أخبار هامةحوارات

“السلطة لن تستطيع تغطية العجز المالي بداية 2017”

بن بيتور: وقت الحوار مع النظام قد فات، ولا وجود لصراع على السلطة

إلتقيناه في مكتبه وقد أكمل لتوه كتابا عنوانه “أمل الجزائر” الذي يقول عنه بأنه خارطة طريق يمكن أن يتخذها كل من يريد الخير للبلد، يجزم رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور، أن سنة 2017 ستكون سنة المشاكل الكبرى نتيجة عجز الدولة عن تلبية حاجيات مواطنينها، ولا يرى أي إمكانية لحدوث تغيير من داخل السلطة، بن بيتور يؤكد أيضا في حديثه مع سبق برس أن وقت الحوار مع السلطة قد فات، ولا يصدق وجود صراع حول السلطة.

كيف يرى الدكتور بن بيتور الوضع العام في البلاد ؟

احسن طريقة يمكن بها تشخيص حالة بلد ما ومستقبلها هي النظر الى تركيبة السلطة وإنتاج الثروة وتوزيعها والمجتمع ايضا، إذا نظرنا الى تركيبة السلطة فهي تتميز بالتسلط والإرث والابوية، ولما يكون هناك نظام تسلطي يصبح النظام له معلومات مغلوطة على الحالة العامة في البلاد، والارث معناه ان القائد تدور حوله مجموعة من الاشخاص ينتفعون مما يوزعون له، ولما يكون هناك نظام ارثي يكون هناك فجوة كبيرة بينه وبين المواطنين، والنظام الأبوي معناه ان القائد لا يرى ضرورة لوجود وسطاء بينه وبين الشعب، فيهمش دور المؤسسات وخصوصا البرلمان والحكومة، وللاسف الصفات الثلاثة متوفرة في حالة الجزائر مما يؤكد فساد النظام، لما نرجع إلى انتاج الثروة نجد انها متاتية من تصدير المحروقات، مما يؤدي الريع وإستعماله يؤدي الى النهب، وبالتالي تكرس فساد المال، فساد المال وفساد النظام جعل من الدولة الجزائرية ضعيفة وبالتالي نقصت القدرة الردعية للدولة، وطبيعي ان نجد في هذه الحالات من يعبر عن سخطه من المواطنين نتيجة الاوضاع الكارثية،وهوما ينتج في النهاية حالة الدولة المميعة التي تعد ادق تعبير يختصر الوضع العام في البلد.والمجتمع من أمراض عدة، اهمها غياب الاخلاق الاجتماعية والعنف المعمم، وبالتالي يمكن التاكيد ان الجزائر مخيرة في التحليل العلمي بين رحيل النظام أو الإنفجار.

إنهيار اسعار البترول، كيف سيكون تأثيره على المعادلة ؟

المعادلة الاقتصادية الجديدة المبنية على إنخفاض سعر البرميل ستؤدي إلى تضاعف الأخطار، خصوصا وان الجزائر شهدت انخفاضا في إنتاج البترول منذ سنة 2006، مع الانخفاض المحسوس  في الاسعار سنة 2014، وشخصيا لا أعتقد ان هناك إمكانية  لأن يعود سعر البرميل ويتجاوز 70 دولار في 10 سنوات المقبلة، لأسباب موضوعية، أهمها وجود ترشيد عالمي لإستهلاك الطاقة الآتية من المحروقات، بالإضافة إلى وجود طاقات بديلة مثل الغاز الصخري وبالتالي فالطلب حتما لن ياخذ مسارا تصاعديا، أما في قضية العرض فإن الدول الكبرى في منظة أوبك على راسها السعودية تهتم بمكانتها في السوق قبل الأسعار، والإتفاق الأمريكي الإيراني سيعزز من قوة هذا الإتجاه، بحكم ان ايران التي تنتج في حدود مليون برميل سترفع من الإنتاج السنة المقبلة وستعزز حصتها مع الوقت، ويتوقع الخبراء ان تصل إلى أربعة مليون برميل يوميا، وبالتالي نحن نتجه إلى إغراق للسوق النفطية بالإنتاج الإيراني والسعودي والاسعار ستتجه حتما للإنخفاض.

وما هي الإشكاليات التي ستواجه الجزائر في ظل هذا الوضع ؟

الإشكالية ستكون في مخزوننا من العملة الصعبة، ونحن سندخل من الآن فصاعدا في عجز في ميزان المدفوعات وميزانية الدولة، والعجز سيتم تغطيته بإحتياطي العملة الصعبة الموجود في الخارج والذي يغطي عجز 4 سنوات، يعني إبتداء من 2019 ستكون لنا عوائق في الإستيراد، ولما نلاحظ ان 75 بالمئة من الكالوريهات نستوردها يصبح من المستحيل أن نتحدث عن تحقيق الإكتفاء الداخلي في السنوات المتبقية، من ناحية الإدخار الداخلي لدينا في صندوق ضبط الإيرادات ما يغطي العجز في السنة الحالية والسنة المقبلة في احسن الحالات، وسنة 2017 سنصبح عاجزين على تغطية العجز ومن هنا تصبح الدولة غير قادرة على تلبية المطالب الإجتماعية للمواطنين.

ولكن الوزير الأول قال ان سياسة الدولة تتجه نحو ترشيد النفقات ولن تتخلى عن سياسات الدعم… ؟

ترشيد النفقات ليس شعارا ومعناه الإقتصادي تقليل المصاريف، وترشيد النفقات تحتاج خبرة  ووقت كبيرا يتعلق بإعداد دراسات من الخبراء، وانا اقول إن إستطاع القائمون على شؤون الحكم تخفيض وتيرة إرتفاع المصاريف سيكونون قد حققوا معجزة، وأعطيك مثالا في سنة 2011 إرتفعت ميزانية التسيير بـ 50 بالمئة وفي 2012 بـ 22 بالمئة، كل هذه الزيادات لا يمكن كبحها فجاة، فما بالك تقليلها.

في حال حدوث عجز من الطبيعي أن نتجه إلى الإستدانة، هل ذلك ممكن ؟

لا تسطيع الجزائر في ظروفها الحالية التوجه للإستدانة، لأنها لا يمكن ان تقدم براهين على إمكانية التسديد، وأرجع بك إلى الوراء لما كنت أحد المسؤولين على ملف جدولة الديون في التسعينات، كنا دائما نبني إمكانية التسديد على تصدير المحروقات، لكن في الوقت الحالي، عندما تكون قدرتك على إنتاج المحروقات منخفضة والاسعار متدينة، كيف يمكن ان تقدم ضمانا للدائنين بالدفع،  والنتيجة اننا لن نجد من يمنحنا الاموال .

يشهد سعر صرف الدينار إنخفاضا حادا، ما هي الاسباب الحقيقة وراء ذلك ؟

سعر الصرف في الجزائر آلية للسياسة الجبائية عكس باقي دول العالم الذي يمثل فيها سعر الصرف آلية للسياسة النقدية، حيث تقوم الحكومة بإعتماد “الوهم النقدي” لأجل أن ترفع مداخيلها من الدينار الذي يضخها البنك المركزي بعد تسلمه مداخيل المحروقات الذي يباع بالدولار، وهذه السياسة تؤدي في النهاية إلى التضخم.

في ظل هذه الظروف ما هو الحل ؟

الحل الوحيد هو تغيير نظام الحكم حتى يكون هناك إنسجام في السياسات، والجزائر تحتاج إلى إعادة هيكلة الدولة والمدرسة وإعادة هيكلة الإقتصاد وتوجيه الكفاءات الوطنية لخدمة الوطن، وهذا الامر يحتاج إلى وقت وصبر من قبل المواطنين ولا يمكن ان يكون ذلك إلا بحدوث قطيعة مع التسلط .

وقع جدل واسع بخصوص الحوار مع السطة داخل تنسيقية الإنتقال الديمقراطي، ما هو موقفك ؟

وقت الحوار مع النظام الذي أصبح عبارة عن اقطاب قد فات منذ زمن بعيد،  وإذا كان هناك تواصل مع هؤلاء يجب ان يكون حول التفاوض من اجل تجسيد برنامج للتغيير، هذا رايي الخاص، والاهم اننا في التنسيقية نتفق على مطالب واضحة مكتوبة في أرضية مزافران، وكذلك المطالبة بإنتخابات رئاسية مسبقة تشرف عليها هيئة مستقلة ودائمة من أولها إلى آخرها.

قولك بأن النظام مفتت، هل يعني وجود صراع حقيقي على الحكم ؟

قلت في البداية ان الدولة الجزائرية مميعة، وتفتيت الاقطاب حول السلطة لا يعني عدم إتفاقهم على الريع والنهب، وأي صراع يخرج للعلن سببه الحقيقي الصراع من أجل الإبقاء على مصالح المجموعات المتواجدة في السلطة وليس صراعا على السلطة، وعدم وجود قيادة موحدة هو ما يؤدي احيانا إلى حالى تخبط وتناقضات في القرارات.

كيف سيكون التغيير في الجزائر إذا ؟

أستبعد أن يكون التغيير من داخل النظام كما حدث في البرتغال، ولا حتى من المعارضة السياسية نتيجة عدم إمكانية بناء موازين قوى جديدة مع السلطة نتيجة غلق منافذ تجنيد الامة حول مشروع بديل، وعامل الزمن سيخدم خيار إنفجار الشارع لما لا تستطيع  السلطة تلبية حاجيات مواطنيها إبتداء من سنة 2017 الذي سيكون عاما للمشاكل الكبرى.

في مثل هذا الشهر من سنة 1999 قدمت إستقالتك من الحكومة، هل كان قرارك صائبا وفق معطيات اليوم  ؟

إتخذت قراري إحتراما لمفهوم دولة المؤسسات  وليس الأشخاص، والذي أناضل اليوم من أجل تجسيده، ويمكن ان افصل أكثر من خلال منبركم المحترم كاول مرة في رسالة الإستقالة التي كتبتها واطلعت الراي العام عليها في حينها، يوم الجمعة الساعة الثامنة ليلا يتصل بي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الذي كان السيد علي بن فليس، وابلغني ان هناك اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء، فأخبرته أني أنا رئيس الحكومة وانا من أحضر إجتماعات الحكومة، فأخبرني أنها رغبة الرئيس بوتفليقة، فسألته عن موضوع الإجتماع فاخبرني بوجود أمر رئاسي يريد الرئيس بوتفليقة تمريره، أبلغته أن هناك حكومة قائمة وهناك برلمان يجب ان يحترم، وقد ارسل لي فعلا ليلتها الامر الرئاسي وجدته يتضمن إلغاء قرارات كانت الحكومة قد إتخذتها في تسيير الشؤون العادية للمواطنين، فإتخذت لحظتها قراراي بالإستقالة لأني لا اقبل التدخل في صلاحياتي ولا الطعن في قناعاتي  ومنها ضرورة العمل في إطار المؤسسات.

حاوره: محمد رابح

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى