قراءة واعية لبيان الثلاثة
كان طبيعيا أن تكشف النوايا السيئة، و كان طبيعيا أيضا أن يكون الإسكبار المقيت في أرض الملحمة النوفمبرية تدميرا لمضامينها الحضارية ، إرضاء لفرنسا المستدمرة ، و الكائدة لنا حضاريا قصد التركيع من أجل العودة إلى الفردوس المفقود في ثوب وجوه مستعارة أستغلت مرض الرئيس -(شفاه الله) – ، و كان طبيعيا أيضا أن تكون المآلات الدرامية عكس الشعارات المسمومة و المعلبة إلينا من المحافل المسونية ، و كان طبيعيا أن تمتحن الأمة النوفمبرية بكارثة هذه المآلات الدرامية ، و كان من الطبيعي أن يخرج من بين صفوف أبناء الملحمة الميامين من يقول لهذه الوجوه المستعارة التي أستغلت مرض الرئيس، و شوهت مصاره الجهادي و النضالي، و طمست معالم ( جزائر العزة و الكرامة ؟! ) التي بنى عليها الرئيس مشروعه و عودته إلى الجزائر الجريحة ، و بعزة نوفمبرية خلاقة ومسؤولة جاء الثلاثة الذين شرفوا الصدع بالحقيقة – الدكتور طالب ، الأستاذ يحي عبد النور واللواء المتقاعد رشيد بن يلس) ليقولوا
. لا ، ألف لا ، طبح الكيل ، خرجت الأمور عن المألوف ، لا للتدمير المبرمج ، لا للإنتقام ، كفى
. لا …لئلا يقول التاريخ أننا قد استسلمنا للوجوه المستعارة المكلفة بمهة في غياب الرئيس -(شفاه الله) ، و صان تاريخه من هذه المهزلة- ، و رضينا بمكرهم و سكتنا…
. لا …لئلا تقول أجيالنا القادمة أننا قد هدنا تنطع الوجوه المستعارة ، و ركعنا و أيدنا !! .
.لا … لئلا تلغينا الملحمة النوفمبرية بدماء شهدائها، و يتبرأ منا تراب الجزائر المسقي بدمائهم، وتتحول جبالنا الملحمية إلى جمرات نار تحرق أجسامنا وتطفئ نور النوفمبرية في عيوننا !
هذا جاء في بيان الثلاثة ضنوا أن لا ملجأ إلى الصدع بالحقيقة، و التحذير من المآلات الدرامية التي ستؤول إليها الجزائر من جراء السكوت المريب، و لفتوا إنتباه الأطياف السياسية و الثقافية والإجتماعية إلى هذا المآل الدرامي إن بقينا على سكوتنا سيكون مصيرنا دراميا . ! و ما يدور بدول الجوار الحضاري ليس ببعيد عنا ؟
هذا ما جاء في بيان الثلاثة ، والذين غلبت عليهم نوفمبريتهم ، داعين الطبقة السياسية والثقافية بكل أطيافها إلى ترك خلافتها المتعددة و المتنوعة ويكون صفا يكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعض لوقف هذا النزيف المتعدد و المدمر لحصوننا التاريخية و الحضارية و الإقتصادية بل مدمر لوجودنا ! . كما وجه أصحاب البيان نداء إلى المؤسسة الجيش الوطني الشعبي بصفتها المؤسسة الأقل إنتقادا ، الداعين إليها إلى النأي بنفسها بوضوح لا يقبل أدنى شك عن المجموعة التي أستولت على السلطة بغير وجه حق و تريد التمسك بها بإيهام الرأي العام بأنها تحضى بدعم المؤسسة العسكرية .
و إنطلاقا من هذا ، نستطيع أن نستشف من روح البيان المتولد عن بيان أول نوفمبر الملحمي ، أن للجيش الوطني الشعبي مهمة حضارية في حماية السيادة الوطنية ، لأن السيادة الوطنية ليست حدودا جغرافية و إنما هي وجود حضاري أيضا و تاريخي ن و هذا ما أكده البيان النوفمبري عند إنتزاع السيادة الوطنية من فرنسا الإستدمارية ، حيث نص البيان في مادته الثالثة التي تحدد إنتماءنا الحضاري على ( إعادة بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية في إطار المبادئ الإسلامية) و هذا ما جسده بأشرف التضحيات و أنبل البطولات و أزكى الدماء ، فكيف يفرط الجيش الوطني الشعبي الذي هو سليل جيش التحرير في هذه المعادلة الحضارية التي نص عليها البيان النوفمبري وهي أمانة الشهداء في أعناقهم، هلموا جميعا ندفن أحقادنا، و نتحاور و نتجاوز الإختلافات الوهمية للننقد هذا الوطن من هذه العصابة التي تفلتت من كل القيم و ننقد مع هذا الوطن تاريخ رئيس.