حوارات

فرحات آيت علي: 50 مليارا خسائر بسبب نظام الرخص وعلى بن مرادي العودة إلى بيته

قال الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، فرحات آيت علي، إن الاقتصاد الجزائري ضيع 3 سنوات في نظام رخص الاستيراد الذي كان فاشلا ومناقضا للدستور منذ اعتماده، و55 سنة ضيعها في الارتجالية في التشريع واتخاذ القرارات العشوائية. مثمنا في حواره مع سبق برس، قرار إلغاء نظام الرخص رغم أنه جاء متأخرا. فيما دعا وزير التجارة بن مرادي إلى مغادرة الوزارة والعودة إلى بيته.

أعلن اليوم وزير التجارة محمد بن مرادي عن توقيف العمل بنظام الرخص بداية من السنة المقبل، كيف ترون هذه الخطوة؟

أوّلا، أدعو الوزير بن مرادي إلى الذهاب إلى بيته، كونه كان من الذين ثمنوا نظام الرخص، وها هو اليوم يعود في قراره، للأسف المسؤولين لدينا بألف وجه وألف سياسية وبصفر من المبادئ ولا حتى عزة نفس، ويسمحون بأن تستغلهم دوائر لخدمة مصالحها الضيقة.

من تقصد بالدوائر؟

اللوبي الذي يحكم سيطرته على الاقتصاد الوطني، وهم نفسهم الذي جاءوا بتبون وأحمد ساسي ومحمد بن مرادي بعد وفاة الوزير بختي بلعايب. يضعون أشخاص بيروقراطيين بعيدين كل البعد عن التجارة للعمل بهم وضمان مصالحهم. وبن مرادي اليوم مجرد براح فمن وضعه في منصبه هم من اتخذوا قرار إلغاء رخص الاستيراد.

نعود إلى سؤالنا حول رأيكم من خطوة إلغاء رخص الاستيراد

لابد من الاشارة إلى أن إعتماد نظام الرخص منذ بدايته كان خطوة فاشلة وتعد صارخ على الدستور، الذي يمنع الاحتكار ويضمن حرية التجارة. فالادارة في النظام الاقتصادي دورها الرقابة والسهر على احترام القانون من طرف الجميع، لا أن تخلق طبقات رأس مالية وتتحكم فيمن يستورد وكم يستورد وتفاضل بين المتعاملين، وهذا في حد ذاته تجاوز خطير ويفتح المجال أمام البيروقراطية والفساد.

فلا توجد دولة في العالم تكون الادارة فيها طرف في العملية التجارية، إضافة إلى ذلك من الذي سيظمن بأن المدير الذي يمنح الرخص ليس مستفيد من العملية او شريكا فيها؟، وحتى إن لم يكن هو شريك مباشر فهناك دوائر أخرى شريكة تمارس ضغطها عليه.

للأسف كنا قد نادينا منذ بالداية بفشل هذه الخطوة وإستشرفنا كخبراء النتائج التي ستتمخض عليها إلا أنه “لاحياة لمن تنادي”.

ألن يؤدي التراجع عن هذا النظام إلى نزيف في العملة الصعبة؟

الجزائر لم تكسب ولو 100 دينار من هذا النظام، فما تم تقليصه في الكميات، زاد أضعافا مضاعفة في الفوترة، كون أصحاب الرخص أصبحوا يشترون كما يريدون، ويبيعون السلع بالأسعار التي يريدونها، وسننهي السنة بـ 47 مليار دولار كواردات وهو نفس الرقم المحقق سنة 2016، أي أن الجزائر لم تكسب أي شيء من هذا النظام بل بالعكس خسرت كثيرا، خاصة في الجمركة.

والذي حصل هو أنه تم نزع الـ 20 مليون دولار الخاص باستيراد العلكة، لمنحها لمستورد الموز ليزيدها في فاتورة واحدة، وهذا المنطق كلفنا الكثير.

بلغة الأرقام، كم خسر الاقتصاد الجزائر من جراء نظام الرخص؟

لو نأخذ كمثال فقط الرسوم الجمركية، نجد بأن الجزائر خسرت ما قيمته 50 مليار دينار منذ إقرار نظام الرخص، لأن المستوردين أصبحو يتوجهون إلى البلدان التي لها اتفاقيات جمركية مع الجزائر، كمنطقة التبادل الحر العربي، والاتحاد الاوروبي، ويتجنبون البلدان التي تفرض الجزائر على سلعها رسوم جمركية كبيرة.

ولكن الخسارة كذلك مست ميزان المدفوعات، لأن نظام الرخص قلص الكميات صحيح، لكنه في المقابل تسبب في زيادة الفوترة، وهذا في حد ذاته ضربة للاقتصاد الوطني.

قرار الإلغاء مس جمع السلع ما عدا السيارات، لماذا؟

ببساطة لأن قطاع السيارات يضّم “أشباه المصنعين المحليين”، وإبقاء الرخص جاء ليكملوا مابدؤوه من إحتيال، من وجهة نظري،  لابد من نزع كامل ونهائي وغير مشروط لنظام رخص الاستيراد، تكون مرفقة بزيادات في معتبرة في نسبة الجمارك، سواء بالنسبة للمصنعين أو غير المصنعين.

هل تؤيدون فكرة وجود ضغوطات دولية أدت إلى هذا الإلغاء؟

أكيد هناك ضغوط دولية بشكل متفاوت، فالاتحاد الأوربي مثلا لم يخسر كثيرا من نظام الرخص، فما خسره من كميات إسترجعه في زيادة الأسعار، عكس الصين التي كانت الخاسر الأكبر والمستهدف الأوّل من هذا النظام الذي مس بدرجة كبيرة صغار المستوردين الذين كانو يأتون بالسلع الصينية، وإستمرار الوضع على ماهو عليه كان سيوصلنا إلى مرحلة لن تجد ولو مسمار واحد في السوق، وكان سيعرض الحرفيين الوطنيين إلى الافلاس ويحيلهم على البطالة.

وفي هذه النقطة لابد من الحكومة العمل على تحفيز هؤلاء المستوردين الصغار وتمكينهم من السوق وإدخالهم في الإطار الرسمي حتى تعم الفائدة على الاقتصاد الوطني، وهي النقطة التي لن تتم إلا إذا تم وضع ضمانات حقيقية لهم. فعندما نصل إلى وضع قوانين مفهومة ونزيل كل الشكوك والشبهات التي تكتسي الإدارة الجزائرية، سيكون كل شيء قابلا للحل، ويمكننا وقتها بناء اقتصاد قوي.

 

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى