترح تطبيق الحواجز غير الجمركية على كل السلع والخدمات ( نوعية المنتوج – معيارية السلامة الصحية – معيارية التغليف – معيارية عدم التأثير على البيئة – معيارية منشأ المنتوج – معيارية رشادة استهلاك الادارات الحكومية والوزارات – معيارية أولوية الاستهلاك بالنسبة للعائلة الجزائرية ) .

 

خامسا – آثار الدينار الضعيف :

ارتفاع الأسعار غير المدعمة ( السيارات – قطع الغيار – الدواء – العلاج بالخارج – الملابس ).

ارتفاع فاتورة الدعم الحكومي ( مشتقات النفط – الحبوب – الزيوت – السكر – الحليب ) ما يضيف عبئا جديدا على ميزانية الدولة ( بند الانفاق الحكومي ) .

أتوقع نقاطا مهمة في التضخم بدءا من الثلاثي الأول 2016 وقد نقترب من تضخم برقمين اثنين ( أكبر من 10 بالمائة ).

 

سادسا – الاستراتيجية :

على المدى القريب : وضع قائمة رمادية للاستيراد عن طريق الحواجز غير الجمركية – استحداث وزارة منتدبة للجباية في أول تغيير حكومي قادم – تبسيط اجراءات تأسيس الشركات المصغرة والصغرى لامتصاص السيولة – ترسيم سوق الصرف الموازية بفتح محلات الصرف الخاصة ضمن القانون التجاري الجزائري – تحرير السوق النقدية بتحرير سعرالفائدة واطلاق منتجات بنكية مبنية على المشاركة والمضاربة ( رأس المال المخاطر واحتساب العمل في رأس مال الشركات ) .

على المدى المتوسط : تفعيل رؤية الجزائر 2030 ونموذج النمو 2019 الذي قامت باعدادهما كتابة الدولة لدى الوزير الأول المكلفة بالاستشراف والاحصائيات في أوت 2013 واللذان استهدفا : نمو مستديم بين 7 و 10 بالمائة – الاقلاع الاقتصادي في 2019 والنشوء في 2030 .

 

بشير مصيطفى / وزير سابق

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى