تحقيقريبورتاج

الأسماء المحظورة …وصاية الدولة على الرضيع

ظهرت في السنوات الأخيرة عدة قضايا تتعلق برفض تسجيل الأسماء الأمازيغية في مصالح الحالة المدنية لبعض البلديات في الجزائر، و لعل أشهر قضية في هذا الملف هي قصة الطفل “قايا” بولاية باتنة الذي أنصفته العدالة بعد عامين من ولادته وتمكن والداه من تسجيله بالإسم الذي إختاراه له.

يتحدث المحامي كسيلة زرقين محامي وعضو ناشط في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومعروف بالدفاع عن حقوق الأطفال الحديثي الولادة في الاسم الذي يختارونه،  في حوار مع سبق برس عن هذا الملف على خلفية رد وزير الداخلية و الجماعات المحلية نور الدين بدوي مؤخرا على سؤال شفوي تحت قبة البرلمان و تقليله من حجم القصية حيث صرح أن عدد الملفات لا يتعدى ثلاثة و قد تم معالجتها.

عرفتم في السنوات الأخيرة بالدفاع عن أحقية الآباء في تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية بعد أن تم رفض تسجيلهم في مصالح الحالة المدنية، هل هذه الممارسات شائعة أم هي استثناءات ؟

هذه الممارسات تعد شائعة عبر كافة ربوع الوطن بحكم أن تسمية الأبناء بأسماء امازيغية لا يزال ممنوعة في نظر المرسوم 81-26 المتعلق بمعجم الأسماء الجزائرية، حالات الرفض المسجلة أمام مصالح الحالة المدنية في الجزائر تعد سنويا بالمئات و الإشكال لا يزال هو الأخر يراوح مكانه في ظل انعدام قرار سياسي على اعلي المستوى لمعالجة هذا الملف.

وزير الداخلية أكد أن العدد لا يتجاوز الثلاث حالات و تم التكفل بها من طرف وزارة الداخلية و القضاء. هل هذا صحيح؟

 

الحالات التي تكفلنا بها شخصيا أو تلك التي تم إخطارنا بها تعد بالعشرات، شهريا يتم الاتصال بمكتبنا و من كل نواحي الوطن قصد التكفل بقضايا تتعلق بالإشكال نفس، كما انه فيه العديد من العائلات التي تتراجع عن اختيارها بسبب خوفها من الالتجاء إلي القضاء و عرض القضية أمام العدالة الجزائرية.

تصريح وزير الداخلية لا يعكس إطلاقا الواقع المعاش، نهيك عن كون أن القضايا التي تم تسجيلها لم تلق حل على مستوى وزارة الداخلية كما جاء في تصريحه وإنما النتيجة جاءت على مستوى القضاء بعد معركة قضائية دامت أآخرها قرابة السنتين و يتعلق الأمر بالطفل المسمى “قايا” ببلدية أريس، ولاية باتنة.

كما يجدر الإشارة أن وزارة الداخلية لم تقم إطلاقا أي منذ سنة 1981 بمراجعة قائمة الأسماء الجزائرية كل ثلاثة سنوات كما هو منصوص عليه في المادة 05 من المرسوم 81-26 المتعلق بمعجم الأسماء الجزائرية، نهيك عن كون انه إلى حد هاته الساعة فانه لم يتم إصدار القائمة المتضمنة لــ 300 اسم امازيغي ضمن مرسوم تنفيذي كما سبق و أن وعد به وزير الداخلية السابق دحو ولد قابلية في سنة 2013.

أين يكمن المشكل بالضبط؟ هل هو قانوني أم سياسي؟

القانون في الجزائر هو على صورة السياسة العامة في البلاد، عندما تم إصدار المرسوم 81-26 المتعلق بمعجم الأسماء الجزائرية في سنة 1981 كان الغرض منه آنذاك هو كبت الحركة الثقافية البربرية وكذا كل الأصوات المطالبة بالاعتراف بالهوية الأمازيغية التي نشطت في نهاية سنوات السبعينات ومطلع سنوات الثمانينات، فالمرسوم 81-26 جاء ليفرض قائمة أسماء عربية-إسلامية كمرجع يتم التقيد و الالتزام بها على سبيل الحصر كما هو واضح من خلال نص المادة 04 منه, ليتم بموجبه رفض كل اسم امازيغي يتم اختياره من قبل الأولياء لكونه غير متضمن ضمن هته القائمة.

 

هل هناك نوع من التمييز و خرق لحقوق الإنسان في هذه المسألة ؟

 

بطبيعة الحال، هناك سلسلة من الخروقات للقانون الوطني و الدولي على حد سواء، يأتي علي رأسها الدستور بالإضافة الاتفاقيات و المعاهدات المصادق عليها من قبل الدولة الجزائرية.

فالدستور الجزائري ينص في المادة 29 فقرة 2 “وانه لا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلي المولد أو العرق أو الجنس أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي ضف إلي هذا فان الجزائر صادقت بتاريخ 14/02/1972 و من دون أي تحفظ علي الاتفاقية الدولية لسنة 1969 المتعلقة بمناهضة كل أشكال التمييز العنصري التي تنص في المادة 2 منها و انه ” تشجب الدول الأطراف التمييز العنصري وتتعهد بأن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون أي تأخير، سياسة للقضاء علي التمييز العنصري بكافة أشكاله” و هو السبب الذي من اجله قمنا بإخطار مقرري الأمم المتحدة في سنة 2013 حول هاته الانتهاكات التي تخل بالتزامات الدولة الجزائرية.

كيف تتصورن الحل برأيكم ؟

الحل يكمن بكل بساطة في إلغاء الأمر المتضمن معجم للأسماء الجزائرية لعدم دستوريته كون أن هاته القائمة لم تأخذ البعد أو المكون الامازيغي للهوية الجزائرية، على أن يتم في المقابل تكريس حرية الأفراد في اختيار الأسماء المناسبة لأبنائهم من دون قيد أو شرط، متى كانت هاته الأخيرة لا تتعارض و الآداب العامة.

 

بصفتكم محامي و ناشطا حقوقيا، ما هو المسعى الذي ستتخذونه قصد المساهمة في معالجة هذا الإشكال ؟

 

نحن الآن بصدد إطلاق حملة جمع أزيد من مئة توقيع محامي عبر كافة أقطار التراب الوطني، الغرض منها المطالبة من رئيس المجلس الشعبي الوطني و كذا رئيس مجلس الأمة الذين لهما بالإضافة الي رئيس الجمهورية صلاحية إخطار المجلس الدستوري، قصد إخطار هذه الهيئة والبث في مدى دستورية الأمر المتضمن المعجم الوطني للأسماء الجزائرية من عدمه، على أن يبقي عملنا متواصل في إيفاد مقرري الأمم المتحدة حول التطورات أو الخروقات المسجل في هذه المسالة.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى