أعمدة الرأي

قيادة حمس .. رقصة المتناقضات

طبيعة العنوان ، تقتضي مني أن أخرج عن المألوف في الافتتاح ،لكي أقوم برحلة جوانية الى مخابر علماء النفس ، من أجل أن أقوم بتمديد مواقف (قيادة حمس) على سرير (التحليل النفسي) مطبقا وصفة (جورج هوير) من كتابه (الفصام) المطبوع سنة 1974، والذي جاء فيه ماهو معادل موضوعي لمواقف قيادة (حمس) من الناحية السيكولوجية :

( الازدواجية ميل الى اعتبار مختلف الأفعال النفسية في مظهريها الموجب و السالب في آن معا ، كأن يثبت المرء و ينفي الشيء الواحد في آن معا ، و أن يحب و يكره الشخص الواحد في وقت واحد ، و أن ينزع الى هدف بعينه ، و أن يسعى في الوقت نفسه تحاشيه ، وتلك هي وحدة الاضداد ).

فما أقرب هذه الوصفة من خرجة (قيادة حمس) الأخيرة ، التي أدهشت الجميع ،و أربكت شرفاء الامة، في هذه المرحلة الاخيرة التي ادلهمت فيها كل الآفاق السياسية، واصبح صوتا واحدا، يحرك كل البيادق من وراء الستار يغطي كل الاحقاد، و النزوات الانتقامية تجاه هذا الوطن العابث به بمرسوم صيغت حيثياته في مخابر اجنحة المكر المتصهينة ، لأن ما يتبادر الى كل الأذهان ، و أكثر ما يلفت انتباه المتتبعين في مواقف (قيادة حمس) ، قدرتهم اللامحدودة على مناقضة المواقف – لكي لا أقول مصطلحا آخر – فهم لا يتخذون موقفا إلا لينقضوه في نفس الوقت  وهذا ما يسمح لي باستنتاج عرفاني جواني تساؤلي ، عما اذا كانت هناك قدرة لمتتبعي مواقف هذه القيادات المتعاقبة على الحركة : ( أن يظلوا محتفظين بقواهم العقلية سليمة بعد أن يتراقصوا في حلقات المتناقضات الجنونية التي تدور فيها مواقف (قيادات حمس) منذ التأسيس المدلس إلى التحالف المدنس. هذا التحالف الذي طبع على قلوب القيادات،و أصبحوا وسيلة إيضاح لكل تبليس و تدليس،و بذلك تحولوا من قيادات لمشروع حضاري تأسست عليه حركتهم إلى ضمائر للإيجار.

ولو شئنا حصر كل هذه التناقضات لقيادات (حمس) ، لكان علينا تتبع جميع مساراتهم التاريخية ، منذ الفتنة الدموية سنة 1992 إلى اليوم تحليلا و تدقيقا، و مقابلة، و هو أمر عسير يحتاج إلى توثيق، فضلا أنه مبعث سأم للمتتبعين و القراء ، و الأجدى لنا أن  نحاصر رقصاتهم المتناقضة ، و التي هي عبارة عن استجابات بفلوفية ،أعد جرسها في سدرة (منتهى الأحقاد و الانتقام) . و لعله من الصعب تطويق رقصة المتناقضات التي أدمنت عليها (قيادة حمس) ، و ضبط أسبابها ، و إنما يكون من السهولة ، رصد بعض معالمها ، و علاماتها في الأزمة الجزائرية المزدوجة  :- محنة دموية ، متبوعة بمحنة حضارية ، و التفكير في هذه الازدواجية ، قد يكون بطرح سؤال ، أو تشخيص وقائع تاريخية ، و تحليلات نفسية للقيادة المزدوجة بين ، (الأديب ) و(الطبيب) ، ولكن الصعوبة التي ستواجهنا ، في محاولة تمديد كل من (الأديب) و (الطبيب) على سرير التحليل النفسي ، هي الرقصات المتناقضة التي تتحد في ( وحدة الأطماع)، تأدية مهمة كلف بها من وراء الستار الذي تختفي فيه كل الطبخات التي تريد ان تغير الملمح الحضاري و التاريخي لهذه الامة، من اجل التأسيس لمملكة الفساد وهي قاب قوسين او ادنى من ذلك اذا بقينا نختبئ وراء مخاوفنا.

يجب علينا أن نفكر في رقصات ( الأديب) و( الطبيب) ، ومآلات هذه الرقصات ، نفكر في ذلك بجدية ، لأن الفكر هو عالم الإنسان الممحون حضاريا ، لا انفكاك فيه عن كشف ما وراء هذه الرقصات ، و في هذا الوقت بالذات ، و لماذا كان تاريخ الرقصة بعدما تأزمت الاوضاع تأزما دراميا، يحمل في طياته سنوات المجازر وعودة الارهاب، ومتزامنا مع سفينة الكوكايين التي راح ضحيتها الرجل الاول في الامن الوطني، ياليتنا نفهم هذه المفارقة العجيبة و التي تهدد بإرباك الجزائر امنيا واجتماعيا ، و على هذا لا نفكرفي خرجة قائد حركة حمس عندما يطلب من الجيش بالتدخل وهي رقصة غائبة عن مسرح الاحداث المتأزمة دراميا والمحاصرة  بفضائح الفساد و ، و الإفساد، و المؤمنة خارجيا من طرف فرنسا المتصهينة في ازمة الجزائر فقط، والمتغذية بالانقلابات على قيمنا التاريخية و الحضارية قصد تغيير الملمح، الذي كان مبرمجا منذ 14 افريل ، لأهداف استراتيجية مغرضة كانت هذه الأنغام المؤلمة و الدرامية ،التي رقص عليها (قيادة حمس) بأوامر من وراء الستار متنافسة مع (حزب السلطة) من أجل ( وحدة الأطماع) الوهمية التي تلهث وراءها قيادة حمس، وبذلك أصبحت مضرب مثل لما جاء في روح القرآن الكريم، و بخاصة في سورة الأعراف التي مثلتهم بأسوأ مثال (إن تحمل عليهم يلهثون أو تتركهم يلهثون) فما أشقى كل من (الطبيب) و ( الأديب) في مضرب هذا المثل.

فقيادة (حمس) لم تنسلخ من الاسلام ، بل تماهت  اطماعها مع حقائقه ، وخرجتها الأخيرة  واتصالها بالسلطة الافتراضية يعتبر مخالفا لحقائق الأدبيات الإسلامية، و هل يجوز أن تتخلى هذه القيادة على مواقف مبدائية، من أجل أن تغتصب مناصب وهمية ملغمة بأوضاع متعفنة ، و توترات داخلية مؤلمة ، و ستكون مآلاتها مرعبة.

و لتعلم قيادة حمس التي ترقص على المتناقضات ، و على أنغام صاحب المهمات القذرة ، و من تلحين ما وراء الستار( أن الله لا يحب كل خوان أثيم)، و اذا كانت معاصي جوارحهم كثيرة ، و تجاوز الله عنها مأمول ، أما أن تمتد هذه المعاصي إلى التصورات و الانضمام إلى الأشرار ، المصرين على إثارة الفتنة في البلاد فان الحق و المصلحة يقضيان بالصرامة مع هذه (القيادة) التي رجعت إلى غيها بعد رشدها الذي لم يدم ، وذلك طبقا لقوله تعالى ( و لا تجادل على الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) النساء 107 . و مواطن الخيانة  و الإثم معروفة في أوضاعنا منذ سنة 2014، و استمرت بانتفاضات الجنوب ، و فتنة غرداية ،و مآلات التوترات مازالت قائمة ، وتسير وفق ما خطط لها اليهودي برنار لفي ، الذي دخل على الخط ،و ستنكشف مخططاته ،بعد أن يغمى علينا و نتفاوض من أجل البقاء في منطقة جغرافية ، يعاد ترتيبها وفق ما في اللاشعور الجمعي لفرنسا المتصهينة .

و في الأخير أقول للطبيب ، أبق في عيادة المعالجة ، و لا تترك أوضاعنا تتهالك ،لكي تفسح المجال للأديب يؤبن التهالك ، و يبكي على  أطلال الجزائر ، و أطلال أخرى لا يعلمها إلا الله ، و بذلك تتحول الأطماع إلى أوجاع.

اللهم أستر ما تبقى من عورات قيادة حمس، واستر الجزائر من كل مكروه، وألتمس من قيادة الجيش الوطني الشعبي ان تقرأ بوهج نوفمبري اوضاعنا، قراءة مسؤولة، مبرأة من اي اطماع، لان الجيش الوطني الشعبي حام لدولة بقيم نوفمبر اي بقيم البيان وبنوده والتي مازالت صالحة الى حد كتابة هذه المحنة. فطوبى لافراد الجيش الوطني الشعبي وجنبهم الله من اي مكروه وللحديث بقية.

متعلقات

‫2 تعليقات

  1. هي ليست انغام صاحب المهام القذرة العلماني المتصهين بل انغام اسياده الفرنسيين ، لان لو سلمنا بهدا الطرح لاعطيناه اكثر من قيمته الاخلاقية …..رجالات الجزائر الحقيقين يعملون و ان شاء الله ارض الجزائر و الاسلام للمخلصين …….و جاء في الذكر ان الارض لله يرثها عباده الصالحين

  2. هذا رأي منحاز بتطرف و غي موضوعي في نشاطات قيادة حمس الحالية و السابقة إنك تحملها ما لا يحتمل و تؤول مشاريعها و مبادرتها تأويلا في الكثير من سوء الظن و تحاول قراءة النوايا بطريقة مغرضة فلما هذا التحامل و التجني على حركة سئاسية ناشئة و طموحة ؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى