أعمدة الرأي

ماذا لو استعادت الجزائر مكانتها الثقافية عربيا؟!….

أعتقد أن الوقت قد حان لتستعيد الجزائر موقعها الطبيعي في خارطة الثقافة عربيا. أدبيا، على المؤسسة الثقافية الرسمية أن تفكر بجد في خطوات واضحة تسمح لها بالتمركز وتقديم البديل عربيا، خاصة وأن العالم العربي يشهد حالة لا استقرار لم يسبق له أن شهدها من قبل.. دولة بحجم الجزائر: مساحة، نسمة، ثروة، تاريخا لا يمكن أن تبقى على جنب كشاهد لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم.

في آخر طبعة لمؤتمر الرواية العربية بالقاهرة، سألت عز الدين ميهوبي وقد كان وقتها مدعوا معي وواسيني الأعرج وبشير مفتي، عن السبب الذي يمنعنا في الجزائر أن ننظم ملتقى بهذا الحجم. لنقل أننا ورغم الظروف التي تمر بها مصر، كنا مبهورين بمستوى وحجم المؤتمر، وكذلك بقدرة القاهرة على استقطاب كل تلك الأسماء على اختلافهم، برغم الوضع السياسي والمالي الذي تمر به مصر.

كان جواب ميهوبي حينها موجزا جدا: “لا شيء يمنع”.

تحدثنا لاحقا عن إمكانات تنظيم مؤتمر للرواية، حدثته بالمناسبة عن مشروع عكفت عليه كالأحمق مع أحد مدراء الثقافة ولكن التقلبات على مستوى وزارة الثقافة أجهض هذا الحلم، ولكنني كما قلت له ما زلت مصرا على الفكرة.

لاحقا تمكنت من تحقيق جزء من هذا الحلم مع ابراهيم صديقي محافظ مهرجان وهران للفيلم العربي بمناسبة ملتقى الرواية والسينما الذي كان ناجحا لا بفضل محاوره أو الأسماء التي حضرته فحسب، بل لأن إمكانية التأسيس له كانت شبه منعدمة ومع ذلك انعقد كما أردنا له بكل ما حقق وخلف من أثر أدبي وعلمي لم تحققه ملتقيات صرف فيها الملايير.

مهرجان كمهرجان الأدب وكتاب الشباب مثلا، يسخر له كما أسر لي بعض من في وزارة الثقافة حوالي ثمانية ملايير سنتيم، ورغم ذلك بدأ فاشلا ولا يزال وسيتمر في فشله ما دامت الإدارة هي نفسها.. ثمانية ملايير، قد يكون في “حصّالة” الدولة أو الوزارة مبلغا تافها أو معقولا، ولكنه -مهما كنت لبقا- مبلغ مهم مقارنة بالأثر الذي يخلفه المهرجان الذي لم يؤسس لأي شيء أخر غير مفهوم “الكاتب من الدرجة x” وهو بالطبع الكاتب الجزائري المقيم في الجزائر ويكتب باللغة العربية.

بكل حساباتي واتصالاتي، أعلم علم اليقين أن مؤتمر الرواية العربية لم يصرف مثل هذا المبلغ، فهل سنقارن؟

هنا، لا أدري إن كان ميهوبي سيفعل شيئا بخصوص ذلك، لا إن كان سيسائل “قرفي” وجماعته عن السبب “القانوني” و”الشرعي” الذي جعلهم يعاقبون الكاتب بسبب جنسيته الجزائرية ولغته العربية وإقامته في الجزائر.

لا أدري إن كان ميهوبي يسائلهم عن سبل صرف الملايير تلك، وعن السبب الذي جعل كل ذلك المبلغ لا يكفي حتى لاخطار سكان “صالمبي” بأن ثمة على بعد أمتار فقط مهرجان لا يفتح أبوابه إلا بعد العصر.. مهرجان لا يمكن للمواطن القاطن في الضواحي أن يحضره فما بالك بقاطني الولايات الأخرى.

لا أدري إن كان سيفعل ذلك، وفي الحقيقة لست مهتما بما سيفعل بهذا الخصوص، ولكنني على يقين بأن جوابه على سؤالي بخصوص تنظيم مؤتمر بحجم مؤتمر الرواية بالقاهرة هو نفسه: “لا شيء يمنع”: نملك المال، المرافق والقدرة أيضا.

تنظيم مؤتمر سنوي بهذا الحجم، لا يجد مبرراته في عدم الاستقرار العربي خاصة في مصر، ولا حتى في مواجهة الاستقطاب الخليجي بل في واقع ضرورة توضع الجزائر في موقعها الطبيعي في الخارطة العربية ثقافيا، ونكسر ولو لمرة واحدة عقدنا تجاه الغرب والمشرق.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى