حواراتريبورتاج

بوديبة: العمل النقابي في الجزائر لا زال في مرحلة التأسيس

في هذا الحوار الذي أجرته معه “سبق برس” عشية الإحتفال بعيد العمال، يقدم الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بالمجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية مسعود بوديبة، تقييما لمستوى العمل النقابي والعقبات التي تقف في وجه ارتقائه، كما يعطي حوصلة عن المشاكل التي يعاني منها العامل الجزائري خاصة فيما القطاع العمومي وتوقعاته بخصوص الدخول الاجتماعي المقبل.

كيف تقيمون العمل النقابي في الجزائر ونحن نحيي العيد العالمي للعمال ؟

العمل النقابي في الجزائر لازال في مرحلة التأسيس. للأسف بعد الاستقلال والاختيارات التي اتخذتها الدولة المستقلة، لم يستطع الاتحاد العام للعمال الجزائريين تفعيل الديناميكية النقابية التي كان من المفروض أن تشهدها تلك الفترة المهمة جدا، للتأسيس للعمل النقابي الفعلي بصفة تدريجية، وبطبيعة الحال للمساهمة في بناء الدولة المستقبلة، بمفهوم تنظيم نقابي مستقل يؤسس لثقافة عمالية، ثقافة مطلبية، ثقافة الحوار وثقافة التشاور، إذ أن الأمر تم بطريقة أخرى في إطار سياسة الحزب التي انتهجتها الدولة آنذاك.

وبعد سنة 1990 وصدور قوانين العمل المتزامنة مع الانفتاح آنذاك، حضيت الجزائر في سابقة أولى بقوانين تؤسس لأرضية مهمة للتعددية النقابية، وفتحت المجال لظهور تنظيمات نقابية جديدة بصفة مستقلة وهذا التأسيس تأجل مرة أخرى بحكم العشرية السوداء، التي عطلت التأسيس الفعلي للعمل النقابي التعددي وفق قوانين الجمهورية.

في بداية الألفية الثالثة الشيء الجديد الذي ظهر هو نقابة “الكناباست”، فلا أحد ينكر أنها قدمت إضافة ودعم قوي لتفعيل قوانين الجمهورية الجزائرية عموما وقانون العمل بصفة خاصة.

ما هي الإضافة التي أتت بها “الكناباست” للعمل النقابي في الجزائر ؟

“الكناباست” سعت لإثبات أنه بالتعددية النقابية والاعتماد على التنظيمات النقابية التمثيلية يمكن أن نؤسس لتطور الوضع، وللحوار الاجتماعي وللسلم على مستوى المؤسسات التربوية. وأنه بالإمكان  تفعيل قوانين الجمهورية وجعلها في متناول الجميع، بغية الوصول لأرضية صلبة لحرية التعبير وحرية والتنظيم والحريات النقابية بالصفة الموجودة في قوانين الجمهورية. هذه الأخيرة التي تعد مكسبا للجزائريين، وجب استغلاله وتفعيله تفعيلا جيدا حتى يقدم الإضافة الجيدة التي أثبتتها جميع المواثيق الدولية، إذ لا يمكن أن نحقق التقدم بدون حريات نقابية.

وهل نجحتم في مسعاكم ؟

لو نقيم مسيرة “الكناباست” منذ 2003، فهناك عديد المكاسب التي تحققت من خلال النضال، ويبقى طموحنا أن نصل إلى دولة القانون واحترام القانون. فو نقارن بين القانون والممارسات القانونية لمسؤولي القطاعات نجد تعديات بالجملة على قوانين الجمهورية. كما أن سياسات الحكومات المتعاقبة تتجه إلى التضييق على ممارسة العمل النقابي.

أي نوع من التضييقات تقصدون ؟

الشي الذي عشناه أمام مسؤولي مختلف القطاعات هو عدم تقبلهم لهذه المستجدات، حيث عملوا المستحيل لمواجهة هذه الحركية النقابية، بتعسفات قانونية وتجاوز القوانين، عن طريق إصدار تعليمات تحد من القانون، تتجاوز القوانين والمراسيم والدستور الجزائري، وهو مشكل كبير موجود اليوم في الساحة النقابية على مستوى المؤسسات العمالية.

المشكل الثاني أن المسؤولين لم يستطيعوا أن يرتقوا إلى الحوار الجاد والتوافض الفعلي، ولم يستوعبوا بعد أن النقابة هي وسيلة مهمة لتحقيق الاستقرار والتنمية.

وما عشناه هذه السنة من خلال إضرابات التربية والصحة والتعليم العالي خير دليل، فرغم شرعيتها وتأسيسها المطلبي، نجد أن مسؤولي القطاعات لجؤوا إلى أسلوب جديد وهو التجاهل، الأطباء المقيمين مثلا 6 أشهر والمسؤولون ينظرون للأمر بنوع من اللامبالاة. والغاية من هذا الأسلوب هو تكسير العمل النقابي وإفقاده المصداقية، وأن لا يصبح الإضراب وسيلة لتحقيق المطالب. وكأن هذا الأمر يؤسس مستقبلا للقضاء على هذه النقابات.

كما أصبح مسؤولو القطاعات يلجؤون إلى استغلال مؤسسات الدولة لضرب الممثلين النقابيين، كاللجوء إلى العدالة في وضعية غير قانونية، من خلال القضاء الاستعجالي الذي لا يحق له البث في الإضرابات. في المقابل لما تكون هناك قرارات عدالة لصالح النقابات لا تطبق. ما جعل حرية النقابي في خطر.

ما هو التأثير الذي يمكن أن يخلفه هذا الوضع في ظل تراكم المشاكل ؟

بهكذا سياسات فإن المسؤولين يؤسسون للفوضى، فهم يستخدمون مراسيم غير قانونية، عوض اللجوء إلى المسارات القانونية، وهو ما من شأنه خلق فوضى قانونية، تؤسس إلى اضطرابات غير متحكم فيها. وهو تراجع عن الانفتاح وعن القوانين الموجودة وعن الدولة التي تبنى على أساس ديمقراطي وتأسيس للحريات، وتراجع أيضا عن الدولة المجتمعية.

قبضة حديدية بين النقابات المستقلة والحكومة فيما تتمثل أهم الملفات العالقة الآن ؟

هناك مكاسب مستهدفة بدأت بإلغاء 13-97 المتعلق بالتقاعد المسبق دون شرط السن، الذي نعتبره جريمة في حق المؤسسات العمومية بالدرجة الأولى، لأن اللجوء لهذا الإجراء وبالطريقة التي تم بها الأمر ساهم في خروج قرابة 200 ألف عامل من المؤسسات العمومية وهو ضربة للمؤسسات وإفراغها من الكفاءات الموجودة فيها.

القدرة الشرائية للعامل أصبحت مهددة هي الأخرى، بفعل ارتفاع الأسعار والتضخم، رغم الزيادات في الأجور سواء مباشرة أو عن طريق القوانين الأساسية الخاصة أو عن طريق الأنظمة التعويضية اللي صدرت بعد 2008.

كما سجلنا تراجعات في الحماية الاجتماعية، وشبه تنصل من الحكومة للعديد من الجوانب المتعلقة بالحماية الاجتماعية وهو توجه يتناقض مع توجه الدولة المجتمعية التي تبناها بيان أول نوفمبر. وقانون الصحة مثلا فيه تراجع مباشرة عن مكاسب الدولة الجزائرية كالعلاج المجاني والمستشفيات العمومية، وبذلك نحن نتجه نحو دولة لبرالية متوحشة تخدم القطع الخاص والأغنياء.

وهناك مكاسب أخرى تضيع، نعمل كنقابات مع بعض على مواجهتها حتى نحمي المؤسسات ومكاسب العمل وحتى لا ندخل في فوضى ممكن غير متحكم فيها مستقبلا.

تعكف لجنة متعددة القطاعات على تحديد قائمة المهن الشاقة، هل تتوقعون أن تنجح في الإعلان عنها ؟

تحديد المهن الشاقة مسألة جوهرية، لكنها لا يمكن أن تعالج بالطرق المطروحة الآن، كون هكذا إجراء يتطلب الاعتماد على العديد من المعايير لتحديدها، وفي غياب مراجع حقيقية كطب العمل وهيئات دراسات حقيقية تسهر على وضع تلك المعايير، فإن الخروج بقائمة المهن الشاقة أمر مستحيل، وإذا تم الأمر بصفة ارتجالية فسيدخلنا في دوامة مشاكل يصعب الخروج منها.

عمدت وزارة العمل إلى تصنيفكم كنقابة غير تمثيلية، كيف تقبلتم الفكرة ؟

الإجراء الذي اتخذته الوزارة لاثبات تمثيلية النقابات في بدايته كان مفاجئا والأصل كان يجب أن يبنى على التشاور مع النقابات في إطار قوانين الجمهورية. وتقديم إحصاء النقابي وفق النظام المعلوماتي الذي فرضته مستحيل في الفترة التي طلبتها، خاصة وأن النظام موضوع بصفة تعجيزية ويستحيل يوجد في وقت وجيز. وهو ما أعطى قراءات بأن الهدف منه هو التضييق على عدد من النقابات الناشطة وفي مقدمتها “الكناباست”.

ونحن قدمنا إحصاء في إطار التعليمة 009 في الوقت المحدد، ولا يمكن لمراسلة تنظيمية أن تلغي مدى تمثيلنا في الميدان. وكان الأولى بالوزارة وضع معايير لتحديد النقابة التمثيلية من غيرها، لأن التمثيل ليس فقط المنخرطين فالنقابة التي تسيطر على اللجان متساوية الأعضاء أو تسيطر على عدد اللجان أو المجالس الموجودة لا يمكن إهمالها أيضا لازم توضح معايير التمثيل قبل أن نقول هذه تمثيلية أو غير تمثيلية.

 الوزير زمالي أكد بأن النقابات غير التمثيلية لن يكون لها حق في التفاوض، كيف ستتعاملون مع هذا الوضع ؟

تعاملنا سيكون عاديا، سنواصل عملنا كنقابة مطلبية تدافع عن مطالب منخرطيها ولديها مطالب اجتماعية مهنية، وسنبقى نناضل بنفس الطريقة التي سرنا عليها منذ 2003 والميدان هو الذي سيحدد النقابة التمثيلية من غيرها ومن يملك أحقية التفاوض دون غيره.

بالعودة إلى قطاع التربية أين وصل حواركم مع الوصاية ؟

حوار موجود لكننا نعاني من الحوار الذي لا يرتقي ليكون حوارا جاد يسمح بحل المشاكل ويغيرها من موضعها، فنجد أن الأرقام المذهلة في جلسات الحوار لكن المشاكل المطروحة لم تتغير من موضعها. وعليه فإننا نطمح لحوار حقيقي يسمح بحل المشاكل المطروحة.

وفي ظل هذا الوضع وجدنا أنفسنا نلجأ في كل مرة إلى الإضرابات من أجل تغيير وضعيات معينة أو مطالب مطروحة منذ سنوات.

هل يعني ذلك بأن السنة الدراسية القادمة من المحتمل أن تشهد إضرابات جديدة ؟

قي ظل السياسة المتبعة الآن من قبل الوزارة في حل المشاكل، لم نصل أبدا إلى استقرار المدرسة الذي نطمح إليه جميعا، وأتوقع أن يكون الدخول الاجتماعي المقبل أكثر من سخونة.

متعلقات

تعليق واحد

  1. كيف لك ان تفتح فمك و انت الدي دخلت المؤسسة التعليمية بالتزوير و انت لا تملك لا شهادة الباك لا ليسنس. و معروف عنك انك اصبحت ثريا باموال الخدمات الاجتماعية التي نهبتها انت و صديقك سليم وتكره القبائيل يا ايها العنصري. و المؤسف ان الخرفان من اشباه الاساتدة يتبعونك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى