سياسة

نحو ولادة أغلبية رئاسية من صلب برلمان هجين

تعرف الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 12 جوان المقبل، استقطابًا كبيرًا بين القوائم الحزبية والمستقلة من أجل رهان كسب الأغلبية البرلمانية (النصف+1) في مبنى زيغود يوسف.

ولم تشهد الانتخابات التشريعية على مدى خمس عهدات ماضية تحقيق أي حزب للأغلبية البرلمانية، وقد عوض ذلك بتشكيل تحالفات كان أبرزها “التحالف الرئاسي” بين أحزاب الأفلان والأرندي وحمس بين سنوات 2004 و2012 تحت شعار دعم برنامج الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وعادت المرتبة الأولى لجبهة التحرير الوطني في أربع عهدات برلمانية وهي 2002/2007 و 2007/2012 و2012/2017 و2017/2020، ومرة واحدة للتجمع الوطني الديمقراطي في العهدة التشريعية 1997/2002.

وتشكلت الحكومات على مدار العقدين الفارطين خارج إرادة الأغلبية البرلمانية حيث كان رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة استنادا إلى المادة 91 من الدستور السابق يُعين رئيس الحكومة ثم الوزير الأول بعد التعديل الدستور سنة 2016 وتحظى بتزكية المجلس الشعبي الوطني، وتجسد المشهد الهجين بتسمية علي بن فليس من حزب جبهة التحرير الوطني رئيسا للحكومة سنة 2000 والأرندي يحوز العدد الأكبر من النواب، كما شكل أحمد أويحيى وهو الأمين العام للأرندي عدة حكومات بين سنوات 2003 و2019 في وقت كان حزب جبهة التحرير الوطني يحوز أكبر كتلة برلمانية.

وبالإضافة إلى التيار الوطني الذي هيمن على الغرفة التشريعية فإن الأحزاب الاسلامية تراجعت حصتها منذ القفزة الأولى بحصول حركة حمس على 69 مقعد والنهضة 34 مقعدا، بينما لم يتجاوز عدد مقاعد الإسلاميين مجتمعين 50 مقعدا في الانتخابات التشريعية سنة 2017.

وشارك التيار الاسلامي في حكومات الرئيس السابق إلى غاية 2012، وقد كان ممثلوه في الغرفة التشريعية مساندين لتوجهات الحكومة والتصويت لصالح القوانين التي تنزل من قصر الدكتور سعدان إلى قصر زيغود يوسف، في حين حصلوا على عدة وزارات سواء حمس أو النهضة بعد سحب البساط من عبد الله جاب الله.

ويعتبر الاستحقاق الانتخابي الذي يجرى يوم السبت مغايرا نوعًا ما استنادا إلى عدة مؤشرات، أولها أنه يجرى تحت اشراف  السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وكونه يأتي بعد الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق ورفعت فيه شعارات تطالب برحيل الأحزاب التي هيمنت على المشهد السياسي.

كما أن مؤشر تراجع الحضور الشعبي للأحزاب التقليدية الموالية للسلطة كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي خاصة بعد خسارة الأمين العام للأرندي عز الدين ميهوبي في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 12 ديسمبر 2019 وقد كان مدعوما من قيادة الأفلان لصالح الرئيس الحالي عبد المجيد تبون الذي ترشح حرا، يفتح الباب لإمكانية تصاعد فكرة التصويت العقابي.

وعلى غير العادة، تشهد انتخابات جوان 2021 غياب أحزاب التيار الديمقراطي على غرار جبهة القوى الاشتراكية، حزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية التي كانت غالبا تمثل الصوت المعارض في المجلس الشعبي الوطني خلال السنوات الأخيرة، غير أنها لم تحز عددا من البرلمانيين يمكنهم تعطيل أعمال الحكومة.

ومن المتوقع أن تتغير الخارطة السياسية هذه المرة بعد مشاركة 28 حزب سياسي وقوائم الأحرار التي فاقت 800 قائمة مستقلة في كل ربوع الوطن في ظل التوقعات التي تشير إلى الحظوظ الكبيرة لتصدر الأحرار وحصولهم على الرتبة الأولى أو الثانية.

وتجمع توقعات المراقبين على استمرار عجز المتنافسين في انتخابات 12 جوان على الحصول على أغلبية برلمانية واستبعداد حصول أي تشكيلة حزبية أو الأحرار على 203 مقعدا وهو سقف الأغلبية البرلمانية بعد تقليص عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني.

وتنص المادة 103 من الدستور الحالي بأن الحكومة يقودها وزيرا أولا في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية أو يقود الحكومة رئيس حكومة، في حال أسفر الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية.

وانطلاقا من ذلك فإن الأرجح أن تتشكل أغلبية رئاسية من ثلاثة كتل أو أربعة بعد تشريعيات 12 جوان، ليسمي رئيس الجمهورية وزيرا أولا ويحتفظ بتعيين وزراء السيادة، بينما توزع باقي الحقائب على الكتل المشاركة في الأغلبية الرئاسية.

متعلقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى