سياسة

باحث في الشؤون الجيوسياسية: “مبادرة الرئيس تبون لحل الأزمة في النيجر شاملة ومرنة”

طرح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مبادرة للحل السلمي للأزمة في النيجر تحقق التفاف الجميع حول الخيار السلمي بعيدا عن أي تدخل عسكري.

وكشف عن مبادرة الرئيس تبون، وزير الخارجية أحمد عطاف خلال ندوة صحفية نظمها أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات، حيث تشمل مبادرة الرئيس تبون 6 محاور بداية من تعزيز مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية.

وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون الجيوسياسية، رشيد علوش، إن نجاح مبادرة الرئيس تبون لحل الأزمة في النيجر يتوقف على درجة التعاطي معها من مختلف الأطراف خاصة دول مجموعة غرب إفريقيا، مضيفا: “هناك مؤشرات إيجابية عبر عنها الوزير عطاف بتلقي ضمانات على ضرورة الدفع بالخيار السلمي وتجنيب المنطقة حرب لا يمكن التنبؤ بها”.

وأكد علوش في اتصال هاتفي مع “سبق برس”، أن بذور نجاح مبادرة الرئيس تبون تحملها المبادرة في حد ذاتها، معتبرا أنها مبادرة شاملة ومرنة تسمح لجميع الأطراف بتقديم رأيهم ومقترحاتهم.

وأضاف: “صحيح المبادرة جزائرية ولكن من خلال ما تطرحه ليس لكسب امتياز دبلوماسي وإنما بهدف الوصول لحل في الأزمة وتجنيب المنطقة حربا أخرى تدفع لانزلاق المنطقة نحو المجهول وتجنيب المنطقة مزيدا من التأزيم واليوم نحن أمام تحدي إقناع الأطراف التي لا تزال تلوح بالخيار العسكري وحتى لو كان هناك تدخل عسكري سيتم العودة إلى مجمل المحاور التي حملتها المبادرة الجزائرية”.

وأشار الباحث في الشؤون الجيوسياسية أن المبادرة جاءت في توقيت جد مميز بعد أن فسحت الجزائر المساحة اللازمة للأطراف التي ينظر إليها على أنها مخولة بحل الأزمة في النيجر وهي مجموعة الإكواس، مضيفا: “الاكواس رمت بكل ثقلها في البداية لإقناع المجلس العسكري على إعادة بازوم إلى السلطة ولكنها فشلت خاصة مع الأخطاء التي ارتكبت منذ البداية من طرف المنظمة التي طرحت الخيار العسكري”.

واعتبر المتحدث ذاته أن الجزائر منذ البداية رفضت أي تغيير غير دستوري للحكم وتمكنت من موازنة موقفها تجاه الأطراف الداخلية أو الدول الإقليمية كالاكواس والأطراف الدولية من خلال تطرق الموقف الجزائري لرفض الانقلاب والتدخل العسكري إلى التحذير من تداعيات التدخلات العسكرية للوصول إلى تسمية الجزائر أنها تمكنت من منع التدخل العسكري، مردفا: “تحركات الدبلوماسية الجزائرية التي قام بها وزير الخارجية بتكليف من الرئيس تبون إلى دول غرب إفريقيا وقبلها أيضا التوافق الذي تم بناؤه خلال زيارته إلى أمريكا التي هي الأخرى تنظر إلى ان الخيار العسكري هو خيار غير عقلاني وتدفع نحو الخيار السياسي الدبلوماسي”.

ويرى علوش أن توقيت طرح المبادرة جاء أيضا لوضع الأطراف التي لا تزال تلوح بالخيار العسكري أمام الأمر الواقع خاصة أنه طرح غير عقلاني، قائلا: “دفع الجزائر بهذا التصور يأتي لاقتناع مختلف الأطراف بضرورة الحل السلمي والدبلوماسي وإحراج الأطراف التي تصر على الخيار العسكري التي لم تطور أي تصور لحل الأزمة وهو موقف ضعف من طرفهم منذ بداية الأزمة في النيجر”.

كما أكد الدكتور رشيد علوش، أن توقيت المبادرة جد مدروس خاصة أنها جاءت مع بناء التوافقات اللازمة والتقاء مع مجمل القوى الحاكمة في النيجر من قادة الانقلاب وأيضا مع الأطراف الإقليمية وأيضا من خلال الدعم التي تلقاه المبادرة دوليا من أمريكا وكندا وإيطاليا.

وبخصوص محاور المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية، أكد الباحث في الشؤون الجيوسياسية أنها تملك العديد من المحاور أهمها رفض أي تغيير دستوري للحكم وتؤكد أنه لا مجال للتشكيك في موقف الجزائر المرتبط بالرفض المطلق لأي تغيير غير دستوري للحكم وأيضا الفترة التي تضمنتها المبادرة بعد بناء التوافقات والاتفاق على شخصية توافقية خلال 6 أشهر، مضيفا: “قد نصل إلى التفاوض حول مدة الفترة الانتقالية مع الإكواس خاصة وأن المجلس العسكري تحدث عن فترة 3 سنوات وقد يكون هناك اتفاق حولها لتتجاوز 6 أشهر ولكن على ألا تتجاوز 18 شهرا”.

وأوضح علوش أن الهدف الأول والأخير من المبادرة هو التفاوض وطرح خيارات كل الأطراف المنخرطة وهي “الميزة الأساسية للمبادرة الجزائرية وهي أنها كانت جد مرنة تقبل التلقيح وتقبل الإضافات والمساهمات من جميع الأطراف واستنادها على 3 مستويات وهي داخلي وجهوي إقليمي وأيضا الدولي”.

وتهدف المبادرة إلى ميزة أساسية أيضا وهو منع التدخل الخارجي وهذا هو أصل التحرك الجزائري منذ البداية لعدم عقلانية هذا الخيار ولكن نتيجة أيضا للتداعيات التي تنجم عنه على مستوى غرب افريقيا والساحل وليس على النيجر فقط كما تهدف في الأخير إلى تكوين مناعة ذاتية لدول المنطقة تجاه التغييرات غير الدستورية للحكم وضمان عدم تكرار التجربة من خلال تنظيم ملتقى أو مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة حول التنمية التي تعد أهم سبيل للتقليل من الإشكاليات التي تكون المصدر الأساسي للعمليات الانقلابية ونشاطات المجموعات الإرهابية وهو الهدف الأساسي منذ مدة طويلة لأن التنمية هي السبيل الأولحد للسلام في منطقة الساحل والتنمية هي ما تبحث عنه الشعوب بغض النظر عن الحوكمة الرشيدة التي تطبع الأنظمة السياسية لعدم قدرتها في استغلال مواردها وهو ما يجسد خلفية الجزائر حينما جسدت هذه المبادرة، حسب الخبير في الشؤون الجيوسياسية، الدكتور رشيد علوش.

وتابع: “تصور الجزائر يستند على رصيدها الدبلوماسي تجاه أزمات المنطقة في الساحل الإفريقي وكل المنطقة والتجربة فيما يتعلق بالمبادرات المطروحة لحل الأزمات سواء في الساحل مثلما حدث في مالي أو ليبيا ومجمل القارة الإفريقية من خلال المزاوجة بين ثنائية الأمن والتنمية للخروج من الأزمات والإشكاليات سواء على المستويات السياسية الاجتماعية الاقتصادية وأيضا الإنسانية وهذه هي التي تتضمنها المحاور الست”.

كما اعتبر المتحدث ذاته أن لقاءات المسؤولين الجزائريين مع الأطراف المتنازعة في النيجر خاصة المجلس العسكري جاء لهندسة الحل للأزمة والتأسيس لإمكانية نجاح مبادرة الرئيس تبون وتجسيدها على أرض الواقع، قائلا: “المبادرة بنيت على التواصل مع كل الأطراف وحتى مع مجمل الطبقات السياسية الأخرى في النيجر والنقطة الثانية هي التصورات أو النقاط التي حملها مبعوث الرئيس تبون والتي تزامنت زيارته مع جولة وزير الخارجية أيضا لطرح المبادرة بنفس ما تم طرحه في النيجر تم طرح على الاكواس”.

وأردف: “الرهان منذ البداية أن يتم الإبقاء على التواصل بين المجلس العسكري في النيجر ودول غرب إفريقيا التي تمكنت في الأخير الجزائر من إقناعها بعدم جدوى الخيار العسكري وإقناعها بصدقية التصور الجزائري خاصة فيما يتعلق بالدفع بالحلول السياسية السلمية والحلول الدبلوماسية التي تعتبر المخرج الأول والوحيد للأزمة”.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى