أعمدة الرأي

الفلاح العجوز…وزمن الطرطور

أتذكر جيدا وأعتقد أن الكثيرين مثلي يتذكرون القصة الشهيرة التي كانت مدرجة في مقرر الإبتدائي قصة الطرطور والفلاح العجوز قصة على قدر ماهي جميلة وبطابع هزلي بقدر ما تحمل عبرا كثيرة.

لقد رسخت هذه القصة مبادىء جميلا أهمها الأرض والجهد وقيمة العمل، فصورت الفلاح العجوز أنه الرجل الذي يعمل ويشقى ويتعب وينال وصورت من جهة أخرى الطرطور رجل غبيا بليدا لن ينال شيء في الأخير لانه لم يجتهد ولم يعمل .

هذه الرمزية التي قد يعتقد البعض انها بسيطة، هي في الحقيقة قيمة ثمينة رسخت في الاجيال مبدا الأرض لمن يخدمها، ومخطئ من يعتقد أن شعار الارض لمن يخدمها هو شعار اشتراكي أو شيوعي أو رمزيا لأي تيار سياسي انه شعار عادل يرسخ للعمل وللجهد ويؤكد أن الأرض وما ادراك ما الأرض بقدسيتها وشرفها لن تكون مرتعا للمتاجرين بعرق الناس ولا لمصاصي الدماء ولا لذئاب الدينار الرمزي ولا للمستثمرين المزيفين النهابين للاراضي .

الفيديو الذي تم تناوله على نطاق واسع للفلاح العجوز من وهران وهو يضرب أخماسا في اسداس كيف تجرؤوا على ارضه وهي حبلى بالسنابل،  كيف تجرؤوا عليها وارادو ان يحيطها الاسمنت والأعمدة، يكشف للمرة الألف أن الأراضي الفلاحية في الجزائر في خطر… خطر فعلي وحقيقي …. خطر اجتمعت فيه فراغات التشريع وضعف الدولة في فترات سابقة وتربص ذئاب الدينار الرمزي والمستثمرون المزيفون , اين هي متيجة والتي تمتد من تيبازة الى بومرداس ومن العاصمة الى التيطري , اين الاراضي الفلاحية في بوفاريك والصومعة وقرواو وبينان وبوقرة والشبلي اين اراضي حمر العين والداموس وحجوط والقليعة وبن شعبان , اين اراضي تسالة المرجة وبئر التوتة ….

لقد أكلها العمران والإسمنت ومات بقى منها باعه أصحاب هذه الأراضي لتشيد بنايات الريف ليصبح الإسمنت والأجور سيد الموقف .

السؤال الذي يجب أن يطرح فعلا اليوم لماذا عجزت الدولة عن حماية الأراضي الفلاحية، أين هو القانون التوجيهي لسنة 2008 وهو صريح في مادته الـ 14 لا تغيير في وجهة الأرض الفلاحية، لماذا لم تنجح الدولة في ممارسة حق الشفعة على كل الأراضي الفلاحية التابعة للخواص الذين قرروا بيع اراضيهم , لماذا لم تشتري الدولة هذه الأراضي , لماذا لاتعمل الدولة على منع اي اشهار عقاري لارض فلاحية توجه خارج مجال الفلاحة، لماذا لم نعمل سجل الكتروني لكل الأراضي الفلاحية في اللبد لمراقبة هذه الأراضي وحمايتها.

إن صيحة هذا العجوز قد تكون آخر صيحة في وجه مصاصي الدماء قبل أن تموت كل السنابل ونستيقظ على زمن تعطى للفلاح العجوز أرض بور، و تعطى فيه الأرض الفلاحية للطرطور.

متعلقات

تعليق واحد

  1. إنّه زمن الطّرطور بالفعل . يوم قرّرت الدّولة الانسحاب من الواجهة وشراء السّلم بكل ما يلزم ، كان يومًا عسيرًا علينا جميعًا . لقد غزى الاسمنت ليس الأرض وحدها بل حتّى عقولنا . لك منّي أجمل تحيّة على هذا الضّمير الحي الأستاذ الأريب محمد عصماني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى