حواراتسياسة

مناصرة: لن تُثنيني الضغوطات الممارسة ضدي عن الاستمرار في مسار التأصيل والتجديد

تطرق القيادي في حركة مجتمع السلم، عبد المجيد مناصرة في حوار مع “سبق برس” إلى تفاصيل هامة حول ترشحه لرئاسة الحركة، عشية المؤتمر الثامن المقرر إجراءه يوم 15 مارس الجاري.

عبد المجيد مناصرة الذي ارتبط اسمه بالمواعيد المهمة لـ “حمس”، عاد للحديث عن كواليس المؤتمر الثالث للحركة قبل 20 سنة. كما تحدث عن حظوظه في الموعد القادم بعد أن قالوا عنه أنـه “كبير في السن ومن الجيل القديم”.

وزير الصناعة الأسبق علق كذلك على النقاش الدائر داخل البيت الحمسي حول “التوريث” بطريقته الخاصة.

نص الحوار: 

 

01- منذ انتهاء فترة رئاستك لحمس سنة 2018 غبت عن العمل السياسي خصوصا التنظيمي باعتبارك عضو مجلس الشورى، هل هذا الغياب يعبر عن موقف سياسي ؟

الحركة مُقبلة على مؤتمرها الدوري الثامن وهو موعد ديمقراطي متجدد، يفتح لجميع أبنائها فرصة المشاركة في النقاش والإثراء والمساهمة في صناعة مستقبل أفضل للحركة، من خلال اختيار القيادة، وأحيي بهذه المناسبة قيادات الحركة وهياكلها وإطاراتها ومناضليها الذين بذلوا جهدا معتبرا في هذا الشأن، رغم الصعوبات والتحديات والضغوطات.

بالنسبة لما جاء في سؤالك حول “الغياب”، أرى أنها “متابعة صحفية تنقصها الدقة”، ولكن أتعامل معها بصدر واسع، فبعد مؤتمر 2018، قياسا بعدم تمتعي بمنصب تنفيذي يلزمني أن أكون متواجدا بصفة دورية في العمل اليومي للحركة أو المشهد السياسي بصفة عامة، ولكنني شاركت بقوة في العمل ضمن المساحات المتاحة لي طيلة 2018 و2019 وإلى غاية الحجر الصحي في (25 مارس 2020)، وهو الشهر الذي نَشطت فيه 3 ندوات حول الإصلاح الدستوري وفي ولايات متعددة.

أما فترة الغياب، فدامت من تاريخ بدء الحجر الصحي إلى غاية نهاية جوان 2021، حيث أصبت فيها بكورونا لمرتين، والحمدلله شفيت منها، رغم استمرار أعراضها لفترة أخرى، بعد ذلك حضرت كل اللقاءات التنظيمية التي أنا عضو فيها، أما البقية فأسميتها تغييب وليس غياب، مع أنني لا ألوم أحدا في ذلك، وليس من طبعي التشكي، فالمسؤول مسؤول يتحمل مسؤوليته، ونحن مهما علت مراتبنا، نبقى جنودا نلبي الدعوة إن وجهت لنا للمشاركة بكل تفاني وإخلاص.

 

02- أعلنتم عن نيتكم في الترشح لرئاسة حمس وإذا أحذنا بفكرة نية الترشح، هل نفهم من ذلك أن ترشحك مرتبط بتوفر شروط معينة ؟

 

كما أسلفت ذكره في إعلان نية الترشح، إبداء هذه النية كان استجابة لنداءات ومطالب وصلتني من مناضلين وقيادات في الحركة، أقنعتني بضرورة الترشح مصلحة للحركة، أما الترشح الرسمي فسيكون في مجلس الشورى الجديد الذي سينبثق عن المؤتمر إن شاء الله، وأريد التاكيد لكل من رشحني، أو دعم نية ترشحي، أنني لن أخيب آمالهم، وأدعوهم للتفاؤل والاستبشار، بمزيد من العمل الجاد لمصلحة الحركة، وفي إطار الآداب والأخلاق واللوائح.

ولن تُثنيني الضغوطات الممارسة ضدي، عن الاستمرار في مسار التأصيل والتجديد.

 

03- في كل المحطات المفصلية لحمس يظهر اسم مناصرة، ماهي أوجه الشبه بين المؤتمر القادم ومؤتمري 2003 و2008 الذين ترشحت خلالهما ؟

المؤتمرات الدورية للحركة، هي مواعيد لمناقشة الأفكار والسياسات والبرامج والتداول القيادي، ولطالما كنت مساهما منذ تأسيس الحركة في العمل على إثرائها، أما الترشح لمنصب رئيس الحركة، فالطبيعي أنه إذا توفرت في أي مناضل في الحركة شرزط الترشح وتلقى الترشيح والدعم في ذلك، فهو حق مكفول للجميع قد يرتقي إلى مستوى الواجب في بعض الحالات.

المفارقة العجيبة أنه في سنة 2003 قالوا عني شاب صغير لم يصل إلى الأربعين ولا يحق له الترشح، واليوم في 2023 يقولون عني كبير ومن الجيل القديم، لا يصلح للترشح لقيادة الحركة. وفي ذلك الوقت (2003)، صحيح أنه تم ترشيحي لمنصب رئيس الحركة، ولكن اعتذرت للإخوة والأخوات في المكتب التنفيذي الوطني، ورفضت تعديل السن القانوني للترشح، احتراما لقوانين الحركة، ولكنه عُدل في مؤتمر لاحق إلى 35 سنة.

 

04- بعد أيام تنتهي ولاية مقري بصفته رئيسا للحركة، كيف تقيمونها خصوصا أنها شهدت الوحدة التي توجت بعودتك لحمس وحل جبهة التغيير ؟

التقييم عمل واعي تقوم به الهيئات والمنظمات والمؤسسات من أجل الاستدراك والتصحيح والتطوير، مع التمسك بالمكتسبات والتثمين للإيجابيات، أما فيما يخص رأيي النقدي للعهدة الماضية فسأمارسه داخل مؤسسات الحركة.

 

05- هناك حديث عن دعم مقري لمرشح في المؤتمر القادم، كيف تنظرون إلى هذا النقاش الدائر ؟

الدكتور عبد الرزاق مقري لديه كل الاحترام مني، وقد تطرقت في مقالي الأخير حول الوحدة، إلى المسار الذي تُوج هذا الإنجاز، بدءا من المساعي التي بذلت في 2009، مرورا باللقاء الجامع في 2013 مع الشيخ أبو جرة سلطاني والتوقيع على اتفاق الوحدة بالأحرف الأولى، وصولا إلى سنة 2017 مع الدكتور عبد الرزاق مقري التي تجسدت فيها الوحدة فعليا.

بالنسبة للنقاش الدائر بخصوص شؤون المؤتمر القادم ومستقبل الحركة عموما، أرى أنه مستفيض ويشمل قضايا كثيرة، وأنا بدوري أشجع الناس على النقاش وتبادل الآراء شرط أن يكون ذلك في إطار الاحترام المتبادل، وعدم المساس بسمعة الأشخاص وصورة الحركة.

والترشح حق مكفول لكل من تتوفر فيه الشروط القانونية، وكل عضو له كامل الحرية في دعم من يشاء مع احترام حياد الهيئات والمؤسسات والهياكل والصلاحيات ودون دعم مرشح على حساب آخر.

 

06- حمس خارج الحكومة اليوم، هل ترى أن هناك أسباب موضوعية وراء النهج السياسي الحالي ؟

رأيي الخاص هو: يجب إخراج الحركة من هذه الثنائية الحدية المغلوطة “مشاركة-معارضة”، فالحركة اعتمدت منذ تأسيسها استراتيجية المشاركة في العملية السياسية، تأبى الغياب وترفض المغالبة وتحارب الاستئصال.

وعلى هذا بُنيت الحركة زمن الشيخ محفوظ نحناح، وشاركنا إلى جانبه في تأسيسها وتطبيقها، وعليه استمرت المسيرة السياسية للحركة طيلة 32 سنة، وهذا ما تتضمنه أيضا وثائق الحركة وأدبياتها.

أما ما تعلق بالمشاركة في الحكومة أو معارضتها، فهي مسألة فرعية تطبيقية، تخضع للحجم السياسي وللكسب الانتخابي والعرض الحكومي والتقدير المصلحي، التي يتداول فيه مجلس الشورى لاتخاذ القرار، كما حدث أكثر من مرة، وآخرها في سنة 2021 بعد دعوة الرئيس عبد المجيد تبون الحركة للمشاركة، وكان قرار مجلس الشورى بعدم المشاركة مع الشكر والتقدير.

والحركة جربت المشاركة كما جربت المعارضة، وهذا يعطيها ثراءً وسعة أثناء النقاش والتقييم لاتخاذ القرار، فلا توجد مشاركة دائمة ولا معارضة دائمة إنما توجد شورى دائمة، ووثيقة البرنامج السياسي حددت بوضوح مسألة طبيعة المشاركة والمعارضة، وكلنا ملزم بالالتزام بهذه الوثائق ومخرجات المؤتمر، وبالشورى وقراراتها.

وحتى الأشخاص في حد ذاتهم يمكن أن يكونوا مع قرار المشاركة في الحكومة في مرحلة ما لظروف ومعطيات وتقديرات معينة، ويمكن أن يكونوا ضدها لظروف ومعطيات وتقديرات أخرى. لذلك أدعو إلى تحرير الحركة من هذه الثنائية الحدية المقسمة.

 

07- ما هي قراءتكم للمشهد السياسي على الصعيد الوطني، وهل الظروف السياسية التي نعيشها تشجع على العودة للمشهد الحزبي ؟

نعيش حالة سكون سياسي مقلقة، لم نتعود عليها منذ إقرار التعددية في الجزائر، فالسلطة تتحكم في قواعد اللعبة السياسية، والأحزاب في حالة ضعف لا مثيل لها، ولا تستثمر حتى في الهوامش المتاحة لها، والشعب تراجع عن الاهتمام بالمشاركة السياسية، رغم حراكه السياسي الواعي في 2019، والإعلام أيضا يعاني تدهورا في هوامش الحرية الإعلامية.

هذا الوضع هو نتاج مرحلة ما بعد الحراك الشعبي، والذي شهدنا فيه ارتفاعا في سقف الطموحات والآمال، ولكن الطبقة السياسية ضيعت الفرصة ولم تكن في مستوى حراك الشعب وانتظاراته، وهو مت ينبغي أن يدفعنا بجد إلى التفكير في الحلول التي بإمكانها أن تعمل على تكريس الديمقراطية وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع وتسريع العملية التنموية وإعادة إحياء وتفعيل العمل الحزبي والسياسي وإحداث مصالحة بين الشعب وصندوق الانتخابات.

أرى أن المخرج، مثلما أدعو له وأدافع عنه منذ سنوات طويلة، هو تنظيم ندوة وطنية سيدة، نستحضر فيها مطالب الحراك الشعبي الذي كان يُمثل بعقل واع وبحس وطني وبمسؤولية تاريخية كل الشعب الجزائري دون استثناء، تتحاور فيها القوى السياسية والاجتماعية بشكل مسؤول، وتُطرح فيها كل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخارجية أيضا، وتحقق التوافق الوطني حولها بدء بالدستور التوافقي والعفو السياسي والانتقال الديمقراطي والعدالة الاجتماعية وبرنامج الإنقاذ الاقتصادي والإصلاح القضائي والأمن الإقليمي.

 

08- على الصعيد الدولي هناك تغييرات استراتيجية في المنطقة والعالم، ماهو تقييمكم لموقع الجزائر ؟

مع تفجر الحرب الروسية – الأوكرانية، يسود العالم حالة من عدم اليقين، استراتيجيا واقتصاديا، ويبدو أن النظام الدولي يسير على حبل مشدود نحو التعددية القطبية، وكان من الملاحظ أن هذه التطورات زادت من الأهمية الجيوسياسية للجزائر بفعل قدراتها الطاقوية والإقبال عليها من الدول الأوروبية خاصة، للحصول على مزيد من الإمدادات الغازية، وبالتالي فإن تقدير النعمة التي بأيدينا وحبانا الله بها مع العقلانية في التدبير والبراغماتية في النظر، أمر لا غنى عنه، في مثل هذه الظروف الصعبة التي تتزايد فيها الفرص، وكذلك التحديات والمخاطر.

وفي هذا الصدد، أثمن التوجه، نحو زيادة مساحات زراعة الحبوب والمواد الفلاحية الاستراتيجية، من أجل تقليص التبعية نحو الخارج وضمان أمننا الغذائي، مع ضرورة عدم الوقوع في الأخطاء السبقة، التي أضعنا بسببها العديد من الفرص الجوهرية، التي كانت كفيلة بأن تحقق للجزائر الانطلاقة المرجوة، بسبب غياب حسن التدبير والرشادة السياسية.

كما أدعو إلى نهج عملي وتوافقي في تدبير سياستنا الخارجية، قائمة على تنويع شركائنا الدوليين والخروج من عباءة التبعية لبعض الدول، وتعزيز علاقاتنا مع شركائنا التقليديين، والعمل على استعادة نفوذنا الإفريقي ودورنا التاريخي في القضايا العربية والإسلامية، لاسيما قضية فلسطين، والعمل بشكل أكبر على التقليص من حجم التوترات في بيئتنا الإقليمية، ولعب دور إقليمي أكبر، لاسيما في الملفات التي تهم أمننا القومي على غرار ليبيا، تونس، الساحل والمتوسط.

 

09- في اعتقادكم ما هو السبيل لمواجهة مد التطبيع مع الكيان الصهيوني وكيف تتفادى الجزائر المخاطر الناجمة عنه ؟

الأكيد أن التمكين للكيان الصهيوني والقوى المعادية في منطقتنا، هو شر مُستطير وخطر قائم، والتطبيع المغربي الصهيوني، ربما قد يتحول إلى تهديد مستدام لاستقرارنا، ووحدتنا الوطنية، واستقرار المنطقة بأكملها، لأنه موجه بالدرجة الأولى ضد الجزائر، وهو ما يجعله مختلفا عن باقي “الاتفاقيات التطبيعية” بين الدول العربية والكيان الصهيوني، ويحتاج إلى تكاتف الجهود في إجماع وطني قوي.

إن التعامل مع هذا التهديد بنجاعة والتقليل من مخاطره، لن يتأتى ذلك إلا عبر تقوية الجبهة الداخلية وأسس الوحدة الوطنية، وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، وتكريس الحريات الأساسية، وتقليص التبعية الاقتصادية للخارج، وعدم الوقوع في فخ نشر الكراهية والعداء بين الشعوب في المنطقة، هي المداخل الأساسية لذلك، لأن المشكلة ليست أمنية بحتة، ولكنها متعددة الأبعاد، مشكلة طويلة الأمد وليست ظرفية، وتستهدف بالدرجة الأولى وجود الدولة الوطنية، وتهدد مستقبل الجزائر.

أعيد التاكيد بأننا نحتاج إلى تضافر الجهود وتقاسم الأعباء وتعزيز الحوار الوطني واتساع الصدر بالآراء المخالفة وإعلاء قيم الشخصية الجزائرية في التضامن والشجاعة والوحدة والنصرة، من أجل بناء الجزائر القوية، إنها المشترك الذي يجمع الجميع دون استثناء.

 

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى