ريبورتاج

أمراض الجوع والفقر تعود.. الكوليرا تفتك بالجزائريين

الكوليرا، وباء قاتل، زرع الرعب في النفوس البشرية على مر التاريخ، كونه قضى على الملايين من الأرواح، تعود جذوره التاريخية إلى شبه القارة الهندية، حيث يوجد نهر الغانج ذو المياه الملوثة، وانتشر عبر العالم من خلال الرحلات التجارية، لينتقل إلى روسيا، أوروبا وأمريكا.

ومع التقدم الطبي تمكن البشر من قهر الوباء، إلا أنه ظل بين الفينة والأخرى يظهر، ليحط الرحال في أجساد أفراد لم يتوفروا على شروط وقائية آمنة، تحافظ على سلامتهم من المرض الفتاك، الذي يرعب الجزائريين حاليا، ويصنع الحدث، كونه تمكن من إصابة 41 شخصا.

وباء الموت.. يفتك بالعالم

ما بين عام 1826و1816 انتشر وباء الكوليرا الأول، في الهند، وتمكن من قتل حوالي 10 آلاف فرد من القوات البريطانية، وعددا لا يحصى من الهنود .

وباء الكوليرا الثاني كان ما بين عام 1829 و1851 حيث تسبب في موت 100 ألف مجري، و55 ألف شخص بريطاني، 150 ألف شخص مصري، و15 ألف شخص في مكة المكرمة، و100 ألف فرنسي، ووصل إلى روسيا، كندا، ايرلندا والكثير من الدول.

انتشار وباء الكوليرا الثالث كان ما بين عام 1852 و1860، وعلى وجه التحديد في روسيا، حيث حصد قرابة مليون شخص، أما وباء الكوليرا الرابع فقد حدث بين عام 1863  1875، حيث مس معظم الدول الأوروبية والإفريقية، وأسفر عن موت 165 ألف نمساوي، و 20 ألف هولندي، و113 ألف إيطالي.

وباء الكوليرا الخامس، حدث ما بين عام 1899 و 1823، حيث تسبب بموت حوالي500 ألف روسي، ولم يصب أوروبا التي تمكنت من إحراز التقدم في المجال الصحي، كما تسبب وباء الكوليرا السادس في وفاة 800 ألف شخص هندي.

أصاب وباء الكوليرا السابع ما بين عام 1970 و 1961 اندونيسا، وظل ينتشر بصفة متقطعة في بعض الدول حتى عام 2000 حيث سجلت منظمة الصحة العالمية 140 ألف حالة كوليرا، بلغت نسبة الاصابات منها 97 بالمئة من افريقيا.

ويعتبر اليمن حاليا أكثر الدول التي تكافح المرض، فمنذ عام 2016 اشتبه بإصابة 1800 شخص بالداء، وتسبب في موت 1200 يمني.

مرض معدي سببه التلوث

ضمة الكوليرا، جرثوم سلبي خطير، ينتج مادة ذيفان الكوليرا، حيث يعمل على تبطين الأغشية المخاطية للأمعاء الدقيقة، ما ينتج عنه حدوث اسهال مستنزف، ومؤلم للغاية، في غضون ساعة قد ينخض ضغط الدم إذا لم يقدم العلاج المناسب، وكلما تأخر العلاج زادت احتمالية الوفاة.

يشار إلى الإسهال الحاد ذو السيولة العالية باسم “براز ماء-الأرز”، حيث يحمل بكتيريا خطيرة، إذا اختلطت بمياه صالحة للشرب، فإنها تنقل العدوى لمستخدميها، ويمكن أن تتواجد ضمة الكوليرا في العوالق الحيوانية للماء العذب، قليل الملوحة، والمالح، وفي حال وصولها للبشر قد تصبيهم الكوليرا. الاسهال الحاد، يمكن أن يتسبب في جفاف الجسم، مما قد يسبب الموت.

الكوليرا يعود إلى الجزائر في 2018

بعد تأكيد وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، اليوم الخميس، لإصابة 41 شخصا بوباء الكوليرا، وفقا لنتائج تحاليل معهد باستور، على مستوى مستشفى بوفاريك في البليدة، حيث تأكد إصابة 22 شخصا، ببكتيريا الكوليرا من نوع “أوغاوا 01″، وفي الوقت الذي تم فيه نفي انتقال الوباء عبر المياه الصالحة للشرب، فإن المواطنين يظلون متوجسين، من نتائج تحاليل المياه، حيث فضل الكثيرين الاستغناء عن استعمال ماء الحنفيات، للاشتباه بكونها مصدرا للمرض.

وتعكف حاليا خلية الأزمة التي نصبتها وزارة الصحة، على تحليل الخضر والفواكه، وكل ما يمكن الاشتباه فيه بتسبيب المرض، الذي إذا ما تفشيه بصفة أكبر، فقد لا يمكن السيطرة عليه، كونه سريع الانتشار، وقابل للعدوى.

الخطر أكبر لجهل أصل المرض في الوقت الذي تشهد فيه الجزائر، حالة استنفار قصوى، حيث بات من الضروري اتخاذ إجراءات أكثر جدية، للحفاظ على سلامة المواطنين، عزل المرضى وإجراء الاختبارات على أقاربهم قد يساهم في معرفة أصل الجرثومة، وكيف وصلت إلى أجساد المرضى، لكنه ليس حلا كافيا، في ظل عدم الكشف عن المصدر الأصلي للمرض، وهو الأمر الذي قد يرفع المزيد من حالات الإصابة، ويسبب الموت.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى