القمة العربيةحوارات

بومدين بوزيد: على القادة العرب أن لا يُخيّبوا آمال شعوبهم في قمة الجزائر

قال الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، بوزيد بومدين، إن القمة العربية المُزمع عقدها في الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر المقبل فرصة لإعادة إحياء الوجدان العربي وتشكيل قوة واحدة، داعيا القادة العرب لأن لا يُخيّبوا هذا الشعور الجديد.

وأكد بومدين في حوار خاص مع “سبق برس”، أن المُصالحة الفلسطينية التي جرت برعاية جزائرية سيُعطى لها نفس جديد بانعقاد القمة العربية، بالإضافة إلى كون القضية الفلسطينية جوهر أشغال القمة.

وتطرق الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، إلى دور المؤسسة الدينية في توحيد الصف العربي، كما قدّم توصية لعلماء الأمة بضرورة الابتعاد عن التورط في قضايا سياسية تؤدي إلى النزاع.

نص الحوار

الجزائر تتهيأ لاحتضان القمة العربية التي انطلقت أشغالها التحضيرية، كيف تقرأ العنوان العريض لهذه القمة وهو لم الشمل العربي ؟

بالنسبة للقمة العربية في الجزائر تمثل إعادة إحياء الوجدان العربي والتضامن والعمل العربي المشترك، قمة الجزائر جاءت بثمارها قبل انطلاقها ولقاء البيت العربي في الجزائر هو من أجل إعادة ترتيبه من جديد حيث يكون في سقف واحد ويُعزز التعاون الاقتصادي والجمركي وغيرها من الأمور ولنا في تجربة الاتحاد الأوروبي خير مثال، ونستطيع القول أن القمة العربية في حال جاءت بهذا الشكل سنكون قد خطونا خطوة ايجابية، بالإضافة إلى إعطاء أمل للشباب العربي مهما كانت النزاعات والخلافات وواقع الدولي الإقليمي من تكالب بعض الدول المجاورة للبلدان العربية وتهديد أمنها.

لكن يجب أن نقول أن على قادة الدول العربية أن لا يُخيبوا هذا الوجدان والشعور العربي الذي يتنامى منذ حركات التحرر العربي ومنذ الاستقلال كما يجب تقوية الشعور العربي بضرورة التحالف والعمل المشترك وغيره.

 

الفصائل الفلسطينية وقّعوا على إعلان الجزائر للمصالحة قبل أيام، هل يمكن أن تكون قمة الجزائر مُنعرجا للقضية الفلسطينية ؟

أتصور أن القمة العربية في الفاتح نوفمبر ستكون تزكية لاتفاق الجزائر الذي جاء تحت رعاية من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وبالتالي هذا الاتفاق سيُعطى له نفس قوي لأن العرب يُجمعون عليه، وستتشكل اللجنة التي ترافق الاتفاق، إعلان الجزائر نصّ على ضرورة تكوين لجنة عربية برعاية جزائرية لإصلاح البيت الفلسطيني، وأتصور أن القضية الفلسطينية ستكون جوهر أعمال القمة، بالإضافة إلى قضايا عربية أخرى تتعلق بالخلاف المصري الإثيوبي، القضية الليبية وغيرها من القضايا السياسية والاقتصادية.

 

بالمقابل، موجة التطبيع التي رفضتها الجزائر، ألا توجد مخاوف من تصادم الخيارات العربية في هذه النقطة ؟

موقف الجزائر واضح، هو أنها لا تتدخل في اختيارات الدول وترفض من الآخرين أن يتدخلوا في قراراتها، كما يجب أن نتفهم أن الدبلوماسية هي اختيارات وموقف الجزائر واضح منذ بيان أول نوفمبر الذي نص على تحرير الشعوب والسلم وتقرير المصير، ما يحكمنا ليست مواقف سياسية لرئيس جمهورية خلال مدة زمنية معينة وإنما ما يربطنا بهذه القضايا هو بيان أول نوفمبر الذي يعتبر روح الجزائر الذي نعيش به دستوريا، وبالتالي مسألة التطبيع بالنسبة لي شخصيا هي ليست التطبيع مع إسرائيل فقط، لكن هو القبول بوضع شرق أوسط جديد، فالخوف يكمن في تصور سياسي أمريكي غربي لصناعة شرق أوسط جديد، يجب أن نتساءل هل هذا الشرق الأوسط الجديد الذي تمخض في مختبرات أمريكية غربية يحمي كرامة العربي وسيادته وحريته أم لا ؟، أعتقد أن الخوف هو أننا نذهب نحو جغرافيا سياسية حضارية جديدة للعرب تضيع معها الشخصية الإسلامية وتضيع معها كرامة العرب، ومن هنا أقول إن الجزائر فيما يتعلق بالتطبيع تحترم حرية البلدان فيما يخص هذا الأمر، وأرجوا أن لا تكون للعلاقات بين بلدان كإيران وتركيا والصين تأثير على وحدة العرب ومصيرهم المشترك.

 

كباحث، كيف ترى تنامي دور الجزائر الدبلوماسي على المستوى الاقليمي والدولي ؟

أتصور أن الدبلوماسية الجزائرية في نشاطها الحيوي مؤخرا مهم جدا، نحن نحتاج إلى دبلوماسية ناعمة فيما تعلق بقضايا السلام والدفاع عن السلم العالمي، وموروث الدولة الجزائرية كلها نحو السلم، إذن الجزائر تلعب الدور الدبلوماسي في الدفاع عن السلم لأنها ضحية الحرب وبالتالي الجزائر منذ “سيفاكس” وما قبل الإسلام إلى الأمير عبد القادر الذي دافع عن أزيد من 3000 مسيحي من المذبحة ودروه في المقاومة، كل هذا ميراث سلمي جزائري يجعل من الدبلوماسية الناعمة في الجزائر ترتكز على دبلوماسة دينية ثقافية روحية تدافع عن حقوق الشعوب وقضايا جديدة تذهب ضحيتها دول نامية، هذا يُمكّن الدولة الجزائرية من لعب دور محوري نظرا لما تملكه من إمكانات وموقع استراتيجي.

ومن هذه الناحية يمكن للجزائر أن تدافع عن الشعوب الضعيفة وعن السلم والحق في العدالة والتنمية المشتركة.

 

ما دمنا نتحدث عن لم الشمل العربي ، كيف يمكن أن تساهم المؤسسة الدينية في هذا الاتجاه ؟

بالنسبة للمؤسسة الدينية في العالم العربي عليها أن لا تتورط في قضايا سياسية تؤدي إلى النزاع، وكل شيء يؤدي إلى النزاع على علماء الأمة أن يبتعدوا بأنفسهم من الانخراط في هذه القضايا النزاعية لأنه سيكون وبالا على الأمة العربية جمعاء.

أعتقد أن مهمة القيادات الدينية مستقبلا لن تقتصر فقط في قضايا الفتوى “حلال وحرام”، بل هي عبارة عن قيادات تلعب دورا في إحلال السلم وجمع الشمل وحل النزاعات والدفاع عن القضايا العادلة وأن تؤدي أدوارا دبلوماسية، وهذا معنى الآية القرآنية الكريمة “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف..”، هذا مفهوم يتعلق بالنُخب والعلماء وهذا هو دورها والدعوة إلى الخير هي رسالة العلماء الحقيقية.

المؤسسة الدينية الجزائرية تتجه لإعطاء جامع الجزائر دورا بارزا في فض النزاعات والإصلاح بين العرب، بالإضافة إلى إعداد قيادات دينية جزائرية دولية وافريقية، ليكون الخطاب الديني وسطي ويدعو إلى القيم الإنسانية المشتركة، ونحن في أمس الحاجة إليها، لا يجب أن نقول أن هذا المذهب يدعو للسلم وهذا المذهب لا يدعو للسلم، هذا أمر غير صحيح ويجب أن يكون الخطاب المستقبلي ينظر للكليات الخمس من حفظ المال والعرض والنفس وغيرها.

 

مسألة المرجعية أصبحت تُطرح للنقاش في ظل ما خلّفته الاختراقات في بلدان أخرى، كيف يمكن تحصين الجزائر  ؟

الخصوصية الدينية والثقافية لكل بلد مهمة جدا، هذه الخصوصية يمكن أن تتحول إلى خصوصية غير مُبدعة عندما تُصبح على شكل “متن” مُغلق وترفض كل ما يُخالفها ولا تتجدد من الداخل، أما الخصوصية التي يُمكنها إثراء التنوع الثقافي في العالم العربي هي المطلوبة، ولعل أبرز شيء في الخصوصية هي التميز الوطني والقومي، وبالتالي الخصوصية تلعب دورا بارزا في تحقيق الانسجام الاجتماعي.

الخصوصية هي ميراث ثقافي يُميزنا ويحفظ وحدتنا لكن علينا أن نُبدع في هذه الخصوصية وأن لا نتركها مُغلقة ترفض الآخرين، إن تمكنّا من تحقيق هذا المسعى ستسهُل عملية تحصين دفاعاتنا من شتى أنواع الاختراقات.

 

عشية انعقاد القمة العربية، كيف يمكن أن يختصر السيد بومدين بوزيد الحدث الكبير في عبارات  ؟

القمة العربية التي ستنعقد في الجزائر بمثابة الرمزية المكثفة، فهي جاءت في أول نوفمبر وفي بلد له رمزيته التاريخية والثقافية، في شهر متميز وفي ظروف متميزة يشهدها العالم من حروب وصراعات وغيرها، هذه فرصة العرب ليُشكّلوا قوة واحدة أو قوى ثنائية خدمة لشعوبهم ومصالحهم المُشتركة، مثلا الجزائر تُشكل قوة شمال إفريقيا والسعودية قوة الشرق الأوسط وهكذا، كما أن الجزائر لها قدرة في أن تكون حلقة وصل وطريق اقتصادي واجتماعي بين أوروبا وآسيا وإفريقيا.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى