الحدثحواراتريبورتاج

العالم يُقارن بين سلمية الجزائريين ووحشية الفرنسيين

استطاع الجزائريون وعلى مدار أربعة جمعات متتالية ابهار العالم بسلوكياتهم الحضارية، وأسلوبهم المسالم خلال الاحتجاجات المليونية التي جابت شوارع العاصمة وباقي مدن الوطن، وهي الاحتجاجات المتزامنة مع مظاهرات “السترات الصفراء” في العاصمة الفرنسية باريس، والتي يشاع عنها بأنها من أكثر المدن رقيا وحضارة في العالم، إلا أنها صدمت المراقبين بصور مرعبة برزت خلالها الوحشية في أقصى تجلياتها.

ووسط هذه الصور المتباينة، عمد الكثيرون إلى المقارنة بين مظاهرات الجزائريين التي عكست أخلاقا عالية، من خلال مشاهد إنسانية فريدة من نوعها في تاريخ البشرية رغم توافدهم كطوفان في الشوارع، ومدى فوضوية وعنف أصحاب “السترات الصفراء” وخشونة تعامل عناصر الأمن معهم رغم قلة عددهم.

سلوكيات حضارية راقية يوم الجمعة.. الجزائر تحتفل !

ومن بين أجمل الصور التي رسمها الجزائريون هو مشاهد تطوع بعض المواطنين لتنظيم حركة المرور، وتوجيه حركة الحشود الكثيفة و السماح للسيارات بالمرور وسطها، وعدم حدوث احتكاكات مع عناصر الأمن، وقوات مكافحة الشغب الذين اكتفوا في الكثير من المواطن بتوجيه حركة المواطنين، حيث كثيرا ما استقبلوهم بهتافات “الجيش الشعب، خاوة خاوة”، وهو الشعار السلمي الذي يكشف مدى قوة حب المواطنين للجيش الوطني الشعبي والشرطة، وحسن العلاقة الطيبة التي تجمعهما.

وتميزت مسيرة 8 مارس التي طغى عليها الجنس اللطيف لتزامنها مع اليوم العالمي للمرأة، بمشاهد لطيفة، لنساء كن يحملن ورودا ملونة، ويرتدين أزياء تقليدية معبرة عن ثقافة المنطقة وتاريخها الأصيل، وحتى أنهن ركزن على توجيه تحياتهن الخاصة لرجال الأمن من خلال إهدائهم الورود، وهي المواقف التي تفاعل معها رجال الأمن بإيجابية.

كما برزت مشاهد مؤثرة في مسيرة 15 مارس، من بينها تطوع أصحاب حافلات النقل الجماعي، لنقل المسافرين مجانا، بغية تسهيل حركية التنقل على المواطنين في أنحاء العاصمة، وتنظيف الشوراع، إضافة إلى قيام بعض العائلات بوضع موائد طعام قرب البيوت من أجل إطعام المتظاهرين المارين قربها، وتوزيع قاروات المياه والتمور، في وضع يجعلك تحس وكأنك في عرس واحتفال كبير لا احتجاجات تدعو لإسقاط النظام.

عدوانية لا حدود لها يوم السبت .. فرنسا تحترق!

جاءت الصورة مغايرة تماما في فرنسا خلال احتجاجات أصحاب “السترات الصفراء” اليوم، حيث راجت صور تبرز رجال الأمن وهم يعتدون على النساء، ومتظاهرون يعتدون على سيارات الشرطة وقوات مكافحة الشغب، وبعضهم يسرقون المحلات، ويخربون الممتلكات العمومية، على غرار حرق أشهر كشك لبيع الجرائد في فرنسا.

وقد بدت شوارع “الشانزيليزيه”، اليوم، كأنها منكوبة إثر قيام المتظاهرين بإثارة الفوضى والشغب، وهو ما دفع رجال الأمن لرميهم بالغازات المسيلة للدموع التي أظهرت المكان وكأنه في حالة حرب.

مقارنات وإجماع على تحضر الجزائريين

لم تفوت الصحافة العالمية المشاهد التي رسمها الجزائريون أمس، حيث تداولت صورا وفيديوهات، وصنعت أفلاما قصيرة تجسد لحظات من الإنسانية في أحلى تجلياتها، لقطات ظهر فيها رجال الأمن يحتفلون بمرور اليوم دون خسائر تذكر، ويهتفون بأهازيج تعبر عن روح وطنية، وآخرون يهدئون من روع المتظاهرين وينجحون في تحويل مشاهد عنف إلى لقطات يسودها الحب والسلام، الأمر الذي لم تفاعل معه الجميع بإيجابية وساهم في تغيير الصورة النمطية عن عنف الجزائريين التي كانت بعض الشعوب تحملها عنها.

وقد علقت صحفية فرنسية بقناة “فرانس 24” باندهاش على مظاهرات الجزائر، قائلة: “برافو .. أنتم قدوة لنا.. تخرجون بالملايين منذ 3 أسابيع ولم تقع هنالك أي أعمال شغب أو عنف أو تخريب، تحية للجزائريين”، في إشارة إلى تميز الإحتجاجات بالجزائر عن فرنسا التي فقدت فيها السيطرة بشكل تام.

كما علق الإعلامي اللبناني ورئيس تحرير الأخبار في قناة “فرانس 24″، ميشال الكيك، على أحداث باريس التي عرفت عنفا لا حدود له، قائلا “الجزائر بالملايين بكل هدوء أمس، باريس بضعة آلاف ببالغ العنف اليوم .. غريبة المفارقة .. وزير الداخلية الفرنسية تحدث عن 1500 شخص من شديدي العنف كما وصفهم زرعوا الرعب والخوف في العاصمة الفرنسية هذا السبت”، إذ أبهره تحكم الجزائريين الكبير في المسيرة، حيث رغم أعدادهم الخيالية التي تجاوزت الملايين لم يحدث أي انزلاقات أمنية مهددة لحياة وسلامة المواطنين عدا بعض المناوشات والخسائر البسيطة التي لا تكاد تذكر بالنسبة لمظاهرة حاشدة شارك فيها الملايين.

كما ركزت بعض القنوات الإعلامية في مواضيعها على فوضى وغوغاء الفرنسيين وتحضر الجزائريين من خلال إعداد تقارير مقارنات تظهر الإختلافات الكبيرة بينهما.

من جهة أخرى، لم يفوت رواد مواقع التواصل الإجتماعي الفرصة للتعليق على الأحداث، إذ التهبت بتعليقات تدعو الفرنسيين لتعلم أساليب التظاهر الراقية والحضارية من الجزائريين، دون عنف، دون تكسير، دون أذية للآخرين، والخروج بسلمية، كما دعا بعضهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى عدم استعمال العنف مع المتظاهرين، اقتداء بالشرطة الجزائرية التي تعاملت بليونة ونجحت بذكاء في احتواء المظاهرات والتصدي لكل محاولات الشغب الفردية والمعزولة وإجهاضها قبل تفاقمها.

 

 

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى