أعمدة الرأي

حمس الرئيس وحمس مزفران

يلاحق السيسي الاخوان في مصر وتطاردهم الإمارات وتفض مجالسهم الأردن ، لكنهم في الجزائر يٌحَاوَلون للمشاركة في الحكومة وقد كانوا فيها وخرجوا منها بارادة منهم عام2012 ، وتَعرضٌ عليهم السلطة الظاهرة والمستترة الانخراط في الفريق الحكومي ، ابتداءاً تلك مفارقة تحسب ، لكنها ليست مزية رئيس فأهل الذوات لا يدعون لأعراسهم كل ساكن في المدينة ، وليست هدية السلطة وقد بذلت حركة حمس جيلا كاملا في غياهب “مدح المقهى وتوزيع قهوة دون أن تكون شريكة في صنع القهوة ” .

وحينما يتحدث وكيل سياسي ممثلا في عبد المالك سلال عن عرض رئاسي لحمس بالمشاركة في الحكومة ، يفترض أولا البحث عن هوية الطرف الذي اقترح العرض الحكومي ، الرئيس أم محيطه ، يمين السلطة أم يسارها ، وما اذا كان هو نفسه الذي وافق على افتراس الانتخابات من قبل الجهاز البيروقراطي والكارتل المتوحش ، وما اذا كان نفسه الذي يغض النظر على التدمير السياسي والتخريب الديمقراطي المستمر، ثم يفترض ثانيا الحساب على قاعدة أن مشاركة حمس في اعدام المادة 74 في تعديل 2008 ، قد استنفذت حالة الاستتابة السياسية ، وليس جديرا بالتائب العودة للمشاركة مرة أخرى في كب الدستور على الرف ، ذلك أن الدستور يتحدث عن مشاورة رئيس الجمهورية للأغلبية البرلمانية ، وحمس بكتلتها وخطها الراهن ليست من هذه الأغلبية ولا من خياراتها ، بل هي على الطرف الآخر من سياسات الرئيس والحكومة .

هنا يجدر بنا التساؤل ، لماذا يريد النظام من حركة كانت قبل أشهر فقط حركة فتنة ، وحزب الفوضى، ودعاة الربيع العربي ، وأطلق عليها جراده السياسي والاعلامي باتهامات العمالة وخدمة الأجندات الأجنبية ، أن تشاركه في الحكومة ..؟ ، ثم لماذا يمنح النظام بطولة مجانية لحركة يفترض أنها أتمت له المطلوب منها، بمباركتها الانتخابات ومشاركتها فيها ..؟ ولماذا يجعل من عبد الرزاق مقري الذي قرأ قبل سنتين على الملأ بيان المعارضة المطالب باعلان شغور منصب الرئيس ، – يجعله – بطلا سياسيا جديدا حين يرفض عرضا رئاسيا يخفق له قلب غول ويطير له عقل بن يونس ويشرأب اليه عنق بن حمو..؟ .

لا يملك الحمسيون سترة انقاذ السلطة من مآزقها ، لكني أحسب أن السلطة التي رمت لغما داخل بيت حمس وتتوخى أن يخلف انفجاره شقوقا جديدة في الجدار الحمسي ، تستهدف بالأساس نقض جهد الحمسين ومنعهم من اتمام ترميم البيت وانجاز الوحدة مع جبهة التغيير، والعرض الرئاسي سيبدو أنه ليس سوى كمين سياسي يستدرج حمس الى منعطف ينكشف فيه بوضوح تباين المواقف وتتمايز الكتل داخل الحركة بين حمس بوتفليقة وحمس مزفران ، فليس أمام السلطة فرصة أمثل من هذا الاستحقاق السياسي ، لقياس مستويات تبدل المواقف وتغير القناعات لدى الحمسيين من سبيل المشاركة الى صراط الاعتراض، خلال الخمس سنوات الأخيرة .

السلطة تريد من الحمسين أن يقبلوا دائما بشراء الحوت في البحر والملح في الماء ، حين تدعوهم للمشاركة في حكومة السنتين التي لا يعرف لونها وبرنامجها ، عدى أنها مكلفة بالاعداد لرئاسيات 2019 ، تماما كمن يدعى لركوب قطار لا يعرف مقصده ، يمشي أصلا على سكة مفخخة ، ومتخمة بالفساد السياسي والفشل الاجتماعي والافلاس الاقتصادي ، وربما كان ركوب القطار هذا اندفاع الى يمين السلطة المستمسك بالحكم ، وتمايزا عن يسارها الطامح للقاء القدر عام 2019 ، و انتصار لطرف في السلطة على طرف آخر في السلطة أيضا ، والخوض في معركة ليست لحمس ناقة فيها ولا جمل ، واحتراب لصالح مشروع رئيس على حساب مشروع رئيس آخر ، كلاهما لم يكن يرى في الحركة سوى نادل مقهى وعنصر دعم سياسي ومتكأ في خريف الأزمة.

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى