أعمدة الرأي

آ سي أحمد .. الموس قطع العظم من بكري

ما يثير انتباه المتتبع لخطاب أويحيى و هو يستعرض برنامج حكومته هو الأريحية الكبيرة التي يكون عليها و هو يوزع كلماته و يسرد فقرات مخططه و يتحرك يمنة و يسرة موجها حديثه الذي لا يمل  لنواب و شيوخ البرلمان بغرفتيه موالاة و معارضة بثقة منقطعة النظير ، يتحدث و كأنه يستلم مهام الوزير الأول لأول مرة في حياته ، و كأن صفحته بيضاء لا تشوبها مسؤولية سياسية عن ما مضى من أزمات و إخفاقات و إفلاسات ، بل و كأنه جاء على رأس الحكومة بعدما أقنع الجزائريين بعدالة أطروحاته حتى يساعده الشعب بانتخاب حزبه على إزاحة من حكموا الجزائر قبله و قادوها نحو الإفلاس و الدمار ، و كأنه ” خاطيه ” الوضعية المزرية التي آلت إليها الدولة الجزائرية .

سي احمد و هو يسوق تلك العبارات دون تردد أو تلعثم و بعفوية صاحب ” الوجه الصحيح ” ، دون أن يفوته تطعيمها بأدلة و براهين من ” الميدان”  و من ” الماضي المشرف ” لرجل الإطفاء المتمرس في إخماد الحرائق السياسية و تسليك المواسير الاقتصادية المسدودة ؛  إنما يفعل ذلك و هو يقفز على الحقائق و الواقع عبر مغالطات متدثرة في مسوح المنطق الجلي و التي سرعان ما يطلع فجرها الكاذب ببزوغ شمس يوميات المواطن الغلبان فتستحيل إلى جليد ذائب ،  هذا المواطن الذي أنهكته ضربات ” المصروف ” و أفقدته حرارة الأسعار و لهيبها قدرته على التفكير و على فهم ما يقوله معالي السيد الوزير الأول .

سي احمد يبدو أنه نسي أو تناسى – لست أدري – أن المواطن الجزائري لا يفقه كثيرا في فن البيان و المحسنات البديعية  و ” المبلعطات التدراحية ” التي أشبعته خرشفا  حتى التخمة التي أصبح يحن إلى أيامها الجميلة بعدما صار خواء البطن و فراغ الجيب يطبع حاضره و حتى مستقبله المسدود بغيوم الرداءة و فشل الحكومة في كل شيء حتى في إيجاد بديل عن نقمة النفط التي أصبح المواطن يدفع ضريبة أناس لا يستحون على شيبتهم و هم لا يتورعون على ترديد أسطوانة مشروخة تدندن منذ  ” الصواصوندو ” و” سيسلفي ” أغنية البحث عن البديل الاقتصادي المتنوع خارج المحروقات التي أحرقتنا و نحن أحياء فلا هم استقالوا و أراحونا و لا نحن متنا و استرحنا ، الظاهر أنه غاب عنه أن المواطن البسيط يفهم فقط بعقلية  ” أحييني اليوم و اقتلني غدوة ” ، ببساطة يريد الملموس و المحسوس  .

سي احمد و هو يرد على من يتساءلون عن مصير الألف مليار دولار قائلا : إسألوا الشعب الجزائري عنها ، فلسنا ندري أهذا اتهام للشعب بأنه التهم تلك المبالغ الفلكية عبر مخصصات الميزانيات الحكومية ، أم تراه يلمح  إلى الإنجازات التي حققتها حكومات صاحب الفخامة المتعاقبة على الأرض ، و كيف يجيبهم هذا الشعب المسكين التعبان ؟ الذي عجز أغلب أفراده على ادخار 10 ملايين سنتيم طيلة سنوات عديدة و أزمنة مديدة ، لم يقل لنا أويحيى و هو يزهو منتشيا ببرهانه الساطع و دليله القاطع أن و لا مشروع ، و لا منشأة ، و لا إنجاز تم استلامه دون أن يشوبه فساد أو رشوة أو غش في الإنجاز ، دون أن تشمله عمليات إعادة تقييم حتى أن بعض تلك المشاريع المليارية كلفت خزينة الدولة أضعاف قيمتها الحقيقية بل أن معظمها لم يستلم إلى الآن و هو حيز الخدمة منذ سنوات و اليوم يحتاج إلى ترميم و تصليح ، لم يتكلم عن فضائح سوناطراك ، لم يذكر الطريق السيار و لا الخليفة … فكيف بما خفي و هو أعظم .

سي احمد و هو يصف الدواء لتجاوز الأزمة يطمئن 90 بالمئة من الجزائريين بأنهم محظوظون لأنهم لن يدفعوا ضريبة الثروة فلن تطبق عليهم ، و أن 10 بالمائة فقط من المحظوظين بثرواتهم الطائلة – خمسة و خموس في عينين الحساد – هم من سيدفع ، يفوته أن فئة كبيرة منهم و خصوصا ” الوافدون الجدد ” لا يدفعون حتى الضرائب المستحقة للدولة عليهم ، بل حتى القروض التي استفادوا منها لكي يمولوا استثمارات ” من لحيتو و بخرلو ” لم يسددوا أقساطها المترتبة عليهم إلى اليوم و أغلب الظن أنهم لن يسددوها ، لم يحدثنا سي احمد كيف أنهم أفرغوا الخزينة التي يحاول ملأها من جديد ، سي احمد يعتذر عن سوء فهم الغاشي له لأنه ورد على لسانه – سهوا أو من باب الخطأ المنطقي على غرار الخطأ المطبعي –  فكرة إمكانية فرض ضريبة على السفر بحجة أن الجزائري من أكثر سكان العالم سفرا و يطمئننا بأن هذه الضريبة لن يتم العمل بها لا اليوم و لا في المستقبل ، نشكرك كثيرا سي احمد على رحمة حكومتكم و رأفتها بسكان المملكة ، لم ينقص إلا أن تفرضوا على الحراقين ضريبة الحرقة فالجزائريون من أكثر شعوب العالم حرقة و هم محروقين أصلا ، و أن تسنوا ضريبة على الأكل فنحن نأكل كثيرا و أخرى على المشي فالجزائري بطل العالم في هذا الاختصاص و ثالثة على التنفس فالهواء في بلاد المعجزات بدأ بالنضوب و نحن نشعر بالاختناق ، وربما بهذه الطريقة ستمتلئ الخزينة و تتمكنون من تسيير الميزانية بكفاءة و اقتدار فتسددوا معاشات المتقاعدين و تصرفوا رواتب الموظفين ، رجاءا لا تسيؤوا فهم سي احمد هو فقط ” يمعني لكم ”  : ” زير السنتورة آ صاحبي ” … ألا يلاحظ سي احمد أن السنتورة تقطعت من زمان و أن السروال سقط .

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى