حواراتريبورتاج

ممثل البوليساريو في الاتحاد الأوروبي: الرأي العام في أوروبا يؤيد القضية الصحراوية

أكد  عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو، المكلف بأوروبا والاتحاد الأوروبي، أبي بشراي البشير، أن شعوب المنطقة معنية بانقلاب الحكومة الاسبانية على موقفها من القضية الصحراوية كونه يحمل تبعات خطيرة على الأمن والاستقرار وعلى الميثاق التأسيسي للاتحاد الافريقي الذي يتبنى عدم المساس بالحدود الموروثة غداة الاستقلال.

وشدد أبي بشراي البشير  في حوار مع “سبق برس” أن  الرأي العام في أوروبا يؤيد القضية الصحراوية على عدة مستويات رغم محاولات التضليل التي يقوم بها الاحتلال المغربي.

نص الحوار

الصفقة المشبوهة بين اسبانيا والمخزن على حساب القضية الصحراوية مازال تثير ردود الفعل، إلى أين تتجه الأمور ؟

بغض النظر عما قد يقال هنا وهناك عن الاسباب الحقيقية التي دفعت برئيس الحكومة الاسبانية اتخاذ قرار انقلابي بهذا الحجم وفي هذا الظرف، فالأكيد أن سانتشيث لم يقم بخيانة الشعب الصحراوي مجددا فحسب، لكنه خان برنامجه الانتخابي، خان غالبية ناخبيه من نفس حزبه، خان الرأي العام الاسباني مختلف اطيافه وتوجهاته، ويكون هناك خان حتى مصالح بلده بحساب الارقام. هذا القرار مرفوض جملة وتفصيلا، وأول نتائجه أن اسبانيا، وهي القوة المديرة للاقليم بحكم القانون، قد اقصت نفسها من لعب أي دور مستقبلي في تسوية النزاع في الصحراء الغربية. الدبلوماسية الصحراوية رسمية وشعبية، كانت على خط المواجهة المباشر منذ مساء ١٩ مارس ٢٠٢٢، والنتيجة المحصلة واضحة للعيان؛ على مستوى اسبانيا عزلة تامة للرئيس، وفشل رهانه وقراره الشخصي وهو ما أكدته قرارات البرلمان ومجلس الشيوخ والمساءلات العلنية التي  تحولت الى جلسات محاكمة لسانتشيث ولوزير خارجيته. أما على مستوى اوروبا وبقية العالم فرسالة سانتشيث لقيت نقص مصير تغريدة ترامب ديسمبر ٢٠٢٠، لم يتبعها أحد، بل بالعكس، غالبية الدول الاوربية وحتى الاتحاد الاوروبي أستغلوا المناسبة لاعادة التأكيد على مواقف الدعم لمسار الامم المتحدة ولتطبيق القانون  الدولي.

المسار متواصل داخل اسبانيا وخارجها لاجبار رئيس الحكومة على التسليم بأن الصحراء الغربية ملك للشعب الصحراوي، وبأن مصيرها لا يقرره الا أهلها وممثلهم الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو.

 

هل يمكن التعويل على الاتحاد الأوروبي بعد انقلاب الحكومة الاسبانية واصطفافها مع الاحتلال المغربي ؟

الاتحاد الاوروبي مصاب بانفصام مزمن فيما يتعلق بتحديد موقفه من النزاع في الصحراء الغربية. فمن الناحية السياسية والدبلوماسية، وهو ما تم التأكيد عليه مؤخرا من مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد والناطقة الرسمية للمفوضية، الموقف هو دعم مسار الامم المتحدة والتأكيد على القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة كمرجعية وحيدة للحل. لكن، من الناحية الاجرائية والاقتصادية هناك تورط كبير من طرف الاتحاد الاوربي في نهب ثروات الشعب الصحراوي في خرق بين القانون الدولي والقانون الاوروبي وقرارات محكمة العدل الاوروبية، وهو ما شجع المغرب على مواصلة التمرد على المجتمع الدولي، وأعطاه دعما ماليا معتبرا يمكنه من مواصلة تمويل احتلاله للصحراء الغربية. فيما يتعلق بالموقف الاسباني، فالى حد الساعة، هناك تمييز واضح لدى بروكسيل بين البعد الثنائي لصفقة سانتشيث – محمد السادس حيث يدعم الاتحاد الاوربي تطبيع العلاقات بين البلدين، لكن فيما يتعلق بالبعد المتعدد الاطراف والنزاع على الصحراء الغربية فالاتحاد الاوروبي يرفض الرهان على تصور احادي الجانب كما هو المقترح المغربي ويتمسك بالمسار على مستوى الامم المتحدة وقراراتها ذات الصلة. المغرب يحرك العديد من اللوبيات داخل بروكسل وفي العواصم الاوروبية النافذة في مسعى لاجبار الاتحاد الاوروبي على نهج طريق سانتشيث، لكن قوة الاطار القانوني للقضية من جهة وتقاليد الدول الاوروبية النافذة التي لا تتخذ قرارات شخصية، تشكل ضمانة من مستوى معين لعدم حدوث المنزلق. بيد ان الشعب الصحراوي وحلفاءه مطالبون أكثر من اي وقت مضى بالتحلي بالكثير من اليقظة والحزم لافشال رهانات الاحتلال.

 

الجزائر رفضت علنا انقلاب موقف اسبانيا ودعمها للاحتلال المغربي، هل تعتقد أن ذلك سيؤدي إلى تراجع الحكومة الاسبانية عن موقفها خصوصا في ظل الخسائر الاقتصادية التي ستتعرض لها مدريد ؟

اعتقد ان الخسارة الكبرى بالنسبة لرئيس الحكومة الاسبانية، هي الخسارة السياسية والمعنوية وحصول عملية تآكل متسارعة في رصيده داخل اسبانيا وخارجها. تآكل هذا الرصيد في ظرف زمني قصير، وفي افق الانتخابات العامة نهاية العام القادم، تشكل خطرا كبيرا على مستقبله السياسي وعلى مستقبل التحالف الحاكم. التكلفة الاقتصادية باهضة، وهي مهمة بل محددة بالنسبة لرئيس الحكومة في علاقته مع IBEX، وبالغة الخطورة بالنسبة للأمن الطاقي لاسبانيا. لكن في تقديري خسارة الجزائر بكل ما تحمل من ثقل معنوي اولا وسياسي وأمني واقتصادي باعتبار قطب رحى المغرب العربي ولاعبا متوسطيا محوريا، هي الخسارة الاكبر بغض النظر عن الأرقام. في خضم افتقار الدبلوماسية الاسبانية لأدنى حجة لتبرير هذا الانقلاب في الموقف، تمت الاشارة، في بعض الاحيان، الى ان الجزائر ليست طرفا مباشرا في النزاع وبالتالي ليس لها الحق في اتخاذ قرار تعليق اتفاق الشراكة وحسن الجوار مع اسبانيا. حسنا، بالتأكيد، الجزائر ليست طرفا في النزاع، لكن ذلك لا يمنعها من ان تكون معنية بنزاع موقفها معروف ومبدئي منه وعلى حدودها. كما ان مسؤولية اسبانيا ليست تجاه الصحراء الغربية وشعبها فقط، لكن تجاه جميع دول وشعوب منطقة المغرب العربي، منذ انسحابها المشين واخلالها بعهودها والتزاماتها الدولية سنة ١٩٧٥ دون تنظيم استفتاء تقرير المصير. منذ ذلك الوقت، وعلاقات شعوب المنطقة في حالة توتر بسبب النزاع والمطامع التوسعية المغربية، وبالتالي فالجزائر، وباقي شعوب المنطقة، معنية بهذا الانقلاب الذي، يشكل اعادة صياغة جديدة لاتفاقية مدريد بكل ما سيحمل ذلك من تبعات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة وعلى الميثاق التأسيسي للاتحاد الافريقي الذي يتبنى عدم المساس بالحدود الموروثة غداة الاستقلال. الجزائر، انطلاقا من مواقفها المبدئية والتاريخية، وحرصها على أمن واستقرار المنطقة وعلى قدسية الاتحاد الافريقي وميثاقه التأسيسي، لم تكن لتسمح بقبول هذا الانقلاب الذي حصل في ظروف مريبة. ومن مصلحة اسبانيا، في اسرع وقت ممكن، التخلص من النظرة الخاطئة في اختزال المغرب العربي في الممكلة المغربية وحدها.

 

المجتمع المدني الاسباني رفض قرار حكومة بلاده، هل ستساهم ضغوط الشعوب الاوروبية في تحديد مواقف الاتحاد الأوروبي من القضية ؟

اذا كان لا بد من ايجاد نقطة ايجابية في قرار سانتشيث فهي حقيقة ان موقفه شكل سياق تحفيز وتعبئة غير مسبوقة داخل اسبانيا أساسا للتعبير عن التضامن مع الشعب الصحراوي. احد الاخطاء الكبرى في التقدير بالنسبة لسانتشيث هي تصوره أن ٤٧ سنة من النزاع، و ٣٠ سنة من انتظار الاستفتاء والعرقلة المغربية وبروز اجيال جديدة باهتمامات مختلفة، تكون قد قضت على قوة التأييد الشعبي الاسباني للقضية. النتيجة الماثلة للجميع الآن هو اجماع قوي ومتزايد تجاه قضية الشعب الصحراوي، وهو، بالاضافة الى الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية الاخرى، ما يفترض ان يقود رئيس الحكومة الاسبانية على مراجعة موقفه. داخل الرأي العام الاوروبي في دول أخرى هناك تفهم وتأييد من مستوى معين بالرغم من الفرق الهائل في الامكانيات بيننا والاحتلال. وأعتقد ان التعتيم الاعلامي المضروب على القضية في أوروبا هو أكبر اعدائنا، لان جهل الرأي العام بحقيقة النزاع وبالجرائم المرتكبة في المدن المحتلة، يساعد المغرب على مواصلة مغالطة الرأي العام من خلال ولوبياته المنتشرة في كل مكان.

هل محاولة الاختراق المغربي في موقف اسبانيا من القضية الصحراوية لها علاقة بصفقة التطبيع مع الكيان الصهيوني ؟

من الناحية النظرية، اذا كان ثمة علاقة فهي لاحقة وليست اصلية  بين الصفقتين، لان اسبانيا كانت هي اول الدول التي بادرت الى اعلان رفض علني لموقف ترامب ديسمبر ٢٠٢٠، وهو السبب الحقيقي لنشوب الازمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد. فيما بعد قد تكون حصلت ضغوطات على مدريد، من طرف الدوائر المرتبطة باتفاقات ابراهام، لكنني لا امتلك معطيات من الممكن ان تؤكد او تنفي ذلك. لكن، بغض النظر عن وجود علاقة من عدمها الا ان موقف ادارة ترامب المبني على اساس الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل الاعتراف باسرائيل، هو تقريبا نفسه المتبنى من طرف مدريد، دعم المقترح المتعلق بالحكم الذاتي الذي يقر بالسيادة للمغرب بشكل سابق لتقرير مصير الشعب الصحراوي، مقابل تطبيع العلاقات والاعتراف بسيادة اسبانيا على سبتة ومليلية. عملية مقايضة ظالمة، لكن بنتيجة مختلفة؛ ترامب حصل على الاعتراف المغربي باسرائيل وربط علاقات دبلوماسية معها، فيما غاب عن سانتشيث ان التوسع ونقض العهود موجودان في الحمض النووي للمخزن المغربي.

 

الوضع الصحي للملك المغربي والظروف الاجتماعية داخل المغرب أخذت منحى خطير، كيف سينعكس الوضع الداخلي في المغرب  على وضع القضية الصحراوية ؟

جواب السؤال السادس: جوابا على هذا السؤال، أود التأكيد على ان مستقبل النزاع، غير مرتبط لا بوضع صحي للملك ولا بمؤشرات الاقتصاد المتهاوية في المغرب، بقدر ما هو مرتبط بحق متأصل الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال وارادة متمكنة لدى هذا الشعب لمواصلة الكفاح، بقيادة البوليساريو لفرض ارادة الصحراويين. من جهة اخرى، نحن لا نتمنى للمغرب ولا للشعب المغربي اية أزمة اقتصادية ولا معاناة اطلاقا، بالعكس نعتبر الشعب المغربي ضحية هامة للمغامرة التوسعية في الصحراء الغربية. ما كان يفترض ان يصرف في تمويل الخدمات وترقية الشعب المغربي يصرفه المخزن لتمويل حرب ظالمة على شعب شقيق. نحن لا نسب المستقبل، ونتطلع الى علاقات اخوية مع الشعب المغربي في ظل السيادة والاحترام والتعاون المتبادلين. لكن، حق شعبنا في تقرير المصير والاستقلال لا يسقط بالتقادم وغير قابل للمساومة.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى