أعمدة الرأي

هذه هي مواقف طالب الإبراهيمي …هل من مدكر ومعترف ؟

  هل يستغرب أي قارئ ممحون حضاريا، ومتوتر نوفمبريا لو قلت ان الدكتور طالب كان طيفا يحوم حولي في الفترة الاخيرة من الارهاصات المؤلمة التي تعيشها الجزائر؟ وما الطيف الا ما تريه الخواطر، طوى صدفة المحنة الموجعة ، والارهاصات المؤلمة التي تعيشها الجزائر مند عقدين من الزمن ، وليل فرنسا العجوز ضارب بأرواقه ونجم النوفمبرية بالأفق حائر عن شهدائه الذين تحولوا الى قتلى في عاصمة الاحقاد التاريخية بمناسبة الذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى ، ألم طيف الدكتور وتساءل اين انتم من هذه الاهانة التاريخية ؟ اين اقلامكم اين انتم من تاريخكم ؟ ماذا فعلتم بأمجادكم ؟ كيف تحول شهداؤكم الى قتلى ؟ وثورتكم المجيدة الى حرب ؟ ماذا اصابكم ؟ هل تريدون ان تتولوا يوم الزحف الحضاري ؟ اين وفاؤكم لشهداء ملحمتكم ؟ … الم ولم يلبث ، وليته اقام ولو طالت تساؤلاته .

  تلكأت في اجابتي قائلا في دهشة وصلت الى حد الإغماء  لان حروف العلة التي اصابت افعالنا الماضية، وكفتها عن العمل ، وتتلقى الاوامر من فرنسا الحاقدة تاريخيا ، والمتصهينة حاليا وتنتظر منها ادوات الجزم ، لتحذف بها( الجزائر النوفمبرية ) لكي تغير مجراها الملحمي ، لان الجزائر النوفمبرية صارت معلولة علة (مثال) كفنها عن التصرف في مصيرها ، منذ التاريخ المشؤوم الذي انسحبتم فيه من السباق المشبوه، لكي لا تزكوا مرحلة لا تنسجم وتاريخكم الناصع البياض وهذا بشهادة الاصدقاء وغيض الاعداء ، وانت اعرف بهم – فطوبى لمسارك-  وهكذا شاءت اوضاعنا وما ستؤول اليه من مصائر مفتوحة على كل الاحتمالات –اللهم نسألك اللطف في القضاء- ان اوجه قلمي الى مدونات الدكتور طالب -متعه الله بالصحة والهناء وزاده بسطة في الجسم والعقل – التي تؤرخ لمواقفه المبدئية التي نحن في اشد الحاجة اليها في هذه المرحلة الحرجة وفي ظروف وجدانية ونفسية خاصة ومتميزة، ولست اعني بذلك ظروفا عائقة او معكرة … بل العكس هو الوجيه ، فقد كانت بما تحمله هذه (المدونات) المبدئية المطبوع منها، والمخطوط –وهو الجزء الرابع من مذكراته الذي يعكف في هذه الآونة في كتابته، وفيه من الحقائق ما يصدم الى حد الفطنة – والمسجل (شاهد على العصر في قناة الجزيرة) وفيه من حرارة الوجدان وارتياح العرفان حافزا كبيرا للعودة الى هذه المدونات للمرة الثالثة –والعود احمد- والبحث فيها عن محنة وطني المبرمجة، بل حثتني من هذا الحافز بركة متميزة في الوقت نفسه وطاقة عرفانية ربانية في الجهد.

   إن دموعي وانا اتصفح مدونات الدكتور طالب وخاصة في الفصول التي يؤرخ فيها لأمجادنا التاريخية والحضارية هي دموع العقل والعاطفة و الحس الوطني الصافي، دموع نوفمبري بالميلاد و الانتماء و الايمان و العمل و التضحية، لم يعد يرى سوى عين نوفمبريته التي تتجلى فيها الاثار البطولية الرائعة فترثيها ، فتشهد قيم وطنية سقيت بأزكى الدماء يعبث بها المفسدون الذين طغوا في (جزائر العزة و الكرامة).

   وهكذا لما عصفت بالجزائر عواصف الانتقام و الاستهتار من حروف العلة شددت رحالي الى مدونات الدكتور وهي كثيرة ومذكورة آنفا ولها من الدلالات الحضارية و التاريخية والمبدئية ما يقلل من همومي  ويبعد عني اليأس والسأم، ويبعث فيي الآمال، واجد فيها بعض العزاء والسلوان شأني في ذلك شأن البحتري في سنيته الخالدة التي قال فيها الشاعر العباسي ابن المعتز: ( لو لم يكن للبحتري الا قصيدته في ديوان كسرى لكان اشعر الناس).

    وبذلك وجهت قلمي وانا حائر اللب مطرب الفؤاد لما آلت اليه الجزائر من مهازل مؤلمة متناصا مع البحتري باكيا بألفاظ تخرج من رحم التشاؤم و الكآبة قائلا : صنت قلمي عما يدنسه وترفعت عن عطاء كل لئيم حاقد وتماسك قلمي حين زعزعت الجزائر من طرف الاوغاد الذين لا اصول لهم التماسا لتدميرها وادلالا لشعبها وطمس معالمها الحضارية و التاريخية، ولما ادلهمت احوالي وجهت قلمي الى مدونات الدكتور اتسلى عن الحظوظ وآسى بما حل بأرض الملحمة الحضارية والتاريخية، اذكرتنيها الخطوب التوالي وانتقام المستهترين الدواني.

     ألا يجدر بشرفاء الجزائر: معارضة وموالاة وسلطة ومؤسسة الجيش الوطني الشعبي المحترمة التي حافظت على وحدة الجزائر وتماسكها في المحنة الدموية، والجزائر تعيش ارهاصات مؤلمة مفتوحة على كل الاحتمالات، ان يوجهوا، وجهتهم في هذه الآونة الحبلى بالمآسي الضاهر و الباطن فيها الى دكتور طالب الابراهيمي، ويستنجد به لكي يشرف على تسيير مرحلة انتقالية تقي الجزائر من أي محنة محتملة هذه المرحلة ان تمسكنا بوعينا واحتكمنا الى قيمنا ، وتجردنا من كل انانية ستعيد الجزائر الى جادة الصواب، وذلك لما يتمتع به الدكتور طالب بإعتباره رجل الحوار تلتقي فيه المتناقضات وتتعايش فهو ابن الشيخ البشير الابراهيمي رئيس جمعية العلماء هذا اضافة الى هذا النسب فهو مجاهد، واسمه النضالي والحركي هو الطاهر، وكان صاحب ركن في مجلة الثقافة التي اسسها عندما كان وزيرا للثقافة والاعلام اسم هذه الركن( في الصميم) وكان يمضيه باسم (ابن الحكيم)، هذه الملامح جعلت من الرجل الذي عرف بخطابه الذي يزاوج بين الاصالة و المعاصرة اضافة الى ذلك فإنه يتميز بملمح عن رفقاء دربه ، لأنه من السياسيين القلائل الذين يتقنون اللغة العربية و الفرنسية اتقانا ادبيا رفيعا، كما انه نجح في ان يخلق لنفسه كينونة سياسية ثقافية حضارية مبدئية، مستقلة من دون ان في صراعات الكتل و الاجنحة داخل النظام كما استطاع ان يحافظ على حضوره المتميز في عهد الرئيس الراحل الشادلي بن جديد كما في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، كما احتفظ بعلاقات جيدة مع المؤسسة العسكرية اثناء الفتنة الدموية حي قال فيها قولة حق في كتابه الذائع الصيت (المعضلة الجزائري الازمة و الحل 1989-1999)   والذي ارخ فيه للمحنة الدموية التي عاشتها الجزائر بلا تحيز حيث قال في صفحة 46 ( وفي هذا الصدد أأكد ان الجيش الوطني الشعبي جزء من جسد الامة…فلا نريد له ان يكون أداة في يد شخص او جماعة او حزب، ولا نرضى بخلق هوة بينه وبين الشعب، بل نريد له ان يبقى مؤسسة منسجمة وقوية، حامية للتراب و التراث حافظة للحدود و الجدود ومساهمة في التشييد و التجديد… وتعلقنا بالجيش لا يقل بتعلقنا بجبهة التحرير التي انجبت هذا الجيش) اضافة الى ذلك فإنه اقام علاقات وطيدة مع الجبهة الاسلامية للإنقاذ، حيث فاجأ الجميع آنذاك عندما وقع مع شخصيات أخرى عريضة تطالب بإطلاق عباسي مدني ورفاقه، هذه المواصفات التي تحلى بها الدكتور طالب طيلة الازمة الدموية جعلت الكثيرين يرون في احمد طالب الابراهيمي المرشح الامثل لاية انتخابات رئاسية في ظل انفراج ومصالحة وطنية لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتذهب القيادة العسكرية آنذاك وتختار الرئيس الحالي، وينسحب الدكتور طالب من الانتخابات لكي لا يزكي وضعا مشبوها، ويحرم من تأسيس حزب، وينسحب من الساحة السياسية، ويتفرغ لكتابة مذكراته التي وصلت الى ثلاثة اجزاء اما الجزء الرابع فهو الان عاكف على اتمامه وفيه من الحقائق ما يثلج الصدور، ويزيل النقاب على بعض الحقائق. فانسحاب الدكتور في اللابسات السابقة فرصة سانحة لان يكون رجل مرحلة يرضى بها الجميع وذلك لما يتصف به من حكمة وحنكة وغيرة على وطن ينهار، ويتشوق الدكتور طالب بإنقاذ هذا الوطن مع شرفاء الجزائر: معارضة وموالاة وسلطة.

وليعرف الجميع ان الدكتور طالب كان يستقبل في بيته الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة عندما كان مضطهدا من النظام فهو لا يحمل أي حقد لاي انسان سواء في السلطة او المعارضة .

فلنحتكم للعقل وللتاريخ الوطني ونمد ايدينا لهذا الرجل الذي زاده الله بسطة في الجسم و رجاحة في العقل وسلامة في القلب هلموا جميعا ايها الشرفاء لنحمل الدكتور طالب الابراهيمي مرحلة انتقالية ندخل فيها جميعا محراب التاريخ، وتعود الجزائر الى وعيها وروحها.

   عاشت الجزائر نوفمبرية بجميع ابنائها و المجد والخلود لشهدائنا الابرار وعاش الجيش الوطني الشعبي لحماية البلاد و العباد.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى