أعمدة الرأي

في الصحافة “لازم يحفا الصبّاط “

” حرية الإعلام تعني الخضوع لقواعد أخلاقية يتفق عليها أهل المهنة ، نحتاج لصحافة مهنية تحترم نفسها وتحترم غيرها خلال آداء عملها “: الإعلامي فوزي سعد الله     

المغادرة أو الابتعاد المؤقت عن فضاء معين هو ” حل ثوري ” ، تعني في لغة التاريخ : قراءة في الماضي لإيجاد فضاء جديد وفي لغة الاقتصاد : استثمار خزان تراكم التجارب وفي لغة السياسة: تغيير التكتيك وفي لغة الرياضة : تغيير أو تعديل الخطة وفي لغة التنمية البشرية : البحث عن جوار ايجابي ، وفي لغة الإعلام : الاستنجاد بأهل المعرفة من مختلف التخصصات  أو ” مصادر المعلومة ” أما في لغة الشارع الجزائري : فينعت الكثيرون خطوة المغادرة ب ” بوجي تاكل الروجي ” ..

كل هذا نتعلمه في ضيافة صاحبة الجلالة الصحافة.. قد نخطئ في كثير من الأحيان في تتبع المسار ، والدخول إلى أزقة ضيقة بهدف “التعلم من الميدان وفي الميدان أو بعبارة مختصرة أخرى لدى المهنيين في الصحافة الجزائرية  حتى تتعلم لازم ” يحفا الصبّاط ”  .

اليوم ،”لا احد سيتنازل ويقول أننا نخطأ في تمريغ المهنة في وحل ” السهولة ” و” الميوعة ” و” الابتذال ” والاستخفاف ” و” عدم الاكتراث ” و ” التسرع ” و” عدم التأكد ” وتحت غطاء كل من: ” المصادر الموثوقة ” و” المصادر التي لا يرقى لها الشك ” و” المصادر المتطابقة “. ، و”يرى مراقبون ” و” متابعون ” و” خبراء ” أو بعبارة أخرى ” ارضاء جهة ما بحجة المصادر التي أصبحت ترتدي طاقية إخفاء ” لتصبح عبارة ” يحفا الصباط  ”  التي نسمعها بين الفينة والأخرى على لسان زملاء في المهنة ، ممن اشتغلوا سنوات في الميدان ، وإن ذكروها اليوم يصبحون ” مسخرة ”  أو ” مضحكة ” ، فالمهنة صارت عبارة عن تركيب مشاهد والتعليق عليها دونما مراعاة لما يسمى ب” ميثاق شرف المهنة”.

لا أحد يعلم أن نفس الحذاء الذي جاب الشوارع و الازقة والمؤسسات للبحث عن المعلومة هو نفسه ” الحذاء الذي يؤلمك “، فلو اجتمعنا كزملاء مهنة ، سواء ممن درسنا معهم ، أو من اشتغلنا معهم وصاروا اليوم مسؤولين على رأس مؤسسات إعلامية أو جمعتنا بهم المهنة في وسيلة إعلامية واحدة أو نلتقي في مؤتمرات صحفية أو ملتقيات دولية أو حتى بالصدفة في الشارع على عجل ، أو صحفيين لازالوا في بداية الطريق ، سنختلي بالحديث عن ” الحذاء الذي يؤلمنا جميعا “،  الجميع غير راض عن الجميع ، الجميع يحمل هما واحدا ، ويشعر بألم واحد ، الجميع يحلم بمهنة تمارس فيها الواجبات ونحصل فيها على الحقوق ، مهنة بإمكانها ان تعيد قطار التنمية في البلاد إلى السكة وتفتح ملفات المحاسبة دونما التهجم على إنسانية البشر ، نتحدث عن مسؤولين في مناصبهم .

الجميع سيقول :  “لا احد يعلم ان حذاءك يؤلمك ” و “لا احد سيسألك إن غبت عن الواجهة أنك تركت فراغا “و” لا احد سيتذكر أن المكان فقدك بذهابك بعدما كنت تصنع الجلبة والضجيج  والعودة كل مساء بخبر الصفحة الاولى او الخبر (السكوب) ، الجميع فهم تقنيات اللعبة لكن فهمها خطأ ، فأن ” يحفا الصباط “أفضل من أن نحافظ على ربطة عنق وننشر الغسيل المتسخ في الفضاء الأزرق ، وتصبح التكنولوجيا التي صنعت لأجل نشر المعرفة التي ترفع من شأن البشر ،مسرحا لإطلاق تجاذبات قاعات التحرير وغرف الأخبار ،  ويؤدي فيها الصحفي دور المبرر لأفعال ، وبذلك يدخل في نفق التظليل وتبديل وجه الحقيقة ، وبذلك تسقط سنوات تجربة حرية التعبير في الجزائر التي فاز بها الأولون في الماء ، بعدما صارت ممارستها تتغذى من مستنقع ، عوض زراعة فضاء الإعلام الخصب ببذور ، تأتي أكلها ولو بعد قرن من الزمن ، أليس الأجدر اليوم أن نضع أولويات وأدوار الأعلام لخدمة المجتمع وبناءه والإسهام في رقيه وليس تهديمه واغتيال أحلام شبابه ، فرغم أن الأول يحتاج طاقة وجهد ووقت ، لأن البناء دوما صعب والمبادرة إليه خطوة شجاعة والالتزام بها يعني معافرة كل ما له صلة ب” الإحباط  ” و” التثبيط ” ، لكن دور التهديم من السهل أن يجد المتسابقون إلى حمل معوله .

متعلقات

زر الذهاب إلى الأعلى