أعمدة الرأي

حصحص الحق، فكشف فيس بوك عن عقيدته الصهيونية

في حدث غريب تُقدم إدارة فيس بوك على تهديد  بإغلاق صفحة جمعية المسلمين الجزائريين ، بسبب منشور عن مؤسس حماس الفلسطينية الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى كما  أغلقت حسابات مسيري صفحتها.

وحسب بيان الجمعية الذي تداولته الصحف الجزائرية ؛ في 22 مارس، نشرت صفحة الجمعية على الموقع تدوينة بمناسبة ذكرى رحيل من يوصف بشيخ المجاهدين، جاء فيها “كان رجلا بأمة لم يقتلوه برصاصة بل بصاروخ .. رحمه الله عاش عظيما ومات عظيما”.

ونشرت المنظمة رسالة تلقتها من إدارة فايسبوك، جاء فيها “لقد تم حذف منشوركم لأنه لا يتطابق مع معايير مجتمع الفايسبوك”.

الصورة من الوضوح بقدر لا تخفى على أحد معالمها البارزة والدقيقة . فالموقع العالمي الشهير (مأوى البشر الجديد)، ينحاز للمنطق الصهيوني ، وتحديد المصطلحات التي يجب خضوع المجتمع الدولي لها راغما ، راكعا زاحفا ، خانعا : فكل مقاومة مشروعة لغطرسته وعدوانه يجب أن تكون هي المعنية أولا بصفة ( الإرهاب) والمقاوم البطل المستميت، في ساحة المقاومة والدفاع عن حقوق شعبه ، وأرضه المغتصبة ، يجب أن تكون كلمة الإرهاب قد خُلقت لأجله.

وبالطبع فلا جديد في هذا المنطق ، فقد استرخى له العالم ، واستسلم له ، وزادته أحداث المنطقة العربية رسوخا ، وقطعية في العقول والقلوب.

لكن الغريب العجيب أن هذا الاتسئساد (الفيس بوكي)، مرّ كأن لم يكن شيئا ؛ فلم يلفت انتباه إعلام عربي ، ولا تداولته المواقع العربية بما يناسب حجمه ودلالته، وهي التي صارت لا تنام ولا تصحو (فهي في منزلة بين المنزلتين ) إلا على الصراع الطائفي المقيت يستأصل خضراءها ، خدمة لمصالح دولية كبرى ، فضّلت الأداة الطائفية الدينية لتحقيق ذلك ، بناء على معطيات كثيرة توفرت لها ، بعضها ضارب في تاريخ أمتنا، وبعضها الآخر ، حبكته مراصد الاستعمار النفسية والفكرية والسياسية والاقتصادية .

يمكن وضع جملة تعليقات وملاحظات  بين يدي (النازلة الفيس بوكية) الترهيبية الوقحة:

-وسائل التواصل الاجتماعي هذه بقدر ماهي علامة العصر الرقمي المذهلة، بقدر ما هي أيضا أداة الكبار لاحتواء العالم في صناديقها السحرية؛ وتشكيل مادته كيف تشاء، وفق مصالحها العولميةالقارونية الطاغية.

-تمنحنا الحادثة، فرصة جديدة للتعرف على ذاتنا بمعيار الحضارة؛ فنحن لم نعد أمة خرجت من الحضارة فحسب، بل قطيعا تاه عن ملامح الحضارة.

-تفسخ الجسم العربي والإسلامي ، بلغ أقصى حالات التفسخ ، وأخذ يتجه صوب حالة فقدان الاحساس بحالته المرضية المستعصية الحل.

– استيلاء التناحر الداخلي ، والطائفي ، والسلطوي على كل شعور، كان يصرف جزء كبير منه لقضية فلسطين، التي هي محور هذا التهالك الذي تصنعه أيدينا، وأموالنا، وأبناؤنا في أجسادنا ومقدراتنا وبلداننا. والاستماتة في سلوك مسلك المهلكة الرهيبة.

– التيه عن تجارب دول استطاعت أن تحقق لها مكانة ، بل وندية للغرب الاستعماري المتصهين ؛ فالصين مثلا- استطاعت أن توجد لها وسائلها التواصلية الاجتماعية الخاصة بها؛ من خلال تطبيقات صينية بحتة ، تعلن من خلالها مدى تطورها التكنولوجي، وشموخها الحضاري أمام الغرب، ورهبة الجانب بلغة العصر ومنطقه العلمي. ومهما يكن من تعقيب على هذا؛ كدافع المراقبة على المنشور وفق قواعد حرية الرأي.

في الدولة العملاقة، لكن الديكتاتورية بمعايير الغرب الذي لا تعنيه الديمقراطية إلا إذا شعر بخطر على مصالحه، أو بدافع خصوصية اللغة الصينية، فإن المنجز الحضاري قد تجسد، وقدرا من الأمن الحضاري بالتأكيد قد تحقق .وقد سجل تحقيق لبي بي سي، مستوى التطور المذهل لهذه التكنولوجيا  في أقصى القرى  في الصين، فاق ما عليه الحال في لندن مثلا ،حسب صاحب التقرير- الانجليزي- الذي عاش فترة ملائمة لعمله  في إحدى المناطق النائية. وكتب تحقيقه المبني على الوقائع والشهادات والمعايشة.

– قد يحسن ملاحظة حول رد فعل الفيس –صهيون على منشور جمعية العلماء الجزائريين ؛ فليس هو الموقع الوحيد الذي يحتفى بذكرى استشهاد البطل العظيم ؛ وإنما إدراكا من مراصد التتبع الصهيوني والامبريالي ، الذين يقدرون تقديرا جيدا ما عليه منطقة المغرب العربي من موقف صلب لا يلين إزاء الكيان اللقيط، وإجرامه الكبير. كما ان بعض دوله يجمع موقفها تناغما وتوافقا بين الشعب والسلطة ؛ ففي تونس –مثلا –سُنّ قانون تجريم محاولة الاعتراف بالكيان الصهيوني، أو محاولة (التطويع المذل المهن) تحت مصطلح مضلل (التطبيع ). أما الجزائر فلا تزال وفية لمبدأ  الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة). ومواقف  شعوب المغرب العربي فهي على عهدها مع وجوب العمل على استرداد الحق المغتصب إن شاء الله تعالى .

– إن الكتلة البشرية للكيان الإسلامي تعدل الكتلة البشرية الصينية إن لم تفقها؛ لكن أي وزن لهذه بتلك؟!.

– أما نستحى أمام الله تعالى ، والضمير الإنساني الحي وأمام أنفسنا ؛ من تقاعسنا عن وقفة شموخ ونصرة لرجل قعيد احتواه كرسيه قبرا نتيجة صاروخ صهيوني أشرف مجرم الحرب شارون على إطلاقها ؟! ألم نفكر – وهو أضعف الإيمان – بالطبع في أننا بكتلتنا الإسلامية يمكن أن نواجه إدارة فيس بوك المتصهينة بمنطقها ، فنهددها في وقفة رجل واحد بأننا سنغلق حساباتنا في الشركة؟!

  • أما نفكر في إنشاء آلاف الصفحات على الموقع المتصهين باسم وصورة وشموخ الشيخ الشهيد رحمه الله تعالى ، نغزوه بها؟

أما آن لهذه الأمة أن تشعر بأن همهمة منها في سبيل حق  كهذا يمكن أن تحدث أثرا ما في الجسم الفيس بوكي  المادي؟!

– بالطبع لا يمكن تصور أن هذه هو الحلّ الجذري؛ فالأمة ستظل مادة معاضضة لقوى الاستكبار، والاستعمار، والمصالح الاقتصادية، ما لم تصنع وجودها الحضاري. وهنا حديث يطول لا يتسع له المقام.

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى