أخبار هامةحوارات

علي بن واري لـ “سبق برس”: بوتفليقة غطاء شرعي لنظام فاسد والمجاعة تهدد الجزائر سنة 2019

 

– الإستغلال البشع لحقول حاسي مسعود وحاسي الرمل تسبب في إهدار الطاقة

– ربراب يشتري الخبز بنفس الثمن الذي يشتري به مواطن عادي

– العجز في 2019 سيكون قيمته 50 مليار دولار

– رئيس الجمهورية هو غطاء شرعي لنظام فاسد

– وزارة الداخلية عرقلت مشروع حزب “نداء الوطن”

– التنسيقية وهيئة التشاور والمتابعة رفضا طلب إنضمامي إليهما

 

لم يخف الوزير المنتدب للخزينة الاسبق “علي بن واري” تخوفه من تأزم الاوضاع الاقتصادية والسياسية، راسما بذلك صورة قاتمة عن الواقع الاقتصادي والسياسي التي تعيشه الجزائر في المدة الاخيرة، محملا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة – الذي اعتبره “غطاء شرعي لنظام فاسد” – و كذا الحكومة التي حاولت اخفاء فشلها في مناسبات عدة، رغم محاولاتها الحثيثة انكار ذلك، الا ان هذا الامر قد انكشف للعيان بتراجع اسعار النفط، الخبير الاقتصادي “علي بن واري” لم يترك شاردة ولا واردة في القضايا التي تدين النظام  إلا أحصاها في هذا الحوار مع “سبق برس”.

تلوح في الأفق بوادر أزمة إقتصادية كثر الجدل بشأنها، والحكومة تصر على أنها حدث عارض لم يكن متوقعا ؟

التبعية للمحروقات خطيرة جدا، ليس تعجرفا ربط مصير البلد بمادة واحدة وآيلة للزوال، كانت خطورته واضحة منذ البداية، فلقد سبق وان نبهت لهذه المسألة، وعمليا فإن إنتاج المحروقات بدأ ينخفض بـ 20 بالمئة في 2014 مقارنة بـ 2012، وهذا نتيجة الاستغلال المفرط لحقول حاسي مسعود و حاسي الرمل، حيث لم تكن هناك عقلانية في الإستغلال، لأن استخراج البترول يستلزم استعمال ضغط عالي و يتطلب ايضا القيام بصيانة دورية للآبار، و على اعتبار أنه لا يوجد آبار أخرى تماثلهما من حيث طاقة الإنتاج فإن الجزائر خسرت الكثير من المحروقات بسب سوء التسيير والتقدير!!

هناك خطورة أخرى حول مستقبل هذه الطاقة تتعلق بالعرض، أمريكا أصبحت من أكبر المصدرين للنفط باستغلالها للغاز الصخري بعدما كانت من أكبر المستوردين له، وكذلك دخول الاتفاق الإيراني الغربي حيز التنفيذ سيؤدي إلى انهيار الأسعار التي تخضع لمبدأ العرض و الطلب، كل هذه معطيات كانت موجودة مند ثلاث سنوات فأين هم خبراء سوناطراك و الحكومة ومليارات الدولارات التي تصرف على الخبرة؟؟

تتوقع إذن.. إستمرار تهاوي أسعار النفط وبقائها في مستويات دنيا ؟

الأسعار ليست مرشحة للارتفاع، هذا أمر مؤكد، فنسبة النمو الاقتصادي في العالم ضئيلة، حيث تسجل أوربا نسبة نمو تقدر بـ 1بالمئة و إفريقيا بـ 2 بالمائة، بعدما كانت أكثر من 5 بالمائة، بالإضافة إلى الصين التي تشهد انخفاضا غير مسبوق في نسبة النمو، فالاستهلاك الداخلي في ارتفاع متواصل بنسبة 20 بالمائة سنويا بفعل سياسة الدعم الموجهة لشراء السلم الاجتماعي، وهي عوامل تؤكد تواصل تراجع المداخيل، من المفروض دعم الطبقات الكادحة فقط، تخيل معي ” ربراب يشتري الخبز بنفس الثمن الذي يشتري به أي شاب بطال”، وهذا الوضع سيقودنا حتما الى المجاعة في 2019.

بحكم خبرتك الإقتصادية، كيف يمكن ترجمة هذه الوضعية الإستشرافية بالأرقام؟

في 2019 سيزيد عدد السكان بـ 5 ملايين نسمة، وسيرتفع عجز الميزان التجاري الذي بدأ بمليار دولار في 2013 وهو يزيد كل سنة.. 5 ملايين نسمة هو عدد سكان النرويج مثلا و رغم ذلك فهم يبدون تخوفهم من المستقبل، ففي سنة 2019 سنصبح نصدر 20 مليار دولار على أقصى تقدير، والإحتياطي بالعملة الصعبة سينفذ، وسياسات التقشف لن تمس المواد الغدائية بل سيتم تقليص المشاريع الخاصة بالمنشآت القاعدية بنسبة 20 بالمائة، التي هي ضرورية من أجل التنمية.

فيما يخص الواردات، من الصعب التحكم فيها لأن التجارة الخارجية حرة و ليست محتكرة من طرف الدولة و هي ضرورية من أجل شراء السلم الاجتماعي بالنسبة للنظام، ضف لها الطلب المتزايد على المواد الاستهلاكية، بالمقابل عدد السكان في ارتفاع مستمر، وبالتالي فإرتفاع حجم الواردات من المواد الغدائية التي تكلف خزينة الدولة 30 بالمائة من الميزانية السنوية المخصصة فقط لدعم المواد الاستهلاكية.. ففي كل الحسابات يجب استيراد ما قيمته 70 مليار دولار و سنجد أنفسنا أمام عجز يقدر بـ 50 مليار دولار.

في حالة تسجيل عجز من الفروض أن نتجه للإستدانة، أليس كذلك ؟

هذا وارد جدا، لكنه صعب المنال وأيضا عواقبه وخيمة، البنوك الأجنبية تطلب ضمانات والارقام الخاصة عن الوضع المالي للجزائر موجودة وليست سرا، المعيار الأساسي بالنسبة للجزائر هو سعر البترول وهو معلن ايضا و عليه فالبنوك سترفض إقراض الدولة الجزائرية،فلا يبقى أمامنا الا التوجه لصندوق النقد الدولي، هذا الاخير سيقول لنا كما في السابق “أنتم تعيشون أكثر من إمكانياتكم” و يجبرنا على غلق الشركات العمومية أو بيعها، ففي سنة 1997 اجبرنا على غلق ألف شركة وطنية و تم تسريح 800 الف عامل، سيجبرنا كذلك في حال تعاملنا معه على رفع سعر البنزين 10 مرات حتى يقارب سعر الأسواق العالمية، و في أحسن الاحوال سنضطر لرفعه بـ 5 مرات و نفس الشيء بالنسبة للكهرباء و الغاز و الماء، وخلال هذه المرحلة من المفاوضات تدخل السياسة ونصبح لقمة صائغة في يد أمريكا و فرنسا و يفرضان سياستهما للهيمنة على البلد بإعتبارهما مسيطران على قرارات الافامي.

كيف سنصبح لقمة سائغة في يد فرنسا وأمريكا ؟

أذكر لكم على سبيل المثال، سيقولون لنا بأنه يوجد نصف مليون عامل في الإدارة فائض و يجب تسريحهم وبعد ذلك سيطلبون تقليص قيمة الدينار، كل هذا من أجل تغطية العجز المقدر بـ 50 مليار دينار. وبعد كل هذا سيبقى 20 مليار دولار عجز لا يمكن تغطيتها فيصبح الاورو الواحد يقابل 1000 دينار و ممكن ان يتضاعف، أي أن كل المواد الاستهلاكية تزيد 200 بالمائة، مع تأثيرها على المجالات الاخرى كالنقل و الخدمات وإلى غير ذلك..بعدها سنصل الى نسبة بطالة تقدر بـ 80 بالمائة و ستكون نهاية النظام وسندخل في مجاعة سنة 2019 .

و ما هي آثار هذه الوضعية على تماسك المجتمع؟

القوى المتطرفة والخارجة والتي لا تؤمن بثقافة الدولة وفكرة الجزائر الموحدة التي ضحى لأجلها الشهداء، ستعمل عملها وستتحرر و تنشر الفوضى في البلاد، المؤسسة العسكرية ايضا لا يمكن أن تسدد كل نفقاتها في حال الوصول إلى العجز الكبير في الموازنة، و في ذلك خطر عظيم على حماية الجزائر من التدخل الخارجي، المغرب يتربص بنا وداعش على الحدود، كلها مخاطر يجب أن نأخذها بالحسبان.

بالمقابل، الحكومة تقول أن هناك أموالا كبيرة صرفت على التنمية، وأن الحلول موجودة؟

من 62 الى 99 تم صرف 40 مليار دولار فقط، منذ 99 الى غاية 2014 تم صرف 850 مليار ناقص 150 مليار دولار الموجودة في الخارج، معناه تم صرف حوالي 700 مليار دولار.. فأين ذهبت ؟؟ نحن لا نتهم أحد، ولكن يجب تقديم الحصيلة للشعب، لا شك في أن نسبة كبيرة من هذه الأموال ذهبت في التبذير وتضخيم الفواتير و الرشوة و الدعم، ضف إلى ذلك أن 70 بالمائة من الأموال لا تدخل للبنوك.

السوق السوداء هي التي تساهم في تفشي الرشوة والفساد بكل أنواعه والتهريب، كل هذا كلف الكثير للخزينة العمومية و لم يستفد منه الجزائريون، الأرقام مخيفة بالفعل، تخيل معي أن 15 مليار دولار سنويا قيمة الواردات من المواد الغدائية، 7 ملايين طن من القمح تستورد سنويا، بالمقابل المغرب ينتج 10 ملايين طن و يحقق الاكتفاء الذاتي، ونجد إلى جانب كل هذه المخاطر أجهزة كالعدالة و الجمارك و الضرائب التي تمثل واقيا من الفساد ولا تؤدي دورها، بل تشارك في غالب الأحيان في تكريس هذا الواقع.

الوزير الاول عبد المالك سلال إجتمع مؤخرا بمديري البنوك وهناك حديث عن تمويلها لمشاريع الحكومة مستقبلا، ما مدى إمكانية ذلك؟

الآليات الموجودة لا تساير الوضع الجزائري وأموال الدعم كان من المفروض أن تصب في هده الآليات لخلق الثروة، إن التنظيم الحالي للبلد لا يمكنه تطوير الاقتصاد، فالبنوك رغم وجود سيولة لديها إلا أن الحواجز السياسية تبقى موجودة وتعيق أدائها، هذه السيولة ستندثر بمجرد بداية الخزينة في بيع سندات الدولة في السوق المالية ولا يمكنها في أفضل الظروف إلا تمويل الموازنة.

إذا كان هذا حال الاقتصاد، فماذا عن الوضع السياسي ؟

من يتكلم على الاقتصاد يتكلم على السياسية الاقتصادية، لما تكون الهيئات السياسية غير منتخبة، لا يوجد من يحاسبها، كل شيء سلبي على الأرض هو نتاج قرارات سياسية من مؤسسات غير شرعية، فالبرلمان غائب و الحكومة ايضا، فلا توجد انتخابات حرة و نزيهة، وبالتالي فلا يمكن لهذه المؤسسات ان تلعب دورها.

وماذا عن رئيس الجمهورية و أحزاب الموالاة؟

رئيس الجمهورية هو غطاء شرعي لنظام فاسد و لكل ما هو غير منتخب وغير شرعي لكنه يتحمل المسؤولية، لم أسمع يوما الرئيس قال أنه تم تنحية وزير لأنه لم يطبق برنامجه، اما بالنسبة لأحزاب الموالاة فهي مجرد ديكور، فحتى يكون هناك نظام  يجب يكون هناك برلمان ومؤسسات حتى يتم تبرير وجود هذا النظام، المفروض في مثل هذه الأوضاع العمل مثل ما عمل به القذافي بإلغاء الحكومة و الوزراء ويريحوا هذا الشعب، أقول ذلك لأنه لما تكون الحكومة و البرلمان صورة فلا مبرر لوجود أحزاب.

المعارضة طرحت مبادرتين سياسيتين ” الإجماع” و “الإنتقال الديمقراطي”، ما موقفكم منهما؟

أنا أيدت التنسيقية في البداية وتفائلت بوجودها، نظرا لتدهور الأوضاع، فرحيل النظام لا تعوضه إلا نخبة قادرة على الحكم، فهناك رؤساء حكومات سابقين ووزراء سابقين وكفاءات، ووجود مجموعة قادرة هو الذي سيقينا إنهيار الدولة، و لكن بعد ذلك طلبت الدخول في التنسيقية فرفض أعضاءها، بعدها التقيت مقري و بلعباس و جيلالي سفيان و قالوا لي لا يمكن أن ادخل في التنسيقية بحكم انها تقتصر على ستة أطراف، ولما تم إنشاء هيئة التشاور والمتابعة بعد ندوة مازافران طلبت الدخول فلم يجبني اي احد الى غاية اليوم، يعني طلبي مازال عالقا منذ 14 جوان 2014، فهمت أن هناك حسابات تحول دون إنضمامي.

اليوم، لا يمكنني أن أؤمن بمبادرة اقصائية، فلا يمكن أن تنجح بهذه الطريقة، لم أفهم لماذا طلب الانخراط ووجوب اجتماع لقبوله يُفرض فقط على بن واري. بهذا المنطق لا ينجح تكتل المعارضة.

ساندت علي بن فليس في الانتخابات الرئاسية السابقة، ولم تواصل معه في الحزب؟

ساندته لأن برنامجي كان قريبا من برنامجه، هو قال لي إن برنامجي أفضل من برنامجه، و لو لم يكن برنامجه قد طبع لتبناه كله، بالمقابل كانت لدي اتصالات مع مرشحين آخرين ولكن بن فليس هو الأقرب لي في ذلك الوقت، تجدر الإشارة أنني وضعت ملف ترشحي في المجلس الدستوري و لم يتم قبوله بحجة إنني لم أجمع 60 ألف توقيع، طلبت منهم إعادة الفحص فلم يفعلو ذلك، ماذا بوسعي أن اعمل مع من يعدون وحدهم و يعطون النتيجة التي يريدون دون أي وسيلة للطعن؟؟

طبعا بعد ذلك وقعنا إتفاق بيني و بين بن فليس لكي يطبق بعض النقاط في برنامجي اذا تم انتخابه و الباقي معروف، ولكن اليوم لا يمكن أن أقول إنني مقرب من بن فليس، فهو صديق ولكن المسألة مسألة برامج و نحن في وضع جديد يختلف عن وضع الانتخابات الرئاسية.

و ماذا عن مبادرة الإجماع الوطني التي طرحها الافافاس ؟

أنا من بين من دعموا مبادرة الإجماع الوطني، و التقيت محند أمقران شريفي و أعطيت موافقتي، لكن الندوة لم تنعقد، أنا أعتبر نفسي جزء من المجموعة، فقط  من الساحة السياسية فلا أقصي أحدا، بالعكس ممارسات الإقصاء تفتح الباب للانتهازيين و لكن عند فتح المجال لكل الأطراف فالخير يغلب الشر.

حدثنا قليلا عن مشروع حزبك “نداء الوطن” الذي لم يرى النور بعد؟

كما تعلمون أنا حاولت تأسيس حزب سميته “نداء الوطن”، ولكن وزارة الداخلية عرقلت حتى الإجراءات من أجل مباشرة تأسيسه، تقريبا نحن الحزب الوحيد الذي لم يستطيع وضع ملفه في وزارة الداخلية بسب عدم إعطائنا موعدا لوضع الطلب.

لماذا هذا الإقصاء؟؟ ربما لأننا لا ندخل في حساباتهم رغم أننا متواجدون في 48 ولاية و في الخارج من فرنسا أمريكا و كندا و بلجيكا، تطبيق قانون الأحزاب و الجمعيات يفرض على الإدارة فتح مكتب في أوقات العمل يزوره أي واحد يريد تأسيس حزب أو جمعية، مادام القانون لا يطبق معنى ذلك أن القانون ليس قانون لصالح الشعب بل لصالح أصدقائهم.

لماذا يتم إستهدافك أنت دون غيرك؟

ممكن هم خائفون مني لأنهم يعلمون أن نداء الوطن يستوفي كل الشروط القانونية، ويحمل مشروعا جادا يمكن أن يلتف حوله الشعب، تمنيت أن المعارضة تتبنى و تتضامن معي في هذه المسألة، لكن لا كلمة و لا تساؤل وهذا غير طبيعي!!

حاوره: أشرف طالب

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى