أعمدة الرأي

زيادات .. في الأسعار و ليس في الأجور

   تتدافع الهواجس و يرتفع الضغط و يطيح السكر و يطلع الغاز إلى الراس عندما ينهي وزير الطاقة كلامه مبشرا بزيادات في الفاتورة إن لم ” نزير السنتورة ” ، و يزعم محدثنا أن سبب الزيادة هو أن سونلغاز لا تحقق أرباحا و أنها دائما في خسارة ، و عندما تحاول ربط الزيادة بمبرر الوزير لا تكاد تفقه شيئا سوى أنك مسؤول عن فشل و خسارة شركة تحتكر تموين الجزائر طولا و عرضا بمادتي الكهرباء و الغاز و لا تنافسها في ذلك مؤسسة أخرى أجنبية كانت أم محلية ، عمومية أم خاصة ، و مع كل ذلك تخسر و لا تربح ، و فوق كل هذا و ذلك الشعب مسؤول عن إفلاسها ، أنعم آسيدي ، و ما يزيد العقل حيرة و ذهولا هو أن هذا المسؤول و حتى من سبقه من ” مسائيل ” لم يطرح لنا إمكانية أن يكون سبب تراجع إيرادات مؤسسته ناجم عن سوء التسيير أو لعلها تعاني من خلل في خططها التنموية أو برامجها الاستثمارية أو بالإمكان أن ذلك يعود إلى احتمال وجود ثقب في خزانة الشركة ، و لم لا ، إذا كانت خزانة أكبر شركة في الجزائر و ربما في إفريقيا لم تسلم من حوادث الثقب و الخرق ، المهم و باختصار و حسب المسؤول الأول في قطاع الطاقة فإن الشعب هو المسؤول و إليه تؤول خسارة الشركة .

   وقبله بشرنا وزير المالية بزيادة في فاتورة الماء إلى جانب الغاز و الكهرباء ، و أن هذا ليس كل شيء فهناك زيادات ستمس مواد استهلاكية أخرى و أن الحكومة ستتخلى تدريجيا عن الدعم الذي لن يمس سوى الفئات الفقيرة ، و هنا لم يخبرنا معاليه عن كيفية تحديد هذه الفئات و ما هي معايير تصنيفه للشعب الجزائري و تقسيمه له إلى فقراء و أغنياء ، و هل هذا التصنيف هو الآخر على شاكلة تصنيف الدعم الموجه للسكن الاجتماعي ، و الذي يتم توزيعه في كثير من الأحيان إن لم نقل في أغلبها بطرق و كيفيات مبهمة و صادمة ، حتى أنك تقف على حالات يستفيد فيها الميسورون الذين لا تربطهم بالدولة ورقة أو وثيقة اللهم إلا شهادة الميلاد ، لكنهم يعدون من كبار التجار و الحرفيين ذوي الدخول المرتفعة و الثروات الطائلة ، و مع ذلك ينافس ” الفقراء الوهميون ” الفقراء الحقيقيين و يزاحمونهم في السكن و قفة رمضان و منحة المتمدرسين و دعم المواد الأساسية ، المهم و في المحصلة فإنك لن تخرج من كلمة الوزير و أنت فاهم شيئا ، على العكس تماما فإنك ستزداد معها حيرة و ضلالا .

   ما يسترعي انتباهك و أنت تحاول فهم خطبة السيد الوزير هو أن الحكومة تنعت لك أذنها اليسرى بيدها اليمنى ، فهل يعقل أن تـُقدِم على تصنيف الشعب إلى فئات فقيرة و أخرى غنية و تقرر على أساسه توزيع موارد الدولة زاعمة أن الدعم سيصل إلى الفقراء ، و هي لم تقم بعد بتنظيف البيئة المالية و الاقتصادية للبلاد ، كيف تصنف الشعب و نِصفُ اقتصاد الدولة غير رسمي يدور في السوق السوداء و أمواله من العملة الصعبة يتبادلها تجار ” الشونج ”  في ” السكوار ” ، كيف تستطيع معرفة الغني من الفقير و طائفة كبيرة من الشعب الجزائري بين متهرب من الضرائب أو غير معني بدفعها من الأساس رغم أنه يمتهن نشاطا اقتصاديا مربحا ، كيف يتحدث معالي الوزير عن التصنيف و نحن نعاني من فساد في اقتصادنا يبدأ من الميناء و المطار و لا ينتهي إلى أفواه المستهلكين حتى تخرج وارداتنا عبر حدودنا الشرقية و الغربية و ربما عاد بعضها من الميناء و المطار متجها نحو بلد المنشأ .

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى