أعمدة الرأي

“..غير المبررة”، وليس “…الغير مبررة!”

يجمع فقهاء اللغة أن “غير” لا تدخل عليها الألف واللام، لأن  ذلك ليس من كلام العرب، ولم يوجد له أثر لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية.. لكن يحلو للكثير من الكتاب والصحفيين ومعظم السياسيين، فعل ذلك دون حرج أو شعور باللحن في الكلام، والخطأ في التعبير.. إذ يقول سيبوي وفي قوله الفصل:.. و( غير ) … ليس باسم متمكن ، ألا ترى أنـّها لا تكون إلا نكرةً ولا تْجـمع ولا تدخلها الألف واللام.. أمّا قول بعض علماء اللغة : (الغَيْر) فيجمع النحويون أنه لم يُطَّلَع على دليل مسموع من كلام العرب يُعضّد ذلك إذا كانت هذه الكلمة تدل على معنى الْمغايرة .

ولا يشكل الاستثناء لهذه القاعدة، وكعادته في مواضيع أخرى إلا مجمع اللغة العربية المصري. فقد ناقش المجمع هذه المسألة وانتهى إلى القول بجواز دخول الألف واللام على “غير”، وأنها تكسبها التعريف، لكن مجمع اللغة العربية الدمشقي يعارض ذلك إلى جانب الكثر من المختصين..

وحجة المعترضين على “فتوى” المجمع القاهري، أن رأيه ليس حجة في ذاته ، وإنما قد يستأنس به . فكم من آراء لهذا المجمع لم يوافق عليها بعض كبار اللغويين في هذا العصر. ثم إنه لا حجة للمجمع في ذلك إلا القياس، فلم يجيزوا ذلك جوازا مطلقا، كما يؤاخذ على هذا المجمع التساهل في بعض آرائه مما يتطلب النظر والتريث في ما يصدر عنه من قررات، كما أنه معارض لرأي كبار أهل العلم قديما : كسيبويه ، والحريري وغيرهما ومعارض لرأي كبار أهل اللغة المعاصرين منهم : زهدي جار الله في كتابه ( الكتابة الصحيحة ) ص (270) ، ومازن المبارك في كتابه ( نحو وعي لغوي ) ص (199) وغيرهما كما في كتاب ( معجم الخطأ والصواب في اللغة ) ص (207) .

وعليه، فمن “غير” المعقول إذن أن يُحّمِّلَ اللغويون “غيرهم” مسؤولية شيوع الأخطاء، واللحن في الكتابة والخطابة، أو يبرروا تساهلهم بحجة “خطأ مشهور خير من صواب مهجور”.. كما أنه لا يجوز للصحفيين والكتاب و”غيرهم” أن يسمحوا لـ”غير” المهنيين أن يتاجروا بشرف المهنة، في سوق السياسة، ويعبثوا بأخلاقياتها في سوق النخاسة، بممارسات “غير” أخلاقية ولأهداف “غير” شريفة..

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى