أعمدة الرأي

حل بديل لتفعيل المادة 102

  يرى الكثير من المتابعين أن تفعيل المادة 102 هو أسوأ سيناريو بالنسبة للحراك الشعبي، لأنه في الأخير هو تضحية ببوتفليقة مع إبقاء النظام على ما هو عليه من دون أي تغيير يذكر، فتفعيلها مرتبط بتطبيق المادة104، أي الإبقاء على الحكومة القائمة، وهي التي ستشرف على تنظيم رئاسيات في ظرف قصير وبنفس الآليات، مما سينتج رئيسا من إختيار السلطة، فالحراك يطالب بتغيير جذري للنظام القائم، ويعلق الكثير لمَ لم يطبقوا هذه المادة منذ عام 2013؟، أن تفعيل هذه المادة هو أسوأ من الندوة الوطنية التي طالب بوتفليقة بالإشراف عليها، إذ في هذه الندوة يمكن إحداث تغييرا ولو طفيفاً جدا في النظام، لكن التطبيق الحرفي للمادة 102معناه تمديد حكم مجموعة الرئيس بوتفليقة شهوراً بموجبها، كما أنها تسلم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح مهمة تنظيم الانتخابات الرئاسية خلال مهلة 90 يوماً، بعد 45 يوماً، وهو ما يسمح بإعداد مرشح السلطة إن لم يكن قد وقع الإتفاق عليه منذ أسابيع على عكس مرشح المعارضة أو الحراك الذي سيتشتت بفعل تعدد المرشحين بغض النظر عن آليات التزوير للإنتخابات التي عانى منها الجزائريون طيلة عقود، وبذلك يستمر النظام كما هو لكن من دون بوتفليقة.

   يبدو أن الحراك قد رد في عمومه يوم الجمعة 29مارس2019 على المادة 102 بالمادة7 ورد أخرون بتهكم  بما أسموه المادة 2019 التي تقول في نظرهم “يذهبون كلهم”، فالمادة7 تنص على السيادة الشعبية، ومعها المادة 08 التي تقول بأن السلطة التأسيسية هي ملك للشعب، ومعناه أنه من حق الشعب إعادة بناء نظام جديد إنطلاقا منها، وقد عبر عن ذلك بواسطة مسيرات مليونية سلمية، وهنا تختلف الطروحات، فنجد البعض ملتزمين بتطبيق الدستور حرفيا متناسين أن بقاء الجزائر ودولتها هي قبل الدستور الذي تم إختراقه عدة مرات، بل لم يكن أصلا نتاج الأمة الجزائرية وتعبيرا عنها في حقيقته، لكن يكاد يقع الإجماع على المرور بمرحلة إنتقالية، ونعتقد أنه الحل الأقل ضررا وتكلفة، لأنه لو تواصلت محاولات التلاعب والإلتفاف على الحراك سندفعه إلى غضب أكبر وراديكالية أكثر في مطالبه، وهو ما يلاحظ منذ 22فيفري2019، ولهذا نعتقد بأنه حفاظا على الدولة التي بنيت بملايين الشهداء أن يتنحى الرئيس  بوتفليقة بعد ما يحل البرلمان والمجلس الدستوري، ثم يتم تعويضه بالتوافق  بهيئة رئاسية إنتقالية يرضى عليها الشعب عموما ويكون أعضاءها شديدو الإيمان بالقيم والمباديء الديمقراطية، وتكون محل ثقة كل القوى والتيارات، لأنها غير إقصائية، ولا تترشح في الإنتخابات القادمة، وتتلخص مهمتها  في نقل الجزائر إلى نظام جديد في ظرف عامين كي يبنى هذا النظام على أسس سليمة، ويتم ذلك بواسطة الخطوات التالية حسب الترتيب:

         -تعيين حكومة كفاءات لتسيير الحياة العامة.

         -الإشراف على تنظيم ندوة وطنية للتوصل إلى عقد وطني بين كل أطياف الشعب كي يجد كل جزائري مكانه في النظام الجديد.

         – تعيين لجنة لتنظيم الإنتخابات من بدايتها إلى آخرها، وأؤكد على كلمة تنظيم، وليس مراقبتها، أي لجنة شبيهة بما وقع في تونس.

         – تنظيم إنتخابات مجلس تأسيسي لوضع دستور جديد للدولة وفق العقد الوطني المتفق عليه أثناء الندوة، ويا حبذا لو يركز الدستور الجديد على المسائل الإجرائية المنظمة للدولة وسلطاتها، ويتجاوز كل ما هو أيديولوجي، أي يكون شبيه بالدستور الأمريكي.

          – الدخول في تطبيق الدستور الجديد بإنتخاب رئيس للجمهورية، وبذلك تسلم الهيئة الرئاسية له السلطة، وتنتهي المرحلة الإنتقالية ليواصل الرئيس المنتخب بناء المؤسسات بواسطة الإنتخابات وفقا للدستور الجديد، فتعود الجزائر بذلك إلى الحياة العادية.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى