أعمدة الرأي

بوضياف، غلام الله..و”التدويل” !

ناصر بوضياف، نجل الرئيس الراحل محمد بوضياف قرر نقل قضية والده إلى المحاكم الدولية، لا أحد اهتم بالخبر ولا بالحدث ومعناه، جريدة واحدة قامت بنشر التهديد والبقية (لا حس ولا خبر) فلا حديث يعلو على حديث البالون هذه الأيام !!
ما معنى أن يقوم نجل رئيس سابق في الجزائر بنقل قضية والده إلى المحاكم الدولية؟ وهل تستطيع الجزائر أن تصمد أمام فضيحة مدوية بهذا الحجم؟ لا لوم على ناصر بوضياف فهو يسعى وراء الحقيقة، وان كنت أعتقد أن محمد بوضياف “الرمز الثوري والتاريخي” لم يكن ليرضى بمثل هذا التصرف، لكن وجع الخيانة أليم جدا، وطعمها مر، ولا أحد يمكنه المزايدة على ناصر بوضياف في مثل هذه المسألة تحديدا !
كيف يمكن محاسبة ناصر بوضياف على موقفه وهو يرى ويستمع إلى بوعبد الله غلام الله يتحدث بصراحة عن جهات في السلطة قامت باستدعاء الرجل ثم اغتياله !
كيف يمكن الوثوق مجددا في مثل هذا النظام على أنه سيفتح الملف ويكشف الحقيقة، ليس لعائلة بوضياف وحسب، وإنما لكل الأجيال التي عرفت سي الطيب الوطني، وأحبته وبكته بمرارة يوم اغتياله على المباشر !
نفي بوعبد الله غلام الله لحديثه السابق وتصريحه الخطير حول مسؤولية بعض من كانوا في السلطة عن اغتيال الرئيس بوضياف، جاء أخطر من التصريح ذاته !!
رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في نفيه للتصريح (الشروق بتاريخ 21 جانفي الحالي) والقول إن البعض أوّله بشكل خاطئ، لا يمكن تفسيره سوى بتأكيد محتوى التصريح ذاته، وبأن ردة الفعل على مستوى دوائر صنع القرار لن تتأخر في طرد الرجل من المنصب الذي عُيّن فيه قبل أسابيع قليلة والمبرر جاهز في حالة غلام الله..أسباب صحية !!
لا تتوقعوا طبعا أن يتم فتح تحقيق حول التصريح ولا أن تكون هنالك متابعة حقيقية وجدية للقضية، كما أن نجل الرئيس الراحل، السيد ناصر بوضياف يبدو متفائلا جدا بإمكانية أن يدلي غلام الله بشهادته أمام العدالة، طالما أن ميكانيزمات النظام الذي كان يحكم في بداية التسعينيات ما تزال مستمرة حتى الآن، بل ومنذ الاستقلال حتى اليوم، هدفها إخفاء الحقيقة بحجة الخوف على أمن واستقرار البلد (رغم أن ذلك يفتح باب الشائعات التي تهدد البلاد فعلا وليس كشف الحقائق التي تهدد الأشخاص) !
الجميع يذكر أن ناصر بوضياف وفي برنامج تلفزيوني قال بالحرف الواحد إنه يتهم الجنرال المتقاعد توفيق بالمسؤولية عن اغتيال والده، ومرت القضية وكأنها لا حدث، بل لم يشاهد التصريح كثير من الناس لتصادف تلك الحصة على إحدى القنوات مع بث مباراة لكرة القدم..البركة في صفحات الفايسبوك وفي اليوتيوب الذي ينقذ الحقيقة الآن من الذوبان !
وعلى ذكر الكرة، فان اهتمام الجزائريين بمعرفة من أقصى فريقهم من الدور الأول لكأس إفريقيا، أهم لديهم من معرفة من قتل رئيسهم قبل 25 سنة !!
المسألة الوحيدة التي لا يمكن الفرار منها، سواء تعلق الأمر بعبد الله غلام الله أو بشخص آخر، أن التاريخ لن يرحم، وبأن عهد “فهمتوني غالط” قد مضى وبأن الجزائريين باتوا أكثر وعيا من أي وقت سابق، ناهيك على أن كلام غلام الله مسجل وقاله في جريدة عمومية (الشعب) وليس حتى في قناة خاصة أو جريدة متآمرة على البلاد والعباد مثلما يتوهم البعض ويحلو لهم أن يرددوا دوما !!

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى