حوارات

ممثل حركة حماس في الجزائر محمد عثمان: المفاوضات لن تحرر الأقصى

شدّد ممثل حركة حماس في الجزائر محمد عثمان، على ضرورة إتمام إجراءات المصالحة الوطنية بين حركتي حماس وفتح  بسرعة في ظل التطورات الحالية للقضية الفلسطينية والتكالب الأمريكي، وعدم الحسم في تطبيق القرارات الدولية على الكيان الصهيوني. فيما عبر عن خوفه خلال حواره مع سبق برس من ضياع فرصة الحل السمي بعد اقتناع كل الفصائل بفشل النضال السياسي، مؤكد أن ما شهدته الجزائر من حراك شعبي عفوي وسياسي أمر كان متوقع بالنظر للدعم الذي تقدمه وقدمته الجزائر للقضية الفلسطينية.

شهدت الجزائر تحركات وتجمعات في عدة مناطق مساندة للقضية الفلسطينية، كيف تابعتم ذلك؟

ما شهدته الجزائر من حراك شعبي طيلة الأيام التي أعقبت القرار الأميركي المشئوم، وتوج بالتجمع الحاشد الذي أقيم بالقاعة البيضاوية عبر بصدق عن نبض الجزائريين بكل أطيافهم ومستوياتهم الرسمية والحزبية والبرلمانية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني والنخب العلمية والثقافية بل وحتى القطاعات الطلابية والعمالية كل أعلنوا عن كامل تضامنهم مع القضية الفلسطينية وجددوا العهد مع شهداء الفتح الصلاحى المغاربة الأوائل الذين رووا بدمائهم الزكية تراب فلسطين واحتضنت أسوار القدس جثامينهم الطاهرة. يشهد على ذلك حارات القدس وبوابات الأقصى التي مازالت تعرفهم وتحمل اسمهم وتشهد على نضالهم. سليلا المجد من أبناء شهداء ومجاهدي الثورة التحريرية جاءوا ليؤكدوا أن القدس هي جوهر الصراع في القضية الفلسطينية وأنها تمثل شرف الأمة وكرامتها وأيقونة المناضلين ضد قوى الاستعمار والتبعية وأن تحريرها وصيانة مقدساتها هي مهمة يقع عاتقها على الأمة بمجموعها، كل ذلك عبر عنه الجزائريون حكومة وشعبا في لوحة فنية رائعة.

 ما تقييمكم للموقف العالمي خصوصا في ظل رفض دول عظمى لقرار ترامب بنقل سفارة بلاده للقدس؟

مواقف الإدانة والرفض للقرار الصادرة من الدول الكبرى حتى الآن لاشك أنها ساهمت في عزل أمريكا وإدارتها التي أصدرت القرار وإظهارها بأنها لا تأبه بمقررات الشرعية الدولية والقانون الدولي الذي يجرم احتلال أراضي الغير ويمنع أحداث أي تغيير يمس بالتركيبة الديموغرافية للأرض الواقعة تحت الاحتلال، كما أنه يناقض القرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة التي أكدت جميعها على أن القدس بكل شبر فيها هي ارث إسلامي خالص ليس لليهود أي حق فيه. ولكن لنكن صرحاء، فالمجتمع الدولي ومؤسساته المتمثلة في الأمم المتحدة لم تقف يوما موقفا حازما في تطبيق القرارات العديدة التي أقرت بالحق الفلسطيني على ارض فلسطين وبقيت حبرا على ورق تنتظر إلزام  الاحتلال بتطبيقها واستخدام القوة المقتضية لرفض الكيان لتلك القرارات وإعلان تمرده عليه والضرب بها بعرض الحائط، هذا القرار كما انه اظهر انتهاك الإدارة الأمريكية الحالية للقانون الدولي هو أيضا من اظهر عجز المجتمع الدولي وازدواجية معاييره في تطبيق هذا القانون، لذلك نقول أن الهبة الشعبية في فلسطين والعالم الإسلامي على امتداده أرسلت رسالة واضحة لكل من تآمر وتخاذل أو سكت عن هذا القرار مفادها أن القدس لم تكن يوما للمساومة أو الارتهان لإرادة العدو نظير مصلحة هنا أو هناك أو تملق هنا أو هناك، وتؤكد أنه حتى في ظل جراح الأمة النازفة فإن الإرادة الشعبية لتحريرها باقية في وجدان كل فلسطيني وعربي ومسلم مهما كلف ذلك من تضحيات وآلام بغض النظر عن مواقف الأنظمة الدولية أكانت مسانده أو ظالمة.

 ما مصير المصالحة الفلسطينية في الوضع الحالي ؟

لا شك أن الشعب الفلسطيني يمر بمرحلة حرجه من عمر القضية الفلسطينية وأن أي إخفاق لا سمح الله سيكون له انعكاساته الخطيرة على القضية ومستقبلها بل على مستقبل المنطقة والإقليم، وهذا كله يضع القيادة الفلسطينية عند مسؤولياتها وأن تكون بمستوى الحدث. هناك ثلاث تحديات تواجه الفلسطينيين اليوم: الأول هو إتمام مشروع المصالحة بين حركتي فتح وحماس والمطلوب في هذا الجانب هو سرعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من بنود المصالحة التي تمت برعاية مصرية في الثاني عشر من شهر أكتوبر وبالأخص رفع الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة في رام الله عن شعب غزة المحاصر وتسهيل حياته اليومية، والثاني هو ترتيب البيت الوطني الفلسطيني من خلال التوافق بين جميع مكونات وفصائل الشعب الفلسطيني دون إقصاء أو إنفراد على برنامج وطني نضالي تحرري يحقق رؤية و تطلعات الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة ويضع المقاومة بكل أشكالها بما فيها المسلحة في صلب هذا البرنامج. ثالثا إدارة القرار الفلسطيني وفق الرؤيه المتفق عليها ضمن الأطر الديمقراطية والتشاركية. هذه هي جملة الإجراءات التي يتوجب القيام بها على الفور ودون مماطلة  أو تلكؤ كي نستطيع تدارك المآلات الخطيرة للقضية على صعيد الأرض والإنسان والمقدسات -كما نرى- والتي أدت إليها سياسة الإقصاء والتهميش والاستفراد بالقرار من قبل السلطة في رام الله. في نظر حركة حماس إننا تأخرنا كثيرا عندما اقتنعنا بعدم جدوى مسار التسوية والمفاوضات وآن الأوان لإعلان فشل هذا المسار وتسببه بضياع الكثير من الحقوق ونرجوا أن لا يكون قد فات الأوان.

طرح في وقت سابق موضوع نشاط مكتب حماس بالجزائر، هل فتحتم مكتبا بصفة رسمية بالجزائر ؟

القيادة الجزائرية كانت على الدوام هي الحاضنة للعمل الوطني الفلسطيني بكل أشكاله وأطيافه في كثر من المحطات المفصلية. وهي من منطلق حرصها على القضية الفلسطينية وتقدمها تحرص دوما على التواصل مع جميع المكونات والقوى والفصائل الفلسطينية التي تسعى هي بدورها على اطلاع القيادة الجزائرية على رؤيتها لمختلف جوانب القضية ومستجداتها، من هنا كان وجود ممثل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الجزائر أمرا طبيعيا ومنسجما مع السياق الرسمي والشعبي الداعم والمؤيد للحق الفلسطيني.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى